لم يتلقَ لبنان بعد جواباً أميركياً أو إسرائيلياً واضحاً بخصوص اقتراح اعتماد لجنة الميكانزيم كإطار للتفاوض، في مقابل ارتفاع منسوب التهديد الإسرائيلي مترافقاً بضغط أميركي متواصل بخصوص حصرية السلاح بيد الدولة. ويستكمل مجلس الوزراء غداً مناقشة خطة الجيش، الذي سيعرض تقريره بخصوص السلاح، كما سيناقش في الملف الانتخابي، بعدما أنجزت أمس اللجنة الوزارية الخاصة المكلفة ببحث قانون الانتخاب، وضع الاقتراحات التي سترفعها إلى مجلس الوزراء ليأخذ القرار النهائي بشأنها.
على مستوى المواقف السياسية، تحدث رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، في إطار جولاته التي يقوم بها فيها في قضاء جبيل عن وضع الجيش اللبناني، مشيراً إلى أنه "عندما يحصل أي اعتداء على لبنان يريدونه أن يقف مكتوف الأيدي ومتفرجاً، وهنا المعضلة الأساسية التي نضع فيها الجيش أمام مسؤوليات كثيرة ونعطيه في المقابل امكانيات قليلة والأهم أننا لا نعطيه القرار السياسي الواضح". باسيل رأى أنه "ما يقال للجيش فوق الطاولة هو غير ما هو تحت الطاولة. ففي العلن يدعونه إلى حزم أمره والقيام بالمداهمة والاعتقال لكل من يخالف قرار حصرية السلاح أما في السرّ فيدعونه إلى "غض النظر" وبالتالي يضعون الجيش في إرباكٍ بين كلام رسمي وغير رسمي".
وشدد على أن "السلطة المسؤولة في الأزمات الكبيرة تتوجه إلى شعبها وتخبره الحقيقة وما تستطيع أن تقوم به وما لا يمكنها فعله وتضع رؤية واضحة لكيفية تأمين الطمأنينة لشعبها، حتى لا يفتش كل فرد على حماية ذاتية له وأنه لديه الحق والشرعية بأن يحمي نفسه لأنه مهدد".
منسى: الجيش يواصل تنفيذ خطة حصر السلاح
من جهته، أكد وزير الدفاع ميشال منسى، في حوار مع برنامج "حوارات السراي" أن" لجنة الميكانزيم التي أنشئت لتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية ومراقبته، تتجه إلى اكتساب دور تفاوضي يمهد لبدء مفاوضات غير مباشرة تهدف إلى تثبيت الأمن والاستقرار على الحدود الجنوبية"، موضحاً أن "التفاوض غير المباشر يمكن أن يبدأ عبر هذه الآلية، في ظل الحاجة لإنهاء حال الحرب التي أثرت على اللبنانيين اقتصادياً وعسكرياً ومالياً".
وأشار منسى إلى أن "الجيش يواصل تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة، التي أقرها مجلس الوزراء في أيلول 2025"، موضحا أن "المرحلة الأولى تشمل المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني حتى الحدود، ومن المتوقع إنجازها قبل نهاية العام"، مشدداً على أنه "لا يعقل أن يكون هناك بندقيتان على الأرض، وإنما بندقية الدولة فقط، ومن هنا جاء قرار مجلس الوزراء بحصرية السلاح".
وبالنسبة إلى تصريح المبعوث الأميركي توم باراك الذي دعا الرئيس جوزاف عون إلى التواصل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال منسى: "لا يمكن أن يحصل، ونحن في المؤسسة العسكرية أصحاب صمود". وفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية، شدد منسى على أن "الجيش ملتزم الدفاع عن السيادة اللبنانية والرد على أي توغل"، قائلا: "نواجه بإمكاناتنا المتوافرة، ومن لحمنا الحي، ونطلب الدعم لتعزيز قدراتنا".
وفي ملف الدعم الدولي، أعلن أن "لبنان تلقى مساعدات أميركية بقيمة 230 مليون دولار من دون شروط، إلى جانب دعم أوروبي بقيمة 12.5 مليون يورو مخصص للمعدات غير القتالية"، مشيرا إلى "اتصالات مع اليونان والكويت لتزويد الجيش بأسلحة وتجهيزات إضافية استعدادا لتسلمه كامل مهامه في الجنوب بعد انسحاب اليونيفيل".
العلاقة مع سوريا
وفيما يتعلق بالعلاقة مع سوريا، لفت منسى إلى أن "العلاقات اللبنانية – السورية تشهد تطورا إيجابيا على المستويين الأمني والسياسي"، مشيرا إلى "توقيع اتفاقية تعاون أمني مع نظيره السوري خلال لقاء عقد في السعودية، هدفت إلى تهدئة الأوضاع على الحدود الشرقية وضبط عمليات التهريب".
وأوضح أن "الحوادث التي شهدتها الحدود أخيرا دفعت الجانبين إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة للتنسيق الفوري بين النقاط العسكرية اللبنانية والسورية عند وقوع أي حادث، ما ساهم في تثبيت الهدنة وتخفيف التوتر".
وأشار إلى أنّ" التعاون بين البلدين توسع ليشمل مجالات أخرى، منها الاتفاق القضائي المرتقب لتسليم المطلوبين"، مؤكدا أن "الإرادة السياسية موجودة لدى الطرفين للوصول إلى ترسيم الحدود، رغم تأخر الجاهزية الفنية من الجانب السوري".
وفيما يتعلق بملف ترسيم الحدود مع سوريا ومزارع شبعا، شدد على أن "هذا الملف سيبحث في إطار لجان متخصصة في الوقت المناسب"، مشيدا بـ"الدور السعودي في رعاية الحوار الإقليمي الهادف إلى تعزيز الأمن والاستقرار على الحدود اللبنانية".
وفيما يتعلق بمكافحة تهريب المخدرات والكبتاغون، أوضح وزير الدفاع أن "المعامل الأساسية كانت في سوريا قبل أن تنتقل بعض النشاطات إلى لبنان"، مشددا على أن "التنسيق الأمني بين الجيشين اللبناني والسوري أدى إلى انخفاض كبير في عمليات التهريب".
أما في ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، فأعلن أن" 5 مخيمات تم نزع سلاحها الثقيل والمتوسط، والعمل جار لاستكمال العملية في باقي المخيمات، تنفيذا لقرار مجلس الوزراء بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية".
وعن حادثة مقتل الشاب إليو أبي حنا في مخيم شاتيلا، أكد منسى أن" التحقيقات ما زالت مستمرة، وأن نتائجها ستعلن فور اكتمالها"، داعيا إلى" التريث وعدم استباق نتائج التحقيق".
وختم في موضوع إعادة العمل بخدمة العلم، فكشف أن "وزارة الدفاع تدرس إعادة تفعيلها بصيغة جديدة تشجع الشباب على الانخراط في المؤسسة العسكرية، مع تعديل المنهجية بما يتناسب مع الظروف الحالية".
مكي: التهديدات الإسرائيلية ضغط وتهويل
على صعيد متصل، وضع وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بضرب بيروت، في إطار "الضغوط والتهويل واستبداد العدو وقيامه بإرهاب الدولة اللبنانية". وقال في حديث إذاعي: "بوجود دولة مثل اسرائيل لا تلتزم القرارات الدولية، لا يمكن أن يكون لدينا تصور لما سيحصل، ولكن نسعى بالطرق كافة، لاسيما الديبلوماسية لتفادي هذا التصعيد".
ودعا إلى "انتظار التقرير الثاني للجيش اللبناني، ما قبل الأخير للسنة الحالية، الذي سيعرض في الجلسة غدًا لتتحدد على أساسه المشاكل والصعوبات ومسار عملية التنفيذ على الأرض".
