لارا الأميركية محتجزة في مطار بن غوريون بـ"تهمة" المقاطعة!

أدهم مناصرة

الثلاثاء 2018/10/09
معلوماتٌ من خمسة مصادر في الشبكة العنكبوتية، أربعةٌ منها فايسبوكية، وخامسها موقعٌ الكتروني يميني في الولايات المتحدة يُدعى Canary Mission، كانت كفيلة لتستند عليها وزارة "الشؤون الإستراتيجية" الإسرائيلية، فيتم اعتقال المواطنة الأميركية من أصول فلسطينية لارا القاسم (22 عاماً)، فور وصولها الى مطار بن غوريون، الثلاثاء الماضي، رغم منحها فيزا لدراسة الماجستير في الجامعة العبرية في القدس.

المعلومات المزعومة التي وصلت الى "الأمن الإسرائيلي" تُجرّم لارا، على أنها ترأست، خلال دراستها في جامعة فلوريدا، فرع المنظمة الطلابية التي أيّدت الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل (BDS) كأداة للنضال ضد الاحتلال.

وبحسب المعلومات، فإنه خلال الفترة التي كانت فيها القاسم عضواً في الفرع الذي يتألف من أقل من 10 طلاب، شن زملاؤها حينذاك، من خلال صفحة "فايسبوك"، حملة مقاطعة ضد شركة حمّص إسرائيلية تقع في الأراضي المحتلة العام 1967، وأيّدوا عريضة ضد تمويل إسرائيل مركزاً ثقافياً، وطالبوا أيضاً بوقف نشاط شركة أمن دولية في إسرائيل.

وفي مواقع التواصل الاسرائيلية، يردّون على دعوات المقاطعة لـ"الحمّص الإسرائيلي"، بالإدعاء "أن معظم مستهلكي (حمص تصابار)، هم أصلاً، من عمال البناء الفلسطينيين في المستوطنات وإسرائيل".

لم تلقَ قضية لارا تفاعلاً عميقاً في الصحافة الإسرائيلية؛ في ظل "الإلتفاف الإعلامي المعهود في إسرائيل حول المؤسسة الأمنية"، باستثناء الصحيفة اليسارية "هآرتس" التي خصصت للموضوع افتتاحيتها، الإثنين، تحت عنوان "أطلقوا سراح لارا القاسم فوراً"، للحديث عن لارا التي تقبع في "مُنشأة الاحتجاز" في مطار بن غوريون، الى حين حسم الدوائر الأمنية المتخصصة قرارها، إما بإعادتها إلى الولايات المتحدة، أو السماح لها بالدخول بناء على الفيزا الدراسية الممنوحة لها.

وسردت "هآرتس" المعطيات المتوافرة عن حكاية لارا بطريقة "دراماتيكية حساسة"، كما هو حال التقرير الأمني الإسرائيلي عن الشابة العشرينية.

وشككت الصحيفة في المبررات الإسرائيلية، قائلة: "من الصعب أن نصدق أن حججاً سخيفة من هذا النوع تستخدمها وزارة حكومية، برئاسة وزير محاربة المقاطعة غلعاد إردان، لتبرير طرد لارا القاسم والاستمرار في اعتقالها".

وبينما قالت لارا في شهادتها أمام محكمة الاستئناف الإسرائيلية (التي رفضت طلبها بالبقاء): "حالياً لا أؤيد الـBDS، ولو كنت أؤيدها لما جئت لكي أكون طالبة في إسرائيل"، رأت أصوات إسرائيلية يسارية أن "القاسم ليست مضطرة إلى أن تتعهد بشيء. المقاطعة أداة شرعية للتعبير عن احتجاج سياسي في نظام ديموقراطي، سواء كان المعنيون من مواطني الدولة أو مواطنين أجانب حصلوا على تأشيرة".

ورصدت "المدن" تفاعلات في مواقع التواصل الإجتماعي، من فلسطينيين وعرب، كان من بينها منشور للكاتب الأردني ياسر الزعاترة حول القاسم المحتجزة، معتمداً على ما كتبته "هآرتس"، ثم ختمه بعبارة "تذكير آخر لدعاة السياحة في القدس".

وانتهز الفرصة، ناشطون من فلسطينيي 48، على معرفة شخصية بلارا ووالدها، للتعريف بهما، عبر منشورات من قبيل "لارا رفيق القاسم، هي حفيدة لجدّ وجدة من حيفا تم تهجيرهم قسراً من حيفا العام 48. هذه العائلة انقطعت عن فلسطين منذ النكبة، وأول زيارة قام بها عمها قبل عشر سنوات، ووالدها قبل ثلاث سنوات، وهي الآن (لارا)، وقد أحبت البلاد من حب والدها لها. أرادت ان تخوض التجربة لكن حدث ما حدث معها".

لكن بعض المنشورات الفلسطينية التي اتسمت بـ"الراديكالية" ذهبت إلى انتقاد لارا، عندما كتبت: "يعني ما في جامعات الا في اسرئيل؟!!.. بامكانها ان تدرس في بيروت وتواصل عملها القومي. أفضل من أن تخضع لأوامر الصهاينة".

وقد حاول النواب العرب في الكنيست زيارة القاسم، حيث تُحتجز قرب مطار بن غوريون، تعبيراً عن تضامنهم معها، غير أن السلطات الإسرائيلية رفضت ذلك أكثر من مرة.

وحاولت "المدن" أن ترصد مستوى ومضمون المتابعة الإعلامية والصحافية الأميركية لما يجري مع لارا، فلم تجد اهتماماً ملموساً، سوى متابعة متواضعة جداً من "واشنطن بوست" التي اكتفت بالسرد الخبَري لما حصل معها (ليس خبراً رئيسياً)، مشيرة إلى أنها "ناشطة في حملة مقاطعة اسرائيل بفلوريدا، فتم منعها من الدخول إلى إسرائيل واحتجازها في المطار، بينما كانت ذاهبة لدراسة الماجستير في القانون بالجامعة العبرية".
كما لوحظت متابعات هامشية اقتصرت على صحف ومواقع الكترونية أميركية محلية ومحدودة الإنتشار في ولاية فلوريدا، حيث سكنت لارا ودرست، لا سيما "ميامي هيرالد" و"تامبا"، فضلاً عن تغريدة لـ"مركز عدالة في نيويورك" نوهت بأن لارا في انتظار الترحيل بسبب أصولها الفلسطينية.

وبغض النظر عن المصير الذي ينتظر لارا القاسم، سواء بترحيلها أو السماح لها بدخولها بناء على ما تقرره محكمة الإستئناف الإسرائيلية، فإن السؤال المُلحّ في قضية القاسم هو: ما دامت لارا قد نشطت سابقاً في BDS ضد إسرائيل، فلماذا يُوافَق على منحها فيزا دراسية من البداية؟!.. أم أن الأمر كان لجرّ رِجلها، وللتحقيق معها في "بن غوريون"، على أمل أن يحصل الأمن الإسرائيلي على معلومات إضافية حول ناشطين آخرين، ليتم إدراجهم في اللائحة؟!
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024