مناورة لمصلحة الحرس الثوري؟.. عودة "غاندو" إلى التلفزيون الإيراني

المدن - ميديا

الثلاثاء 2021/09/07
عاد مسلسل الجاسوسية الإيراني "غاندو" إلى شاشة التلفزيون الحكومي بعد توقفه لأشهر من دون إعطاء اي تفسير، بعدما أثار هذا العمل الذي يمزج الأحداث الحقيقية بتلك الروائية المتخيلة جدلاً سياسياً إذ انتقده المعتدلون فيما امتدحه المحافظون المتشددون.

وشرعت المحطة في عرض الحلقات المتبقية من الموسم الثاني في تموز/يوليو، بعد أكثر بقليل فوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية.

وتُعرض من المسلسل الذي يمجّد الحرس الثوري، كل أسبوع، خمس حلقات، مدة كل منها 45 دقيقة، على مدى أكثر من سبعة أسابيع بقليل، وينطوي العمل على هجمات وتلميحات ضد حكومة الرئيس السابق حسن روحاني المنتمي إلى التيار المعتدل.

ويُعتبر روحاني مهندس سياسة الانفتاح التي أفضت العام 2015 إلى إبرام الاتفاق الدولي مع إيران في شأن برنامجها النووي، لكنّ سياسة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وتوجهات المحافظين المتشددين في الداخل الإيراني، نسفت نجاحه الدبلوماسي اعتباراً من العام 2018.


واندلع جدل محتدم في شأن مسلسل "غاندو"، بعد الحلقة السادسة منه في آذار/مارس الفائت، إذ تناولت جاسوساً ضمن الفريق الإيراني المفاوض في شأن البرنامج النووي، وما لبث عرض المسلسل أن توقف من دون تعليل، بعد الحلقة الثالثة عشرة.

ويُطلق إسم "غاندو" اساساً على نوع من التماسيح الإيرانية، وهو يشير في المسلسل إلى البطل محمد، وهو عميل لحساب الحرس الثوري يتولى التجسس المضاد، ويكمن للأعداء كما يتأهب التمساح للانقضاض على فريسته. ويرصد محمد وزملاؤه، كل جاسوس أجنبي، بمجرد وصوله إلى الأراضي الإيرانية، خصوصاً إذا كان ينتمي إلى جهاز "إم آي 6" البريطاني. ويعطي "غاندو" عن الحكومة السابقة، وخصوصاً عن السلك الدبلوماسي، صورة مجموعة شخصيات وضيعة وجبانة وفاسدة.

وأعلنت السلطة القضائية نهاية شهر آب/اغسطس، إدانة شخصين، أحدهما بتهمة "الفساد"، والآخر بتهمة "التجسس" بعد التحقق مما "كشفته" بعض المسلسلات. وقالت: "كانت هناك ملفات أخرى قيد المراجعة". وأكدت أنها عاكفة على "النظر في ملفات أخرى". ورأى عدد من المعلقين في إيران أن "غاندو" يشكّل جزءاً من مناورة لزعزعة حكومة روحاني.

وبعد وقف عرض المسلسل في الربيع، أفاد بعض وسائل الإعلام الإيرانية بأن الحكومة وجهت رسالة إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، تندد فيها بالضرر الذي يسببه المسلسل لعمل السلطة التنفيذية.

واتُّهم عدد من الشخصيات المنتمية إلى تيار المحافظين المتشددين، حكومة روحاني، بالوقوف وراء وقف عرض المسلسل، وهو ما نفته الحكومة. أما وزير الخارجية في حكومة روحاني، محمد جواد ظريف، الذي تعرّض للسخرية في حلقات الموسم الأول العام 2019، فكان قد وصف "غاندو" بأنه "كذبة من البداية إلى النهاية" تسببت له شخصياً بإساءة بالغة. أما صحيفة "كيهان" المحسوبة على المحافظين المتشددين فأشادت من جهتها في آب/أغسطس بما كشفه "غاندو"، خصوصاً في ما يتصل بعلاقات "كبار المسؤولين" مع السفارات الأجنبية "وأبرزها السفارة البريطانية".

ويُستهل الموسم الثاني بمشهد في مكان صحراوي يلمح إلى أن عملاء فرنسيين سلّموا طهران المعارض الإيراني في المنفى، روح الله زم ،الذي أعلن الحرس الثوري توقيفه العام 2019. وما لبث زم، الذي عاش سنوات في فرنسا، أن أُعدِم شنقاً في كانون الأول/ديسمبر 2020. ويتناول المسلسل مطاردة الجاسوسة البريطانية، شارلوت، التي تعمل في طهران تحت غطاء دبلوماسي.

وكما في المسلسلات الأميركية من هذا النوع، يدير خبراء التجسس المضاد في الحرس الثوري عملياتهم من قاعة كبيرة مجهزة بأحدث الشاشات. ولا يتردد المسلسل في كسر بعض المحرّمات. فمع أن الحجاب في الجمهورية الإسلامية، إلزامي لجميع النساء في الأماكن العامة، ومع أن الرقابة تفرض على الممثلات وضع الحجاب في كل الظروف، تظهر شارلوت التي تؤدي دورها ممثلة منتمية إلى الأقلية المسيحية الأرمنية، حاسرة الرأس في مشاهد داخلية عديدة. ومع اقتراب الموسم الثاني من نهايته، بدأ الحديث منذ اليوم عن جزء ثالث عن المفاوضات النووية.

وكتب السفير البريطاني الجديد سايمون شيركليف، في 28 آب/أغسطس، في منشور باللغة الفارسية عبر حسابه في "تويتر": "على أي حال، أحب حقًا الموسم الثاني من غاندو". وما كان من رئيس دائرة الإنتاج السمعي والبصري الإيرانية، عبد العالي علي أصغري، إلا أن ردّ عليه الأحد قائلاً: "إذا كان يقدر (المسلسل)، نقترح أن تعرضه هيئة الإذاعة البريطانية". 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024