الثلاثاء 2025/06/10

آخر تحديث: 15:08 (بيروت)

عون من الأردن: لتوحيد الجهود العربيّة لمواجهة الأزمات

الثلاثاء 2025/06/10
عون من الأردن: لتوحيد الجهود العربيّة لمواجهة الأزمات
أعرب عون عن تقدير لبنان لوقوف الأردن إلى جانبه (رئاسة الجمهورية)
increase حجم الخط decrease

اتّفق رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، والعاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، على أهمّيّة تعزيز العلاقاتِ اللبنانيّة–الأردنيّة ومواصلة البناء عليها بما يخدم المصالح المشتركة والقضايا العربيّة ويحقّق استقرار المنطقة. وإذ أكّد الرئيس عون والملك عبد الله الثاني مواصلة التنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا وتكثيف العمل لإيجاد حلولٍ سياسيّة لها، فقد شدّدا على أهمّيّة التعاون الأمنيّ والعسكريّ، ولا سيّما في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظّمة وتهريب الموادّ المخدِّرة، وتعزيز التنسيق الأمنيّ وتطوير العلاقات الاقتصاديّة والتجاريّة، وقرّرا العمل على تشكيل آليّة تنسيق عليا بين البلدين في عددٍ من القطاعات.

كما شدّدا على رفضهما أيّ مخططاتٍ لتهجير الفلسطينيّين، وعلى ضرورة تكثيف الجهود العربيّة والدوليّة للتوصّل إلى سلامٍ عادلٍ وشاملٍ على أساس حلّ الدولتين. وأكّد الرئيس عون موقف لبنان الملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، في وقتٍ تواصل فيه إسرائيل اعتداءاتها على القرى الجنوبيّة وعلى الضاحية الجنوبيّة لبيروت، شاكرًا الأردنّ على دعمه للمواقف اللبنانيّة حول هذا الموضوع وغيره في المحافل الإقليميّة والدوليّة.

ومن جهته، أكّد الملك عبد الله الثاني وقوف الأردن إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه.

وجاءت مواقف الرئيس عون والملك عبد الله الثاني خلال لقاء القمّة والمحادثات الموسّعة اللذين عقدا ظهر اليوم في قصر بسمان في العاصمة الأردنيّة.

لقاء القمّة والمحادثات الموسّعة
وكان رئيس الجمهوريّة والعاهل الأردنيّ قد وصلا إلى قصر بسمان ظهر اليوم في سيّارةٍ واحدةٍ قادها العاهل الأردنيّ، حيث عقدا لقاءً ثنائيًّا أعقبته محادثاتٌ موسّعة على مأدبة غداء عملٍ أقامها الملك عبد الله الثاني على شرف الرئيس عون والوفد المرافق. وتناولت المحادثات نقاطًا تعكس التحدّيات والفرص المشتركة بين البلدين، وتأخذ في الاعتبار التطوّرات الإقليميّة الحاليّة والأولويّات الوطنيّة لكلٍّ من لبنان والأردن.

وقد شكر الرئيس عون في بداية اللقاء العاهل الأردني على حفاوة الاستقبال التي تعكس ما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من علاقاتِ أخوّةٍ متجذّرةٍ في التاريخ، وعلى الدعم الذي يقدّمه الأردنّ للبنان وشعبه خلال الظروف التي مرّ بها، ولا سيّما دعم الجيش اللبنانيّ. وأشار الرئيس عون إلى أهمّيّة تعزيز التبادل التجاري وسبل تطوير العلاقات الاقتصاديّة وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ودرس إمكان جذب الاستثمارات المشتركة، خصوصًا في قطاعات الطاقة والبنية التحتيّة، لافتًا إلى فوائد التعاون في هذا المجال واستكشاف الفرص في مشاريع الطاقة المتجدّدة والتبادل في مجال الكهرباء.

وتطرّق الرئيس عون إلى الوضع في الجنوب اللبناني، فأكّد التزام لبنان تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، في وقت تواصل فيه إسرائيل اعتداءاتها على القرى الجنوبيّة وعلى الضاحية الجنوبيّة لبيروت، وتستمر في احتلال أراضٍ لبنانيّة، وتمتنع عن إعادة الأسرى اللبنانيّين على الرغم من الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في تشرين الثاني الماضي برعايةٍ أميركيّة وفرنسيّة، ومدِّدت مفاعيله حتى 18 شباط الماضي. وأشار الرئيس عون إلى أنّ الجيش اللبناني انتشر في القرى والبلدات الواقعة جنوب الليطاني ونفّذ إجراءاتٍ ميدانيّةً تطبيقًا لقرار حصر السلاح، لكن استمرار احتلال إسرائيل للتلال الخمس وانتهاك الاتفاق يعرقلان استكمال انتشار الجيش حتّى الحدود، ما يبقي التوتّر قائمًا. وفي هذا السياق، شكر الرئيس عون العاهل الأردني على دعم بلاده للمواقف اللبنانيّة حول هذا الموضوع وغيره في المحافل الإقليميّة والدوليّة.

تناول الرئيس عون مسألة اللاجئين السّوريّين في ضوء التطوّرات الأخيرة في سوريا وزوال أسباب استمرار نزوحهم، ولا سيّما أنّ لبنان والأردن يستضيفان أعدادًا كبيرةً منهم؛ فشدّد على أهمّيّة التنسيق وتبادل الخبرات في إدارة هذا الملف، مع التركيز على ضرورة تسهيل عودتهم الآمنة، والطلب إلى المنظّمات الدوليّة تقديم المساعدات المادّيّة والعينيّة لهم داخل سوريا لا في الدول المضيفة، تشجيعًا لهم على العودة وتوفير مقوّمات الحياة، خصوصًا بعد القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا.

وفي معرض الحديث عن القضيّة الفلسطينيّة، دان الرئيس عون بشدّة المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزّة، والمستمرة رغم المواقف العربيّة والدوليّة المندِّدة، مشدّدًا على أهمّيّة تنسيق المواقف بين الدول العربيّة لمواجهة الانتهاكات الإسرائيليّة، والتمسّك بالمبادرة العربيّة للسلام التي أقرّتها قمّة بيروت عام 2002 والقائمة على حلّ الدولتين، مجدِّدًا رفض لبنان مخطّطات تهجير الفلسطينيّين من أرضهم ومقولة "الوطن البديل".

وعن العلاقات اللبنانيّة-السوريّة بعد التطوّرات الأخيرة في سوريا، أكّد الرئيس عون للعاهل الأردني أنّ التنسيق قائم مع السلطات السوريّة لمعالجة الأوضاع على الحدود المشتركة وضبطها، وأنّ لجانًا عسكريّةً مشتركةً تعمل في هذا الاتجاه.

وخلال المحادثات، تقرّر تفعيل التعاون المشترك بين البلدين، والعمل على تشكيل آليّة تنسيق عليا تضمّ الوزارات المعنيّة بالتعاون المباشر في قطاعات الطاقة، والكهرباء، والزراعة، والقطاع الطبّي، إضافةً إلى موضوعاتٍ أخرى سيفعّل التعاون فيها كذلك. واتّفق على عقد اجتماعات ثنائيّة بين الوزراء والمختصّين في كلا البلدين لوضع ما اتّفق عليه موضع التنفيذ.

وفي مستهلّ المحادثات، هنّأ رئيس الجمهوريّة العاهل الأردني بتأهّل منتخب بلاده إلى التصفيات النهائيّة لكأس العالم لكرة القدم 2026 في القارّة الأميركيّة، ووجّه دعوةً إلى الملك عبد الله الثاني لزيارة لبنان.

البيان الأردني حول المحادثات
وصدر عن الديوان الملكيّ الهاشميّ البيان الآتي: "أجرى جلالة الملك عبد الله الثاني، في قصر بسمان الزاهر اليوم الثلاثاء، مباحثاتٍ مع الرئيس اللبنانيّ العماد جوزاف عون تناولت سبل تعزيز العلاقات بين البلدين وأبرز التطوّرات في المنطقة. وأكّد الزعيمان، خلال مباحثاتٍ ثنائيّةٍ أعقبتها موسّعة، اعتزازهما بالعلاقات التي تجمع الأردن ولبنان، وأهمّيّة مواصلة البناء عليها بما يخدم المصالح المشتركة والقضايا العربيّة ويحقّق استقرار المنطقة". وأضاف البيان: "وتطرّقت المباحثات إلى ضرورة زيادة حجم التبادل التجاريّ وتعزيز الاستثمارات المشتركة، خصوصًا في قطاعات الطاقة والكهرباء والبنية التحتيّة. وجدّد جلالة الملك التأكيد على وقوف الأردن إلى جانب لبنان في جهوده للحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته ووحدة أراضيه. وبحث الزعيمان الأوضاع في المنطقة، فأكّدا ضرورة الوقف الفوريّ للحرب على غزّة وضمان تدفّق المساعدات الإنسانيّة الكافية إلى جميع المناطق. كما شدّدا على رفضهما أيّ مخطّطات لتهجير الأشقّاء الفلسطينيّين، وضرورة تكثيف الجهود العربيّة والدوليّة للتوصّل إلى سلامٍ عادلٍ وشاملٍ على أساس حلّ الدولتين".

وتابع: "وأشار جلالة الملك إلى خطورة استمرار التصعيد غير المسبوق الذي يستهدف الفلسطينيّين في الضفّة الغربيّة والمقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة في القدس. كذلك، تناولت المباحثات أهمّيّة الحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، ما يسهم في تسهيل العودة الطوعيّة والآمنة للاجئين إلى وطنهم. من جانبه، أشاد الرئيس اللبنانيّ بدور الأردن، بقيادة جلالة الملك، في دعم لبنان وشعبه، ولا سيّما الجيش اللبنانيّ، مؤكِّدًا أهمّيّة تعزيز التعاون الأمنيّ والدفاعيّ في مكافحة الإرهاب والتهريب. وتمّ التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك".

العودة إلى بيروت
بعد انتهاء المحادثات الموسّعة، اصطحب الملك عبد الله الثاني الرئيس عون في سيّارته إلى مطار ماركا العسكري، مودِّعًا إيّاه. غادر رئيس الجمهوريّة والوفد المرافق إلى بيروت، فوصلوا حوالى الساعة الثانية بعد ظهر اليوم، مختتمين زيارةً رسميّةً إلى المملكة الأردنيّة الهاشميّة.

وكان الرئيس عون قد صرّح لدى وصوله إلى عمّان بأنّه سيبحث مع الملك عبد الله الثاني سبل تعزيز التعاون الثنائيّ في مختلف المجالات، ولا سيّما دعم المؤسسات الوطنيّة، وفي طليعتها الجيش اللبناني، إضافةً إلى ملفّ اللاجئين السوريّين الذي يشكّل عبئًا كبيرًا على البلدين ويستدعي حلًّا عادلًا يضمن عودتهم الآمنة والكريمة إلى وطنهم. كما أكّد أهمّيّة تعزيز التعاون الاقتصاديّ والتجاريّ وتبادل الخبرات بما يخدم مصالح الشعبين ويسهم في تنميةٍ مستدامةٍ تعزِّز الصمود في وجه التحدّيات.

وقال: "يسعدني أن أزور المملكة الأردنيّة الهاشميّة الشقيقة تلبيةً لدعوةٍ كريمةٍ من أخي جلالة الملك عبد الله الثاني. تؤكّد هذه الزيارة ما يجمع بلديْنا من علاقات أخوّة صادقةٍ وتاريخيّة، وروابط متينة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء".

وثمّن الرئيس مواقف الأردن الثابتة إلى جانب لبنان في مختلف المحافل، والدعم الذي دأبت المملكة على تقديمه في أوقات الشدّة بتوجيه من الملك، معربًا عن شكره لحفاوة الاستقبال وصدق المحبّة، ومعربًا عن أمله في أن تشكّل هذه الزيارة محطّةً جديدةً في مسيرة التعاون الأخويّ بين لبنان والأردن. وعند وصول الرئيس عون إلى مطار ماركا العسكري، كان العاهل الأردنيّ في استقباله شخصيًّا؛ وقد عقدت قمّةٌ ثنائيّة تلتها محادثاتٌ موسّعة شارك فيها أعضاء الوفديْن الرسميّيْن اللبنانيّ والأردنيّ، تناولت العلاقات الثنائيّة والتطوّرات الإقليميّة الراهنة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها