حملة فلسطينية ناجحة ضد"المنسق"..وأدرعي الهدف التالي

أدهم مناصرة

الأربعاء 2018/12/26
#احنا_أو_المنسق.. بهذه الحملة الإلكترونية أراد الناشط معتصم سقف الحيط (29 عاماً) أن يُعلي صوته ويقول للفلسطينيين: كفى إعجاباً بالصفحة الفايسبوكية "المنسق" الخاصة بما يسمى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.


ويتولى منصب "المنسق" الآن، كميل أبو ركن (58 عاماً) وهو عربي من قرية عسفيا الواقعة شمال الخط الأخضر، خلفاً ليؤاف (بولي) مردخاي. ولعلّ اختيار ابو ركن كشخص عربي لإدارة "بروباغاندا إعلامية" عبر صفحته الفايسبوكية ليس من قبيل الصدفة الإسرائيلية، بل هو تكريس للدعاية أمام العرب المُعجبين بالصفحة، والقائلة أن "إسرائيل لا تميز بين عربي ويهودي.. بل هي عادلة لكل مواطنيها".

ويقول سقف الحيط في حديث مع"المدن" أن فكرة الحملة التي أطلقها السبت الماضي، كانت "متولّدة لديه منذ الوهلة الأولى"، لكنه أطلقها الآن بعدما فاض به الكيل وباتت مضار صفحة "المنسق" كبيرة جداً، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في كون الضاغطين على "إعجاب الصفحة" مِن الفلسطينيين لا يدركون هذه المضار بشكل واضح.

ويتابع سقف الحيط: "التعليقات التي نراها على صفحة المنسق تثير الاستفزاز جداً، لذلك شعرت بمسؤولية ملحة ويجب عليّ القيام بها كصحافي وناشط، بشكل يدفع الناس إلى الإستجابة لمطلب إزالة خاصية (الإعجاب- Like) والتنبه لخطورة الأمر"، مضيفاً حول مدى الاستجابة لحملته التي أطلقها في "فايسبوك و"تويتر"، أن نحو 360 صديقاً له في صفحته الشخصية، كانوا ممن وضعوا "لايك" على صفحة المنسق. ولكن ما أن انطلقت الحملة المذكورة حتى أزال نحو 200 منهم الإعجاب عنها.

إلى ذلك، أكد سقف الحيط أنه في غضون ثلاثة أيام لإطلاق الحملة، تم رصد نحو عشرين ألف حساب في "فايسبوك"، معظمها يعود لفلسطينيين، أزالوا "اللايك" عن صفحة المنسق، وهو الأمر الذي اعتبره سقف الحيط مؤشراً قوياً على مدى تأثير حملته وتكوينها رجع الصدى المطلوب والذي لا يُمكن الاستهانة به.

والحال، أن خاصية الإعجاب الافتراضي لصفحة المنسق التي يتابعها الفلسطينيون، لا تعني بالضرورة إعجاباً فعلياً بها على أرض الواقع، وإنما هي خاصية تفرضها "فنيات" مواقع التواصل، كي يراقبوا ما يدور على هذه الصفحة من دعاية إسرائيلية، من باب انه لا يُمكن للفلسطيني أن يحشر نفسه في "بوتقة" ولا يدري ماذا يقول عدوه تحت مبرر أنه لا يجب الإستماع له خوفاً من التأثر بروايته. فتوفير الدعاية الفلسطينية المضادة تتطلبُ اطلاعاً ومراقبة دقيقة لما يُنشر على متن صفحة "المنسق".

رغم ذلك، يقر سقف الحيط، المحرّر من سجون الإحتلال الاسرائيلي منذ عام، بعد ستة اعوام متواصلة قضاها وراء القضبان، أنه ليس كل من يتابع صفحة "المنسق" معجب بها بالضرورة، لكنه أكد في الوقت ذاته أن هناك قسماً من الفلسطينيين يتفاعل مع منشورات الصفحة ويطلب استعطافاً إسرائيلياً، مثل "حرية السفر" ووقف "المنع الأمني" وغيره، باعتبار أن الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلي هي الحاكم الفعلي لكل من الضفة الغربية وقطاع غزة. فيكرّس هؤلاء بذلك دعاية تجميل صورة الاحتلال ومؤسسته الأمنية والعسكرية.

ولم ينسَ سقف الحيط تلك الفئة الضاغطة على زر الإعجاب بصفحة المنسق، لترميه بسيل من السباب والشتائم. غير أنه حتى إن كان الأمر كذلك، فإنهم يساهمون بالترويج والتسويق لصفحة المنسق وباقي الصفحات الإسرائيلية الأخرى من دون قصد. "فمجرد كتابة التعليقات يعني أن تثير انتباه أصدقائك الافتراضيين لهذه الصفحة وربما ينضمون إلى طابور المعجبين بها في أعقاب ذلك".

في السياق، تطرق سقف الحيط إلى شريحة من الفلسطينيين ممن أعجبوا بصفحة المنسق سهواً ومن دون أن يعرفوا أنهم فعلوا ذلك من الناحية الفنية والإجرائية. ويبين أنه لمس هذه الفئة مؤخراً من خلال أصدقائه الذين اكتشفوا بسبب حملته، أنهم كانوا معجبين بالصفحة الفايسبوكية الخاصة بـ"المنسق"، فما كان منهم إلا أن سارعوا إلى إزالة الإعجاب.

ويبدو أن القائمين على صفحة "المنسق" يتابعون عن كثب حملة #احنا_أو_المنسق وأي حملات من هذا النوع. فما أن نشر معتصم فيديو يتحدث فيه عن ان الكثير ممن صُنفوا على قائمة المعجبين بالصفحة، لم يكونوا على دراية بذلك، لكونهم ضغطوا بالخطأ على زر الإعجاب، حتى جاء الرد من "المنسق" عبر منشور على صفحته يقول فيه "صفحة #المنسق على الفايسبوك ستحتفل قريباً بنصف مليون لايك!.. كونوا معنا"، ثم ينهيه بهاشتاغ #نصف_مليون_بيغلطوش.

ولعل الهاشتاغ الاخير دليل على أن هناك متابعة ورصد إسرائيلي لحملة #احنا_أو_المنسق، وقد تجسد بالرد الضمني عليها. ولهذا، يدرك سقف الحيط ومعه القائمون على الحملة، أن هناك مراقبة دقيقة للحملة من قبل المخابرات الإسرائيلية أولاً بأول، مُبيناً أنه "على هذا الأساس رد علينا المنسق بذلك البوست".

ووجه سقف الحيط نصيحة للصحافيين والمراقبين، بأنه يتفهم أن بحكم مهامهم عليهم أن يراقبوا مضامين صفحة "المنسق" وما تتضمنه من دعاية للرد عليها ودحضها، "لكن رغم ذلك بإمكانهم أن يتابعوها من دون اللجوء إلى الضغط على كبسة الإعجاب"، مضيفاً "إنك كصحافي أو شخص واع لزيف دعاية المنسق قد يكون لديك صديق على صفحتك لا يعي خطورة هذه الصفحة فيقع ضحية لأكاذيبه ويتأثر بمنشوراته ويصدقها، عدا أن هذه الصفحات الإسرائيلية تقوم بجمع معلومات أمنية، فضلاً عن تجميل صورة المنظومة الإسرائيلية برمتها أمام العرب".

وعن مستقبل الحملة قال سقف الحيط: "اذا نجحت الحملة سنوسعها لتشمل صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي، بالإضافة إلى صفحات تابعة لجهات أمنية إسرائيلية، حتى يتنبه الجميع لخطورة المشاركة في تسويق هذه الصفحات والترويج لها وتحقيق أهدافها من دون علم"، مضيفاً: "لنعمل كناشطين وصحافيين ومجتمع فلسطيني يداً بيد حتى نضع حداً لظاهرة متابعة الصفحات الإسرائيلية على مواقع التواصل الإجتماعي. فإذا لم تؤثر عليك، ستؤثر على صاحبك".

يذكر أن "المنسق" يبتدع وسائل وطرقاً بين الحين والآخر لتوسيع دائرة متابعيه، مثل نشر الفيديوهات والبرامج في "فايسبوك"، عدا عن موقعه الإلكتروني، وإتاحة ايقونات للتواصل المباشر مع الفلسطينيين، مروراً بـ"راديو المنسق" الإلكتروني الذي اعلن عن إطلاقه، بالإضافة لتوظيف تطبيق "تيليغرام" للرسائل النصية كمنصة لهذا التواصل مع "المنسق".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024