إسرائيل تحذر من عملية لـ"حزب الله"..في غمرة الانشغال بكورونا

أدهم مناصرة

السبت 2020/03/21
ثلاثة أسئلة لا يتردد إعلام إسرائيل وصحافتها في إثارتها، في ذروة الانشغال بمواجهة تفشي "كورونا"؛ الأول عما إذا كان وباء "كورونا" سيؤجل المعركة الإقليمية، والثاني هو هل سيضعف الوباء "أعداء إسرائيل" لدرجة التلاشي؟.. وأما الثالث فيحاول أن يتنبأ بحجم الأزمة وتأثيرها في إسرائيل والولايات المتحدة والدول العظمى.   

في غضون ذلك، ذكرت صحيفة "معاريف" أن إسرائيل نقلت رسالة تحذير إلى لبنان عبر "اليونيفيل" من مغبة قيام "حزب الله" بعملية ضدها، "مُستغلاً الإنشغال بالظرف الوبائي الحالي".. وإن صحّ ما نشرته الصحيفة العبرية بهذا الصدد، فإنه يعكس مخاوف أمنية متعاظمة لدى تل أبيب في غمرة انشغالها بمواجهة الوباء، وهي حالة غير مسبوقة بالنسبة لها.

ويأتي ذلك في غمرة التحليلات الإسرائيلية الدعائية حول لبنان وسوريا والعراق وايران، في ظل انتشار فيروس "كورونا". فالاسئلة آنفة الذكر التي يطرحها الإعلام العبري، هي ذاتها التي تشغل الدوائر الإستراتيجية في تل أبيب عن كثب فتتصدر النقاشات والدراسات.. وقد عكسها مقال كتبه الباحثان في معهد دراسات "الأمن القومي" الإسرائيلي إيتي بارون، وياعيل غات، حيث نُشر في موقع "مباط عال"، الجمعة.

يرى المقالُ التحليلي الذي جاء بعنوان "أزمة فيروس الكورونا والأمن القومي - ملخص نقاش خاص"، أن فرص التصعيد في الشرق الأوسط تراجعت جرّاء انشغال كل اللاعبين الإقليميين بالأزمة، رغم أن التقارير الرسمية تشير إلى أن تفشّي فيروس الكورونا في دول الشرق الأوسط محدود الحجم، باستثناء إيران.. مع ذلك، يستدرك المقال الإسرائيلي "من المعقول أن التقارير لا تكشف الوضع كما هو، وذروة تفشّي الفيروس في الشرق الأوسط لا تزال أمامنا".

الغريب أن الدوائر الإستراتيجية الإسرائيلية تتحدث بمقالاتها في الصحافة عن السيناريوهات والتنبؤات الخاصة بأزمة كورونا في دول الشرق الأوسط، وكأنّ إسرائيل أقلّ تضرراً ويمكن لها أن تسيطر في الوقت المناسب على الوباء، رغم الإشارات الإعلامية التي تظهرها عكس ذلك، بدليل الزيادات الهندسية "المُخيفة" في أعداد المصابين وتسجيل أول حالة وفاة لـ"ثمانيني" في إحدى المشافي الإسرائيلية.. علاوة على الحديث عن سيناريوهين قد تواجهه إسرائيل، الأول متفائل بعنوان "دولة تعاني انفلونزا"، والثاني متشائم "دولة في منع تجول أو مريضة".

يعتقد باحثو "الأمن القومي الإسرائيلي" أنه يمكن أن تشكل المنطقة وكراً ملائماً لانتشار خطير للفيروس بسبب الكثافة السكانية الكبيرة في جزء من المدن، وبسبب ملايين اللاجئين والنازحين في المنطقة. هذا الانتشار سيؤدي إلى أزمة إنسانية عميقة واسعة، وإلى تعميق المشكلات الأساسية التي تهدد استقرار الأنظمة، وفق رأيهم... لكن قولهم هذا يثير التساؤل "وماذا عن إسرائيل؟!"

الواقع، أن هذه المقالات الإسرائيلية تعكس حقيقة أن الأمن القومي أفرج عن تحليلات في ما يخص إيران والمنطقة العربية وحتى العالم، لكن في ما يخصّ إسرائيل فإنه تحدث في الإعلام عن جوانب محددة لإثارة الحرص لدى صُناع القرار في الدولة العبرية، بينما أبقى معلومات وقراءات أخرى طي الكتمان والسرية، من باب "أن كشف كامل السر يعني تعرية نقاط الضعف أمام العدو".

بالنسبة إلى إيران، يسردُ التحليل الإسرائيلي تحديات عديدة أمام النظام الإيراني قد فاقمها تفشّي الكورونا حيث "أصاب النظام في واحدة من فترات الحضيض الأكثر عمقاً بالنسبة إليه"؛ على رأسها: أزمة النفط المستجدة، بالإضافة إلى أوضاع اقتصادية صعبة، الثقة المتدنية كثيراً في النظام، وإنكاره الأزمة، إضافة إلى ما سمّاها كتّاب إسرائيليون بـ"طريقة تعامله الفاشلة معها" - كل ذلك يعمق أزمة الثقة حياله وسط الجمهور.

ثم تربط الدوائر الإستراتيجية الإسرائيلية ما سبق من تحديات إيرانية ذاتية بالمدلولات الأمنية والعسكرية؛ إذ رأت أنه رغم احتمال حدوث تصعيد غير مخطَّط له بين إيران والولايات المتحدة تجسّد الأسبوع الماضي بعد إطلاق صواريخ على قاعدة أميركية.. إلا أن هذه الدوائر الإسرائيلية تعتقد أنه يبدو في المدى الزمني القريب أن تأثير تفشّي الفيروس في إيران سيلجم "سياسة الاستفزاز الإيرانية ويقيدها" - سواء في الساحة الإقليمية أم في المجال النووي.

الواقع، أن القراءات الإعلامية وحتى الإستراتيجية في تل أبيب تبدو متضاربة بعض الشيء أو كأنها غير قادرة على فهم الظرف الإيراني الحالي وتحليله بدرجة عالية الدقة.. فبينما تتحدث عن إمكانية أن تقوم إيران، تحت غطاء أزمة كورونا، بتسريع تقدمها في المجال النووي ما يفرض متابعة واستعداداً، إلا أنها تعود وتؤكد أن هذا الاحتمال يبقى ضئيل المعقولية حتى هذه الساعة.. ثم، تتنبأ أنه في المدى الأبعد، بعد عدة أشهر، من المتوقع عودة إيران إلى "سياسة الاستفزاز"، وفقاً لها.

وبالنسبة للبنان، فقد وضعته صحافة إسرائيل في سياق "المتضرر من إيران سياسياً إقتصادياً وحتى.. وبائياً"؛ فتصف إسرائيل إيران اليوم بأنها تشكل "مصدر وباء" للدول التي تدخل ضمن ما أسمته "المحور الراديكالي - الشيعي (العراق، وسوريا، ولبنان)"، على حد تعبيرها.
 وتُحمّل القراءات الإعلامية الإسرائيلية إيران مسؤولية وصول الوباء إلى لبنان، حيث قال الباحثان الإسرائيليان إيتي بارون، وياعيل غات- المحسوبان على معهد "الأمن القومي"- إن تفشّي الوباء في العراق ولبنان وسوريا له علاقة بهيئات تواصلت مع وفود قدمت من إيران. 

هذه القراءات ركزت على حالة لبنان بأسلوب ربط الشق المطلبي المدني بذلك السياسي والحزبي مع إظهار الفجوة في ما بينهما.. فقد ادعت أنه جرى استخدام الضغط الشعبي لوقف الرحلات على خط بيروت - إيران نظراً إلى الضرر الذي تسببت به هذه الرحلات. وذهبت التقديرات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك في تفسير هذا الأمر حينما قالت "يمكن التقدير أن انعكاس ذلك على تفشّي الفيروس يزيد من عدم الرضا الشعبي الموجود أصلاً تجاه التدخل الإيراني في لبنان". وتستدرك: "أيضاً الرحلات إلى سوريا تم إلغاؤها".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024