ها هو العامّ 2025 يحمل تحوّلات جيو-سياسيّة معقّدة على المستويين الإقليمي والدّولي، يُعيدُ لبنان إلى تحدّي وقف انفِراط عقد أحاديّة سيادة الدّولة واحتكارِها السّلاح مرّة جديدة، مع فُرصةٍ نادرة قد تكون الأخيرة الجديّة لبِناء دولة المواطنة الحرّة السيّدة العادلة المستقلّة، بعيدًا عن تمييع الاستحقاقات الدّستوريّة والسّياديّة والإصلاحيّة، وبمنأى عن الاستِرسال الفولكلوريّ الاستعراضيّ الإنشائيّ في تسويق أنّ إنْضاج موجبات قِيامة هذه الدّولة المخطوفة والمًشلّعة ما زال مُبكِرًا، ولا بُدّ من هدوءٍ وحِكْمةً وتروٍّ في اقتِحام مساراتِه على الأصْعِدة كافّة.
يبرُز في هذا السّياق مجدّدًا وهْجُ اتّفاق الطّائف في كلّ بنودِه الإصلاحيّة، من تشكيل الهيئة الوطنيّة لإلغاء الطائفيّة، واللّامركزيّة الإداريّة الموسّعة، وقانون انتخابات عصريّ عادل، وإنشاء مجلس الشيوخ، واستقلاليّة القضاء، وقانون مدني اختياريّ للأحوال الشّخصيّة، وتوسيع صلاحيّات المجلس الدّستوريّ، مع أولويّة إنهاءِ كلّ سلاحٍ غير شرعيّ، يبرز مجدّدًا وَهْج هذا الاتّفاق بهذه المقوّمات أساسًا إنقاذيًّا رَغْم المحاولات الحثيثة المباشرة وغير المباشرة، والخبيثة والخسيسة لشيطنتِه وتجزئتِه. يتولّى ذلك حاقِدون عليه، وقاصرون عن فَهْمِه، وباحثون عن مواقِع بانتِقاده الدّائم، على أنّ ما يربط هين هؤلاء حِلْفٌ موضوعيّ في اعتِبار أنّ فرادَة الصّيغة اللّبنانيّة الجامعة بين المواطنة والتنوّع نكتة سَمِجة رَهْنًا بالاشتِباك المستدام الذي عاشَه الشّعب اللّبناني على هويّته ودَوْره، وهُم يتجاهلون في ذلك عُمْق موبِقات السّلوك السّياسيّ الذي لا علاقة له بِجَوْهر النّظام الدّستوري، بِقَدْر ما أتى نتيجة ضرب مقومّات هذا النّظام القائمة على حسن إدارة التنوّع والتّعدديَّة في الوَحْدة.
1969-2025 واتّفاق الطّائف دَعوةٌ لنا جميعًا لترميم الذّاكرة اللّبنانيّة المشتركة، وما الوقوف دقيقة صمت في الذكرى الخمسين على حرب لبنان مرفودةً بحروب الآخرين على أرضِه سوى اعتِرافٍ بالحاجة إلى توبَةٍ صادقة عن تمييع الولاء للُبنان الوطن، واغتيال سيادة الدّولة برهانات وارتِهانات تناقِضُ أمنها القومي وأمان شعبها الإنسانيّ.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها