هكذا تغير "أنستغرام" إلى مساحة للنشاط السياسي

المدن - ميديا

الإثنين 2020/10/05
كانت صور الشواطئ والأطباق الشهية تترك مساحة قليلة للشعارات البيئية والنسوية عبر "إنستغرام"، غير أن حركة مناهضة العنصرية ووباء كوفيد-19 سرّعا تحوّل الشبكة إلى منصّة محببة لدى الناشطين بعد عشر سنوات على إطلاقها.

وقالت ريبيكا ديفيس التي أنشأت حساب "رالي أند رايز" المخصص للالتزام السياسي في القضايا اليومية العام 2016: "شعر مستخدمون كثر ببعض الازدراء إزاء فكرة نشر صورة كوب من العصير لدى التفكير بما يحلّ بالناس من البطالة والأمراض والعنصرية وما إلى ذلك"، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وخلال الأشهر الماضية، ازداد عدد متابعيها بأكثر من الضعف، من 10 آلاف إلى 24 ألفاً. وأوضحت الشابة المتحدرة من نيويورك: "الأمر لا يعني أننا لم نعد قادرين على نشر صور جميلة، لكن بات هناك بحث عن التوازن".

وفي أيار/مايو الفائت، أثار مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد خنقاً تحت ركبة شرطي أبيض، موجة تظاهرات في الولايات المتحدة رفضاً للعنف الممارس من جانب الشرطة والتمييز العنصري المستمر حتى اليوم. وبالموازاة، انعكست تدابير الحجر المتصلة بوباء كوفيد-19 ازدياداً كبيراً في الوقت الذي يمضيه المستخدمون على شبكات التواصل الاجتماعي. وعلى مشارف الانتخابات الأميركية وفي ظل انتشار الأخبار الكاذبة، "يتوق الناس بشدة إلى نصائح وإرشادات للتحرك"، وفق ريبيكا.

إلى ذلك، تكاثرت في الفترة الأخيرة الدعوات لتوقيع العرائض أو تقديم التبرعات أو توجيه رسائل نصية إلى هواتف المسؤولين. وسلّم مشاهير من بينهم هيلاري كلينتون وكورتني كارداشيان إدارة حساباتهم مدة 24 ساعة لشخصيات من الأميركيين السود بهدف إيصال صوتهم على نطاق أوسع.

وقالت إميلي باترسون المسؤولة عن شبكات التواصل الاجتماعي في منظمة "إيه سي أل يو" النافذة للدفاع عن الحقوق المدنية، أن "إنستغرام أداة أكثر فعالية في التعبئة السياسية من المنصات الأخرى". لكن هذه الإمكانات السياسية لتطبيق تشارك الصور الذي تخطى عدد مستخدميه المليار العام 2018، لم تُكتشف في 2020.

والحال أن العام 2016 شكل منعطفاً أول في هذا المسار مع إطلاق خاصية القصص (ستوريز)، وهي منشورات تزول تلقائياً بعد 24 ساعة. وأضافت الشبكة تدريجاً أدوات لتشارك المضامين. كما أن أفراد الفئات المستهدفة بصورة خاصة من الحركات السياسية، وهم المراهقون والبالغون الشباب، ناشطون بقوة عبر "إنستغرام".

وأوضحت إميلي باترسون: "في فايسبوك، هناك أيضاً الأهلك والحبيب السابق وجميع الناس الذين التقيتموهم حتى ولو مرة واحدة. أما أنستغرام فيضم مزيجاً جيداً من الأصدقاء والمجتمعات التي تهمّ المستخدمين والمنظمات الملتزمة. وهي المنصة التي يمضي فيها الناس الوقت الأطول".

وسُجلت نتائج ملموسة في هذا الإطار، كما حصل خلال حملة ضد إجراءات السلطات الأميركية بفصل الأطفال عن أهاليهم المهاجرين على الحدود مع المكسيك، حسبما أوضحت باترسون: "تلقينا شكاوى من محامين عن الحكومة سئموا من حملات الناس ضدهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وكانت تحصل بشكل رئيسي في إنستغرام".

في سياق متصل، استقطبت الناشطة السويدية الشابة غريتا ثونبرغ من أجل المناخ آلاف الشباب من حول العالم دعما لكفاحها، خصوصا في "إنستغرام" الذي أظهر فعالية في حشد مزيد من الداعمين للقضايا البيئية، وهو ما تجلى بعد انتشار صور دببة قطبية تخسر موائل عيشها الطبيعية أو حيوانات كوالا مصابة بعد حرائق أستراليا.

وفي مصر، شكّل حساب في "إنستغرام" بعنوان "assault police" (شرطة التحرش) شرارة انطلاق حركة نسوية ضد التحرش الجنسي، من خلال نشره شهادات من ضحايا هذه الارتكابات الشائعة في البلاد.

ويتحدث الناشطون والجمعيات خصوصاً عن تنوع الأدوات التي تقدمها "إنستغرام"، ومن إمكانية نشر منشورات بنسق "طويل" تتيح لهم على سبيل المثال عرض سلسلة أفكار وحجج مختلفة لدعم قضاياهم. وقال عالم المناعة الأميركي د. نوك الذي استحال ناشطاً علمياً مع بدء تفشي جائحة كوفيد-19 لتفسير ماهية الفيروس: "الناس يستخدمون التطبيق بداية من أجل الترفيه، يجب اعتماد عنصر المباغتة" لاجتذابهم.

ويمضي هذا العالم البارز ساعات طويلة في إعداد فيديوهات لتطبيق "تيك توك" يعيد نشرها في ما بعد على "إنستغرام"، حيث يتابعه 20 ألف شخص، مقابل 200 ألف آخرين في "تيك توك". ويشير إلى أن "خوارزميات تيك توك تتيح مزيداً من النمو، بصرف النظر عن عدد المتابعين".

ويشكّل التطبيق الجديد الذي يضم 700 مليون مستخدم حول العالم، مصدر تهديد لـ"إنستغرام" في السباق على لقب أكثر التطبيقات رواجاً في المرحلة الحالية. ويفضل ناشطون كثر التطبيق المملوك لشركة "بايت دانس" الصينية على نظيره التابع لشبكة "فايسبوك" الأميركية لناحية مساعدته على الانتشار السريع للمقاطع المصوّرة. لكنهم مع ذلك يحتفظون بحسابات في "إنستغرام" للمنشورات المرتبطة بالحياة الخاصة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024