"دولار" عادل كرم.. استخفاف "نتفليكس" بالمُشاهد العربي؟

يارا نحلة

الخميس 2019/08/15
بعد تجربةٍ أولى شبه فاشلة مع مسلسل "جنّ" الأردني، أطلقت منصة "نتفليكس" ثاني أعمالها العربية الأصيلة، وهو سلسلة "دولار" التي تجمع عادل كرم وأمل بشوشة إلى جانب عدد من الممثلين اللبنانيين والسوريين. يضمّ العمل 15 حلقة وقد تمّ تصويره في لبنان، وهو من إخراج سامر البرقاوي وإنتاج شركة "صباح أخوان".
تدور أحداث المسلسل حول ورقة نقدية من فئة دولار تحمل رقماً متسلسلاً يخوّل صاحبها ربح مليون دولار كجائزة يقدّمها مصرف إفتتح حديثاً. يتابع المشاهد إنتقال ورقة الدولار الرابحة من مكان إلى آخر ومن يد إلى يد، فيما يطاردها بطلا المسلسل: طارق (عادل كرم) وهو مصمم الإعلانات الذي إبتكر الفكرة التسويقية للبنك، وزينة (أمل بشوشة) وهي المديرة المالية للبنك، والشخصية الوحيدة التي تعرف الرقم المتسلسل للدولار الرابح. يعاني طارق من ضيق أحواله الاقتصادية بعد إنفصاله عن زوجته الثرية، أما زينة فهي ليست راضية عن أسلوب حياتها الباذخ الذي يموّله خطيبها (شقة فخمة، وسيارة Range Rover)، وتريد المزيد. يقرّر البطلان توحيد قواهما للإستحصال على الدولار السائب بهدف تقاسم الجائزة بينهما.

تمتدّ مغامراتهما على مدى 15 حلقة تقدّم كل منها قصة جديدة وشخصيات ثانوية تدور في فلك الدولار المطارد. فهو يكون حيناَ في يد صاحب "إكسبرس" (عباس جعفر) يواجه صراعاً مع عائلة زوجته التي تزوجها "خطيفة". نراه فيما بعد في عهدة امرأة (كارمن لبس) مؤسسة لنادي- أو ما يشبه cult- للنساء المطلقات. ثمّ يقفز إلى يد عصابة سرقة ومخدرات ثم إلى جامعٍ وهكذا دواليك...



تقدّم هذه القصص الفرعية في قالب تشويقي كوميدي يسير بالتوازي مع الحبكة الأساسية التي تركّز على العلاقة التي تجمع البطلين وهي علاقة تتذبذب بين الرومانسية والعداوة. 

الملفت في هذا العمل المشترك الذي يضمّ فريق عمل من جنسيات لبنانية، سورية وجزائرية أنه يخرج من إطار الموضوعات المبتذلة كعلاقات الحب والزواج والخيانة. كما يرى المشاهد صورة غنية بمعالم بيروت تظهر فيها أحياء المدينة وأزقتها. فنرى عامل "الإكسبرس"، محلّ الصاج، عصابة التسول، نوادي "المعاملتين"...

هذه الصورة نراها من زاوتين مختلفتين؛ من أعلى المدينة عبر عدسةٍ جوية تبرز تفاصيلها الكثيرة، ومن أسفلٍ  عبر  المشاهد الخارجية التي صورت في مواقع متعدّدة. وهو أمر لم نعهده في المسلسلات اللبنانية التي تكاد كاميراتها لا تفارق القصور والمطاعم الباذخة أو تبقى أسيرة شارع أو إثنين من شوارع المدينة. 

إلا أن تعدّد القصص وتشعب الحبكة يأتي على حساب البناء الدرامي للشخصيات. فبالرغم من تركيز العمل برمته على شخصيتين أساسيتين، فإنه يفشل في بلورة خصائصها على نحو مقنع ومتماسك، كما أنه يهمل خلفيتها وتركيبها النفسي. فلا نفهم من أين أتت الشخصيتان وإلى أين هما ذاهبتان. لا نجد مبرراً ولا دافعاً لما تفعلانه، كما أنها تحفل بالتناقضات؛ فهي شخصيات ودودة وعدائية في الوقت عينه، أنانية حيناً ومعطاءة في حين آخر، لاهثة وراء المال ومترفعة عنه. 

أما من ناحية الحبكة الدرامية فهي تبقى ناقصة. فالعامل الكوميدي لا ينضج بما فيه الكفاية لإضحاك المشاهد، إذ تبدو المغامرات المتعاقبة وكأنها مكدّسة الواحدة فوق الأخرى دون أن يؤدي تراكمها إلى تعزيز البعد الكوميدي المرغوب. والأمر نفسه ينطبق على عامل التشويق، فتوقع المشاهد لما سيحدث لاحقاً، أي خسارة الدولار فور إيجاده، يبدّد التشويق والترقب، مع إنفصال أحداث القصة عن بعضها وعدم وجود سياق يحافظ على تماسكها. 

الجدير بالذكر هو أن عادل كرم أصبح من الممثلين العرب الأكثر ظهوراً في منصة "نتفليكس"، فبالإضافة إلى عرضه الكوميدي "Adel Karam Live From Beirut" من إنتاج "نتفليكس"، تعرض المنصة أيضاً فيلم من بطولته هو "بغمضة عين". أما المخرج سامر البرقاوي، فهذا عمله الثاني الذي يتمّ عرضه في نتفليكس بعد "الهيبة". 

وقد تمّ صنع هذا المسلسل بهدف بيعه لـ"نتفليكس"، ويبدو ذلك واضحاً في أسلوب طرح العمل، بدءاً بحلقاته الـ15 عوضاً عن ثلاثين حلقة كما جرت العادة في المسلسلات العربية. وقد صرّحت شركة الإنتاج في إحدى مقابلاتها أنها عازمة على دخول سوق المسلسلات العالمي، وهي من أجل ذلك قد بذلت جهوداً مضنية ودرست السوق العالمي بتمعّن. 

تبالغ شركة الإنتاج قليلاً في طموحها بالوصول إلى العالمية وهي لم تسيطر بعد على السوق اللبناني الذي تستثني شرائح واسعة منه، ولا سيّما فئة الشباب نفسها التي تشكّل نسبة كبيرة من مشاهدي منصات مثل "نتفليكس". فلماذا تجاهل المشاهد العربي المتعطش لدراما وسينما محلية ذات جودة عالية؟ وخصّ المشاهد الأجنبي، في المقابل، بالإنتاجات المدروسة والمبذول في سبيلها جهود تتجاوز بأشواط ما يبذل في سبيل المسلسلات الرمضانية الموسمية؟
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024