الأحد 2025/06/08

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

الرئيس ومستشاروه: تجدد النزعة القديمة لتجاوز الحكومة والصلاحيات

الأحد 2025/06/08
الرئيس ومستشاروه: تجدد النزعة القديمة لتجاوز الحكومة والصلاحيات
يعتبر الرئيس عون أنه يمتلك كل مقومات القوة (Getty)
increase حجم الخط decrease
يبدو لبنان وكأنه ينقسم بين مسارين. في كل واحد منهما كل مقومات التناقض مع الآخر. هذا الانقسام يمكنه أن يظهر عند أي استحقاق أو محطة أو مفصل. له عناوين كثيرة بأبعادها الشخصية أو السياسية أو المصلحية، من دون إغفال "نزعة" الصراع على الصلاحيات في كل عهد ومع كل رئيس. بدأت صورة النزاع على الصلاحيات تظهر بوضوح مع الرئيس ميشال عون، والذي كان يطلب صراحة إدخال تعديلات على الطائف، ويطالب باستعادة الكثير من الصلاحيات خسرها رئيس الجمهورية. كان ميشال عون يخوض معاركه على الصلاحيات تبعاً للوضع السياسي ومدى التفاهم أو التخاصم مع الآخرين. 
حتى في خضم ثورة 17 تشرين والأزمة السياسية الكبرى والانهيار، بقي ميشال عون متمسكاً بمسألة الصلاحيات، ولا حاجة هنا للعودة بالذاكرة إلى كيفية مراسلة الرئيس سعد الحريري عبر درّاج في قوى الأمن الداخلي، وإيداعه صيغة عن التشكيلة الحكومية ورد رئيس الجمهورية عليها. مناسبة استذكار تلك المسألة هي للإشارة إلى أن ميشال عون استمر في خوض صراعه على الصلاحيات حتى في عز الانقسام، وفي خلال حرب كبرى اعتبر نفسه يتعرض لها داخلياً وخارجياً. 

الرئيس والمستشارون
في مسألة الرئيس جوزاف عون هناك اختلاف جوهري، إذ أنه انتخب بدعم إقليمي ودولي كبير، كما انتخب بإجماع داخلي. ما يعني أنه يعتبر نفسه يمتلك كل مقومات القوة التي راكمها منذ قيادته للجيش اللبناني. وهو ما يريد مواصلته بعد انتخابه وقد بدأت مؤشراته تظهر، من خلال تكبير فريق عمله وتوسيع فريق المستشارين، إلى إشراكهم في مختلف الاجتماعات مع جهات دولية أو صناديق مانحة، كل ضمن اختصاصه، لا سيما أن أي ملف مالي، أو إجرائي، أو مصرفي أو سياسي أو أمني، غالباً ما يرسل الرئيس أحد مستشاريه كمبعوث إلى هذه الاجتماعات ليكون مطلعاً وشريكاً في القرارات. بالإضافة إلى تعيين مستشارين في المجال الدستوري، ربما الهدف هو الحفاظ على الدستور، وربما لاحقاً يتحول الأمر إلى إعداد دراسة دستورية تتصل بكيفية إعادة النظر بالصلاحيات.
وآخر الفصول كان تعيين رئيس الجمهورية مستشاراً لشؤون إعادة الإعمار، وهو الوزير السابق علي حمية. في هذه الخطوة أكثر من معنى، أولاً موقع حمية وقربه من حزب الله. والمقصود هنا إراحة الحزب بإظهار اهتمام الرئيس بملف إعادة الإعمار. ثانياً، حمية كان وزيراً في الحكومة السابقة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، وله صلات متعددة، أبرزها مع الفرنسيين الذين يولون اهتماماً بإعادة الإعمار، كما لديهم اهتمامات كثيرة في استثمار البنى التحتية في لبنان، وقد فازوا بها عندما كان حمية وزيراً للأشغال العامة والنقل، خصوصاً ما يتعلق بمرفأي بيروت وطرابلس، وبغيرهما من المرافق العامة. 

أداء الرئيس
هنا يتقاطع الجانب السياسي مع الرؤية أو تقاطع المصالح، كما كان الحال في مسألة الانقسام حول تعيين حاكم مصرف لبنان، أو حول أي مقاربة مالية أو اقتصادية تتصل بخطط إعادة هيكلة المصارف. وهو ما سيعود ليظهر لاحقاً في مسألة قانون الفجوة المالية. وذلك لا ينفصل عن الاختلاف في مقاربة التعيينات الأمنية والعسكرية في رتبها المختلفة. 
منذ اللحظات الأولى لما بعد تشكيل الحكومة، أبرز رئيس الجمهورية جوزاف عون أداء مختلفاً، من خلال جولاته التي أجراها على دوائر وإدارات ووزارات، وتوجه إلى العاملين فيها بضرورة مراجعته ومراجعة المقربين منه، في حال وجود أي تجاوزات أو فساد. وهو بذلك أيضاً أراد أن يتجاوز الحكومة ودورها. هذا له بعد آخر ظهر في إصرار رئيس الجمهورية على حصر معالجة ملف سلاح حزب الله به من خلال الحوار، مع الإشارة إلى وجود شخصية مقربة منه هي التي تتولى هذا الحوار مع حزب الله. ومن الممكن أن يتم تعيين هذه الشخصية بمنصب مستشار رسمي للرئيس قريباً لمواصلة هذا الحوار. 

قوة الصورة
من الواضح أن رئيس الجمهورية جوزاف عون يسعى إلى مراكمة كل ما حققه منذ قيادة الجيش إلى الرئاسة، في سبيل تعزيز دوره السياسي، بالاستناد إلى قوة الصورة وبمعزل عن الوقائع التي يفرضها الدستور، الذي لا يزال هناك صعوبة لتعديله. وهذا ما يتعزز من خلال التقاطعات السياسية أو الاقتصادية أو المالية مع قوى مختلفة.
ذلك ما سعى رئيس الجمهورية السابق ميشال عون لأن يحققه. إذ ما بين 2016 و2019 استند ميشال عون على التحالف مع الرئيس سعد الحريري، وقد حقق بعض ما يسعى إليه بالنقاط وليس بالمعنى الاستراتيجي. لكن الصدام المستمر بين عون وبرّي هو الذي أعاق هذا المسار بالكامل.
اليوم تبدو وضعية الرئيس جوزاف عون مختلفة. إذ أنه على علاقة ممتازة برئيس مجلس النواب، وهناك تنسيق دائم معه. كما أن علاقته مع غالبية القوى السياسية الأخرى جيدة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها