أكّد رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنّه "لا بدّ أن نذكر آلاف الشهداء الذين سقطوا في كلّ أنحاء لبنان منذ 13 نيسان 1975، وآلاف الجرحى الذين لا تزال جراحهم شاهدة، وآلاف العائلات التي لم تندمل جراحها بعد، والمفقودين الذين، هم وذووهم، سيبقون ضحايا الحرب الدائمين".
وقال في كلمة متلفزة وجّهها إلى اللبنانيّين عشيّة مرور خمسين عامًا على "13 نيسان"، ذكرى الحرب الأهليّة اللّبنانيّة أنه "من واجبنا أن نكون قد تعلّمنا من الخمسين سنة الفائتة أنّ العنف والحقد لا يحلّان أيّ معضلة في لبنان، وأنّ حوارنا وحده كفيل بتحقيق كلّ الحلول لمشاكلنا الداخليّة والنظاميّة، وأنّه كلّما استقوى أحدٌ بالخارج على شريكه في الوطن كان قد خسر، كما خسر شريكه أيضًا، وخسر الوطن. وإنّنا جميعًا في هذا الوطن لا ملاذ لنا إلّا الدولة اللبنانيّة؛ فلا الأفكار التي هي أصغر من لبنان لها مكان في الواقع اللبناني، ولا الأوهام التي هي أكبر من لبنان قدّمت أيّ خير لأهلنا ووطننا". وشدّد على أنّ "الدولة وحدها هي التي تحمينا: الدولة القويّة، السيّدة، العادلة، الحاضرة اليوم. وطالما أنّنا مجمعون على أنّ أيّ سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان أن نقول جميعًا: لا يحمي لبنان إلّا دولته وجيشه وقواه الأمنيّة الرسميّة. وآن الأوان أن نلتزم مقتضيات هذا الموقف، كي يبقى لبنان".
خمسون عامًا من الأسئلة
وتوقّف الرئيس أمام سؤالٍ محوريّ: "بعد خمسين عامًا، أسأل نفسي وأسأل جميع المسؤولين: لأجل ماذا؟". أضاف أنّ الحرب انتهت باتفاق الطائف "الذي تضمّن تسويات ميثاقيّة مهمّة وتعديلات دستوريّة أساسيّة"، لكنّه تساءل: "أما كان بالإمكان أن نُحقّق هذه التعديلات بالحوار من دون حاجة إلى حرب؟" وأقرّ بأنّ "مسؤوليّة كبيرة تقع علينا، كما على كثير من العوامل الخارجيّة التي منعتنا وساهمت في تفجير حربنا"، فصارت "حربنا وحروب الآخرين سويّة، لكن على أرضنا وحدنا وبدمنا، ونحن وحدنا من دفع الثمن".
وقال عون إنّ "أوّل الدروس" المستخلصة هي أنّ "العنف والحقد لا يحلّان أيّ مشكلة في لبنان، وأنّ حوارنا وحده كفيل بتحقيق كلّ الحلول لمشاكلنا الداخليّة والنظاميّة؛ فهذا وطن يتمتّع بثوابت، وأولاها أنّ لا أحد يُلغي الآخر فيه". أمّا "الدرس الثاني" فيتمثّل في أنّ "كلّما استقوى أحدٌ بالخارج ضدّ شريكه في الوطن، كان قد خسر كما خسر شريكه أيضًا، وخسر الوطن". وشدّد على أنّه "آن الأوان أن ندرك أنّه مهما بلغت كلفة التسوية الداخليّة بيننا، تبقى أقلّ بكثير علينا جميعًا وعلى لبنان من أيّ ثمن ندفعه للخارج".
والدرس الثالث، بحسب الرئيس، هو أنّ "جميعنا في هذا الوطن لا ملاذ لنا إلّا الدولة اللبنانيّة". فبعد "مئة عام من عمر لبنان الكبير"، تبيّن أنّ "لا الأفكار التي هي أصغر من لبنان لها مكان في الواقع اللبناني، ولا الأوهام التي هي أكبر من لبنان قدّمت أيّ خير لأهلنا ووطننا". وأردف: "أعلنّا جميعًا إيماننا بلبنان وطنًا نهائيًّا لنا جميعًا… فلا أحد منّا خائف، ولا أحد منّا يُخيف".
صواريخ "مجهولة" توحّد الموقف
وتطرّق عون إلى الصواريخ التي أُطلِقت أخيرًا من جنوب لبنان، فاعتبر أنّها "مؤامرة خبيثة على بلدنا تستهدف استقراره وأمن اللبنانيّين، لأنّها تقدّم ذريعة إضافيّة لمن لا ينتظر ذريعةً للاعتداء علينا، وتضع الدولة اللبنانيّة في موقع أضعف تجاه من يؤيّدنا في العالم وتجاه أصدقائنا الراغبين في مساعدتنا". ورحّب بإجماع اللبنانيّين على إدانة هذا العمل، مثمّنًا مبادرة "المجلس الإسلاميّ الشيعيّ الأعلى" إلى تقديم إخبار قضائيّ "خطوةً مشكورة مقدَّرةً جدًّا ولها دلالاتها الكبرى".
"لا يحمي لبنان إلا دولته"
وأكّد رئيس الجمهوريّة أنّ "الدولة وحدها هي التي تحمينا، الدولة القويّة، السيّدة، العادلة، الحاضرة اليوم، الدولة المنبثقة من إرادة اللبنانيّين والساعية بجدّ إلى خيرهم وسلامهم وازدهارهم". ولفت إلى أنّ "أيّ سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يعرّض مصلحة لبنان للخطر"، مشدّدًا على أنّه "آن الأوان أن نقول جميعًا: لا يحمي لبنان إلا دولته وجيشه وقواه الأمنيّة الرسميّة". ودعا إلى "الالتزام بمقتضيات هذا الموقف، كي يبقى لبنان، ونثبت أنّنا تعلّمنا من خمسين عامًا من حروبنا المجنونة".
ليختتم عون رسالته بقسم "بتضحيات" من رحلوا ومن بقوا، قائلًا: "لقد دفنّا الحرب إلى الأبد، وممنوع ومستحيل أن نعود إليها أو تعود إلينا". وتوجّه إلى الأبناء والأجيال المقبلة: "وحدتنا هي سلاحنا، وسلاحنا هو جيشنا، لكي تكون كلّ خمسينيّات السنوات المقبلة أيام خير وسلام وفرح وحياة، لأنّنا خُلِقنا للحياة… والحياة خُلِقت لنا".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها