سيرين عبدالنور لـ"المدن": مددتُ يدي للجميع.. لكن قُضِيَ الأمر

إيمان ابراهيم

الإثنين 2019/06/03
تعيش الفنانة سيرين عبد النور اليوم نجاح مسلسل "الهيبة الحصاد"، حيث حلّت بطلة الموسم الثالث، ولم تؤدِّ مجرّد دور أُقحم عنوةً في الأحداث لإضفاء عنصر نسائي على العمل، بل غيّر دور "نور رحمة" أحداث "الهيبة" تغييراً جذرياً، لتعلن في نهاية الماراثون الدرامي أنّها تستحق علامة عالية عن تجربتها. في لقائها مع "المدن"، تتحدّث سيرين عن أجواء "الهيبة". من بعيد، يُخال أن الدخيل في موسمها الثالث، سيكون أشبه بطالب ينتقل إلى مدرسة جديدة، حيث كل الطلاب يعرفون بعضهم البعض باستثنائه. لكن مع سيرين، لم تكن القصة كذلك، فقد "حظيتُ بكل الدلال"، كما تقول لـ"المدن"، وتوافق المنتج صادق الصباح على أنّ "الهيبة الحصاد" كان هذا الموسم خارج المنافسة لكنها تستدرك قائلة: "لا تهمني التصنيفات، ولا أخوض حرب المنافسات". في بداية رمضان، حاولت سيرين مدّ يدها للجميع لطيّ صفحة الخلافات، غير أن مبادرتها لم تُقابل بإيجابية. هنا تتحدّث عن حروب الفنانين، وكيف مرّنت نفسها لتتقبّل النقد وتضبط ردود أفعالها.
نسألها:

-الماراثون الدرامي الرمضاني شارف على الانتهاء والنتائج حُسمت، لو أردتِ تقييم تجربتِك مع "الهيبة الحصاد" ما هي العلامة التي تضعينها لنور رحمة؟

فكرة أن يضع أحدنا لنفسه علامة غريبة نوعاً ما، ثمة خجل من أن أقيّم دوري بين أن أكون منصفة بحق نفسي وبين أن يفهم الآخر أنّ اعتدادي بنجاحٍ ما، هو غرور. الأساس في التقييم هو رأي الناس، وقد لمستُ تأثير شخصية "نور رحمة"، والأصداء التي أثارتها، والجدل الذي خلقته، وأن يصبح اسمي "ترند" في مواقع التواصل الاجتماعي. هذه التفاصيل تجعلني أعطي نور علامة عالية قرّرها المشاهدون، وأنا شخصياً راضية عن أدائي، خصوصاً أنّني كنت غائبة ومتعطّشة للعودة، ولم يكن الدور عادياً، بل هو دور يُكتب مثله مرّة كل خمس سنوات، دور نافر ومركّب ومستفز.

نور رحمة هي امرأة تشبه الناس، لا أحد شريراً بالمطلق أو خيّراً بالمطلق، وما نشاهده اليوم من بعض كاراكتيرات في الشاشة، أنهم أشبه بملائكة هبطوا على الأرض، معصومون عن الخطأ. أنا شخصياً أفضّل أن ألعب شخصية تشبه الناس، تخطىء وتصيب، لأن المثاليّة غير موجودة، ولكل منّا ظروف غيّرت مسارات حياته، ولكل منا أخطاء قد يرفض الاعتراف بها.

- في الموسم الثالث من الهيبة لم يكن دورك مجرد حشو في المسلسل بحثاً عن بطولة نسائيّة، بل غيّر في أحداث العمل بالكامل، هل كانت مجازفة منك دخول المسلسل في موسمه الثالث؟

لا عمل نُقدم عليه يخلو من المجازفة، لأنّنا نتّجه نحو المجهول ولا يمكننا أن نعرف ردود أفعال المشاهدين تجاهه. حتى في الغناء، أحياناً أقوم بتسجيل أغنية، أراهن عليها ولا تأخذ حقّها، وأحياناً لا أرفع سقف توقّعاتي وتذهلني النتائج، مثل الصحافي الذي يكتب مقالاً من قلبه ويعتقد أنّه سيكسّر الأرض ويمرّ مرور الكرام، ثم يضرب مقال آخر لم يحسب له حساباً. دوري في "الهيبة الحصاد" كان تحدياً أكثر منه مجازفةً، فقد قدّمت شخصية لا تشبهني إطلاقاً، لا في مظهرها الخارجي، ولا بوقاحتها، ولا بكيفية تعاطيها مع الآخرين. لستُ مثل نور، المبادرة دوماً، المستفزة بكل تفاصيلها من كعبها العالي حتى أحمر شفاهها.

- هذه التفاصيل اشتغلتِ عليها مع فريق العمل، هل اعتبرتِ الانتقادات لمظهر نور جزءاً من نجاحك في تجسيد هذه الشخصية؟

طبعاً، فالأمور لا تأتي من فراغ، جلسنا لساعاتٍ مع فريق العمل لندرس تفاصيل هذه المرأة، التي لم تمر مرور الكرام في حياة ثروت، وجعلت جبل الشيخ جبل يُغرم بها. هي نموذج في حياة الرجل لا يشبه أي نموذج آخر، ولا تشبه شخصية أخرى تشاهدونها في الشاشة. بناء شخصية تترك كل هذا الأثر، ليس أمراً اعتباطياً، بل هو نتيجة نقاش ودراسة ضمن فريق العمل استمرت ساعات بين أخذ وردّ.

- نور رحمة اسم أثار الجدل، لماذا اقتبستم شهرة زوجك فريد رحمة، علماً أن نور ليست المرأة الفاضلة، بل الإعلامية الانتهازية التي استغلّت جسدها لتصل إلى مبتغاها؟

اسم نور أنا اخترته، اقتبسته من شهرتي عبد النور، والشركة المنتجة اقترحت عائلة زوجي رحمة كنوع من لفت النظر، لكن هذا لا يعني أنّ استخدامنا اسم رحمة هو إساءة للعائلة، نور امرأة تحمل داخلها الكثير من التناقضات، وهي شخصية لم تكن لتمرّ مرور الكرام على الشاشة بكل تفاصيلها، بدءاً من اسمها، وما توقعناه في هذا الإطار حصل.

- قالت الفنانة الكبيرة منى واصف أن لكل ممثل دوره المحوري في العمل، لكن تيم حسن هو عماده، فهل توافقينها الرأي؟

في "الهيبة" ثمة شيخ عشيرة، هو جبل الشيخ جبل. هو المرجع وهو الأساس، لكن كل شخصيات العمل لها موقعها من القصّة ولم تقحم فيها عنوة. هو عمل أعطى لكل ممثل حقه، وعندما تشاهدين بوستر العمل، وكل هؤلاء النجوم فيه، الأمر لم يأتِ من فراغ، فالجمهور اليوم يحب جبل، ويحب صخر وشاهين وأم جبل ومنى.. ولكل شخصيّة أثرها. والمسلسل لا يدور حول قصّة واحدة، بل مجموعة قصص، لكل بطل موقعه في العمل وفي قلوب المشاهدين، أما الشخصيّة المحورية جبل الشيخ الجبل، فهو زعيم الهيبة، حيث تنطلق الأحداث.

- كيف كانت أجواء "الهيبة"، هل شعرتِ في مكان ما أنك غريبة على فريق عمل متجانس أم أنّك انسجمت في الأجواء سريعاً؟

لم أشعر أنّي غريبة على أجواء العمل لأسباب عديدة، أولاً لم يكن هذا تعاوني الأوّل مع المنتج صادق الصباح، إذ سبق وتعاوننا في فيلم "سوء تفاهم"، كما تعاونت مع المخرج سامر البرقاوي والكاتب باسم السلكا في "لعبة الموت"، ونحن نعرف بعضنا وعلى تواصل. بالنسبة إلى الممثلين، فلم أشعر بأي غربة بينهم، هم يتعاونون معاً من الجزء الأوّل، وأنا جديدة حظيت منهم بكل دلال، وكانت الأجواء بيننا جميلة جداً. كنا نتناول الطعام مع بعضنا، نتحدّث خلال العمل وخارج العمل، وحتى عندما لا تكون لديّ مَشاهد، كنت أجلس إلى جانب المخرج سامر البرقاوي وأشاهد مَشاهد غيري، كنت أشعر كما يشعر مشاهدو الهيبة أنني أعرف كل أبطالها من خلال مشاهدتي لهم على التلفزيون. كانت الأجواء إيجابية جداً، وهذا الأمر ظهر جلياً في الشاشة ولمسه المشاهدون.

- كيف تصفين التعاون مع الفنان تيم حسن، وما حقيقة ما يقال عن أنه مزاجي في العمل؟

أبداً، تيم ليس مزاجياً على الإطلاق، بل هو شخص لطيف جداً، محترف، محترم، ملتزم، خفيف الدم، صاحب كلمة حلوة ونكتة حاضرة. لم ألمس منه سوى طاقاتٍ إيجابيّة. لم يحدث بيننا أي خلاف خلال التصوير، كانت الأجواء إيجابيّة، مرحة، انعكست إيجاباً في روح العمل. فعلاقتنا تتسم بالاحترام، وعندما يكون الاحترام متبادلاً لا يقع أي خلاف، وأنا اعتدت أن أعطي كل فنان قيمته، أناديه خلال التصوير باسمه مسبوقاً بلقب أستاذ، أضع تلك الحدود التي تحفظ الاحترام والود، وعندما تتعاملين مع فنان واثق بنفسه، ولديه طاقات إيجابية، يكون العمل مريحاً.

جرأة وخطوط حُمر

- لنعُد إلى دور نور، هي المرة الأولى التي نراك بهذه الجرأة، هل شعرتِ في مكانٍ ما أنّ جمهورك لم يتقبّل كل هذه الجرأة؟

في النهاية أنا ممثلة، أحب أن أنوّع في أعمالي، قد أؤدي مرة دور "بنت شارع"، والجمهور مثقف يدرك أنّ ما نقدّمه في الشاشة مجرّد دور لا يشبهنا. دور نور كان ضمن الحدود، وعُرض في شاشات عربية في شهر رمضان المبارك، لم يكن فيه ما يخدش حياء المَشاهد، بل كان كل مشهد لضرورات تخدم السياق الدرامي. في حياتي الخاصة أنا ملتزمة، أعرف كيف أختار ملابسي بحسب المناسبة التي أطلّ فيها، كيف أقدّم نفسي على المسرح، لكن عندما أؤدي دوراً لا يشبهني سأقدّمه بطريقة تخدم الدور.

- ما هي الخطوط الحُمر التي تقفين عندها في مشهد جريء؟

أرفض القُبلة بشكل قاطع. لأني أحترم عائلتي، أمي وأبي وزوجي وعائلة زوجي، كما أحترم البيئة العربية التي أعيش فيها. ثمة أمور لا يمكنني تخطيها في الشاشة، ولا أقبل بها حتى لو كانت تخدم الدّور.

- في مواقع التواصل الاجتماعي، ثمّة حرب بين الفنانين تعكس أجواء لا تشبه الجمال الذي نراه في الشاشة، لماذا كل هذه الحروب؟

أنا بعيدة جداً من جو الحروب، لأنّي أركّز على الطاقات الإيجابيّة، تصلني يومياً الكثير من الرسائل الجميلة، والتعليقات المحبّة، أركّز عليها وأتجاهل الحروب التي تشنّ لغايات لا أعرفها. في كل مهنة تجدين مَن يحبك ومَن لا يحبك، المهم أن نركز على من يحبّنا كي لا نصاب بالإحباط. ثمة مساحة بيضاء، ونقطة سوداء، لن أترك كل هذا البياض لأركز على هذه النقطة.

خلافات الفنانين

-مددتِ يدك في برنامج "مجموعة إنسان" في قناة MBC  للجميع، كنت ترغبين في طيّ صفحة الخلافات، لكن مبادرتك الإيجابيّة لم تُقابل بمثلها، لماذا؟

أنا قمت بما عليّ فعله، وكل شخص منا لديه خياران، إما أن يعيش سلامه الداخلي، ويطوّر طاقاته الإيجابيّة، ويفرح بنجاحاته ويتقبّل النقد ويطوّر نفسه بطريقة تجعله أكثر عقلانيّة في ردود أفعاله، وإما أن يختار العيش في حروب دائمة، وهذا خيار لا يشبهني. أنا اليوم أفضّل أن أعيش بسلام، أن أمدّ يدي للجميع، ألا أقطع خطّ العودة عند الخلاف في حال حصل خلاف ما، لا أنكر أنني ككل شخص أحبّ أن يتحدّث عني الناس بإيجابيّة، لكن رضا الناس غاية لا ترجى.

- متى تقولين قضي الأمر لن أسامح بعد اليوم؟

لن أقول يوماً لن أسامح، لكن أقول لم أعد أريد أن أبادر، عندما أبادر مرّة ومرّتين ولا أجد تجاوباً. نحن بشر، نخطىء ونعتذر، ويخطىء الآخر في حقّنا ويعتذر، ونتقبّل اعتذاره، لذا أسامح، لكن قضي الأمر، نعم لن أبادر من جديد، خصوصاً عندما يؤذيني الطرف الآخر وأقوم أنا بخطوة تجاهه رغم الضرر الذي ألحقه بي، ولا أجد منه حسن نية على مبادرتي.

- لماذا لا نشهد هذه المعارك بين الفنانين الرجال؟

لستُ من الفنانات اللواتي يفتعلن الحروب، لذا لا أعرف كيف أجيب على سؤال كهذا، لم أقم يوماً بافتعال مشكلة مع أحد، بل دائماً أحاول أن أتصرّف بكبر عقل. كل ما يهمني اليوم هو عائلتي وزوجي وولديّ، ومن بعدهم الطوفان، أنا بعيدة من المنافسات ومن السباق على المراتب الأولى والثانية، غبت سنوات لأني أردت الاهتمام بأسرتي إلى هذا الحدّ لست مهتمة بكل هذه المنافسات.

- المنتج صادق الصباح اعتبر مسلسل الهيبة خارج المنافسة، هل ينصفك هذا التصريح؟

هذه حقيقة لا يستطيع أحد أن يخفيها، العمل خارج المنافسة وقُدّمت منه ثلاثة أجزاء، أفهم أن ينافس عملاً آخر ممتداً على أجزاء، لكنّه لا يُقارن بما يعرض في الشاشات.

- ماذا بعد "الهيبة"؟ هل أصبحت الرؤية واضحة أم أنك لم تخططي بعد لمشاريعك المستقبلية؟

لديّ الكثير من المشاريع الغنائية والتمثيلية، وقريباً سأحسم الأمر بشأنها لأتحدّث عن تفاصيلها.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024