السر المكتوم حول أسباب الإشكالات في السوبرماركت

قاسم مرواني

الجمعة 2021/03/26
تداول كثيرون على نطاق واسع، مقطع فيديو لإشكال بين أشخاص عديدين، من منطقتين مختلفتين، في سوبر ماركت "رمال" في بلدة كفردونين في جنوب لبنان، على خلفية الحصول على المواد الغذائية المدعومة.
أقدم مئات الشبان على اقتحام السوبرماركت، والاعتداء على موظفيها. وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات كثيرة عن الإشكال، حيث تدخل الجيش اللبناني لإخراج الموظفين من المركز التجاري وفض الإشكال. 

وزعم ناشطون أن الاشكال وقع بين أهالي قرية خربة سلم، وقرية الشهابية، المحاذيتين لقرية كفردونين، وعلّق آخرون على الإشكال بأن الجوع والحاجة هما ما يدفع الناس للتدافع على المتاجر والحصول على البضائع المدعومة. 

وبقيت أسباب الإشكالات ضمن إطار الحديث عن العوز والأزمة الاقتصادية، فيما المشاهد تتكرر منذ أسبوعين على الأقل، وتنتقل من منطقة لبنانية الى أخرى. 
لكن الواقع يتبين أنه في مكان آخر. إذ روت مديرة "سوبرماركت الرمال"، فرع كفردونين، السيدة نرجس جشي لـ"المدن"، ما حصل صباح الخميس 25 آذار، إذ بدأ المواطنون بالتوافد منذ الساعة السابعة والنصف، أي قبل افتتاح السوبرماركت، وتجمعوا بأعداد كبيرة أمام المدخل الرئيسي.

أول الواصلين، بحسب جشّي، كانت سيارة "رابيد" فيها ثمانية أشخاص بين رجال وأطفال ونساء، مضيفة أن ما تحويه السوبرماركت من البضائع المدعومة لا يكفي لكل هذا العدد من المواطنين، ما دفعها إلى طلب المساعدة من الجيش اللبناني مخافة حصول إشكالات. 

عند الساعة الثامنة والربع، "فتحت باب السوبرماركت لإدخال الموظفين، إلا أن حشد المواطنين حاول اقتحام السوبرماركت مطلقين شعارات (ثورة ثورة) وقام الجيش اللبناني بصدّهم". وتضيف: "عندها اتصلت بصاحب السوبرماركت الذي طلب مني إغلاقها ريثما تقوم القوى الأمنية بإعادة فرض الأمن"، وتتابع: "ساعدنا الجيش اللبناني على الخروج من السوبرماركت حيث تعرضنا للاعتداء من قبل المواطنين الذين قاموا بشتمنا والتهجم علينا".
 
وتشهد المتاجر الغذائية، في مختلف المناطق اللبنانية، إشكالات يومية وتزاحماً للمواطنين على المواد الغذائية، وتعود هذه الإشكالات بالنسبة إلى السيدة نرجس، إلى جشع جزء كبير من المواطنين والتجار وليس بسبب الحاجة فقط. وتقول: "الوجوه نفسها تتجمع كل يوم أمام السوبرماركت للحصول على البضائع المدعومة، جزء كبير منهم هم من أصحاب الدكاكين الصغيرة الذين يشترون البضائع المدعومة ثم يغيرون الملصقات ويبيعونها بسعر أعلى، حتى أن بعض المواطنين يبيعون السلع من منازلهم". 

المشكلة، كما تصفها السيدة نرجس، تتمثل في عدم القدرة على تحديد الكمية المسموح بشرائها، فالمواطن يحاول الحصول على قدر ما يستطيع من البضائع ويأتي مصطحباً أولاده وأقاربه"، وتضيف: "حين نحاول منع أحد المواطنين من شراء أكثر من قنينة زيت واحدة، يبدأ بالتهجم علينا وقد تعرضت شخصياً للعديد من المضايقات"، مشيرة إلى أن "هذه الأنانية تؤدي إلى حرمان الفقراء والمحتاجين الحقيقيين من السلع المدعومة".

تحتوي سوبرماركت الرمال على العديد من المواد المدعومة، من عدس وباستا وباريلا وحمص وغيرها، وكلها معروضة على رفوف السوبرماركت، بحسب السيدة نرجس، إلا أن المشاكل والتدافع يقعان لدى وصول الزيت والسكر المدعومين. 

والحال أن تلك الإشكالات اليومية، تعود بشكل أساسي الى ضعف الآليات التنفيذية لتوزيع المواد المدعومة من قبل السلطات اللبنانية، وغياب إرادة حقيقية لدى الحكومة لوضع حد للتهريب ولجشع التجار وبعض المواطنين على حد سواء. فلو تم إصدار بطاقات ممغنطقة لتنظيم التوزيع، بحسب كل عائلة، لكانت السلطات وفرت على نفسها الملايين، كما كانت لتوفر على القوى الأمنية مهمات إضافية مرتبطة بالحد من الإشكالات في مراكز التسوق. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024