أكَّدَ رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنَّه "ليس أمام لبنان إلّا خيارُ التفاوض"، موضحًا أنَّ "في السياسة ثلاث أدوات للعمل، وهي الدبلوماسيّة والاقتصاديّة والحربيّة، فعندما لا تؤدّي بنا الحرب إلى أيّ نتيجة، ما العمل؟ فَنِهايةُ كلّ حرب في مختلف دول العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف، بل مع عدو". وشدَّد على أنَّ "لغة التفاوض أهمّ من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسيّة التي نعتمدها جميعًا، من الرئيس نبيه برّي إلى الرئيس نواف سلام".
كلام عون جاء خلال استقباله وفدًا من آل خليل، حيث قال "لا أعمل في السياسة، بل أنا رجل دولة، والبعض يعتبر لبنان ملكًا له فيما أعتبر نفسي ملكًا للبنان".
عون اعتبر أنَّ "هناك صعوبات كثيرة في هذه المرحلة بالذات، فداخليًّا، تعمل الحكومة ومنذ تشكيلها على تنفيذ الإصلاحات، والمؤشّرات الاقتصاديّة جيّدة جدًّا، وحتى أن شركات الإحصاءات الدوليّة لحظت أن هذه الحكومة استطاعت أن تحقّق نقلة نوعيّة خلال فترة وجيزة لم تتمكّن غيرها من الحكومات من تحقيقه منذ 20 عامًا، ونحن نتوقّع أن تكون نسبة النمو حتى نهاية هذا العام 5 في المئة".
ولفت عون إلى "أنّنا في سنة انتخابات نيابيّة، والجميع يريد أن يحقّق إنجازات فيها حتى ولو كانت على حساب مصلحة الوطن".
العلاقة مع سوريا
أمّا فيما يتعلّق بموضوع التحدّيات في المنطقة، فقال عون "بدأنا بمعالجة ملف العلاقات مع سوريا وبدأت الأمور تصبح أكثر تبلورًا والنوايا الجديّة موجودة ومتبادلة، وقريبًا سيتم تشكيل لجان مشتركة لحلّ مسألة ترسيم الحدود، وعدد كبير من النازحين السوريين بدأ بالعودة إلى بلاده، وعلينا نحن كلبنانيين تحمّل مسؤوليّة بعض الأمور في هذا المجال، لاسيّما لجهة اليد العاملة السوريّة وتفضيلها على تلك اللبنانيّة ممّا يشجّع المواطنين السوريين على البقاء في لبنان".
وفي غير سياق، قال "أعيد وأكرّر أن الوضع جيّد، فالزيارة التي سيقوم بها البابا لاون للبنان، والمؤتمرات الدوليّة فيه، ما هي إلّا دليل عافية وازدهار واستقرار، فهدفنا مصلحة لبنان وإنقاذه وإعادته ليلعب دوره الأساسي على الخريطة العربيّة والعالميّة، والمطلوب منّا جميعًا تحقيق المصلحة الوطنيّة، وقد رأينا إلى أين ذهبت بنا الانقسامات والصراعات الداخليّة التي دمّرت لبنان وأعادته إلى الوراء من دون أن يحقّق أي طرف داخلي انتصارات".
متابعة قضية مقتل إيليو أبو حنّا
ديبلوماسيًّا، كان عون استقبل في وقت سابق منسّقة الأمم المتحدة في لبنان السفيرة جانين بلاسخارت، وأجرى معها جولة أفق تناولت الأوضاع العامّة في لبنان والمنطقة في ضوء التطوّرات الأخيرة، لاسيّما تلك المتّصلة بسبل معالجة الوضع في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيليّة والاتّصالات الجارية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
كذلك استقبل عون عائلة الشاب إيليو أبو حنّا الذي قضى برصاص مسلّحين في منطقة مخيّم شاتيلا، حيث استمع من الوفد إلى المعطيات التي تكونت حول ظروف مقتل الشاب إيليو، والأهميّة التي تعلّقها العائلة على كشف ملابسات الجريمة التي استهدفته، مؤكّدًا أنّه أعطى تعليماته منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة إلى الأجهزة الأمنيّة للتحقيق حتى معرفة حقيقة ما حصل، لافتًا إلى وجود ستة موقوفين لدى مديريّة المخابرات في الجيش يُجرى التحقيق معهم، والبحث مستمر عن ثلاثة آخرين وردت معلومات عن اشتراكهم في الجريمة.
هيكل يشارك بحوار المنامة
إلى ذلك، شارك قائدُ الجيشِ العمادُ رودولف هيكل في "حوار المنامة 2025" في مملكة البحرين، الذي نظّمَه المعهدُ الدوليّ للدّراسات الاستراتيجيّة IISS بين 31/10/2025 و2/11/2025، بالتعاون مع وزارة الخارجيّة في مملكة البحرين، وبمشاركة شخصيّاتٍ رسميّةٍ من وزراء ورؤساء أجهزة أمنيّة وقادة جيوش من دول عدّة حول العالم. وتضمّن الحوار طرح رؤى استراتيجيّة ركّزت على أهميّة التعاون الدولي، وتبنّي مقاربات شاملة للأمن والسِّلم، والدعوة إلى الحوار والتخطيط الواقعي لمعالجة جذور الأزمات وتعزيز التنمية المستدامة.
وعلى هامش الحوار، عقد العمادُ هيكل سلسلة لقاءات مع وزير الخارجيّة الألماني يوهان فاديفول، ومساعد وزير الدفاع السعودي للشؤون التنفيذيّة الدكتور خالد البياري، وقائد القيادة الوسطى الأميركيّة الأدميرال براد كوبر، ورئيس أركان الدفاع البريطاني الفريق أوّل ريتشارد نايتون، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجندر، والمدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجيّة IISS الماريشال الجوّي المتقاعد سامي سامبسن، حيث جرى البحث في سبل تعزيز قدرات الجيش في ظلّ المرحلة الحالية الدقيقة، وتثبيت وقف الاعتداءات والخروق من جانب العدو الإسرائيلي، والالتزام باتّفاق وقف الأعمال العدائيّة.
كما التقى رئيسَ هيئة الأركان المشتركة للقوّات المسلّحة الأردنيّة اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، ورئيس الأركان العامة للجيش الكويتي الفريق خالد الشريعان، ورئيس اللجنة العسكريّة في الناتو الأدميرال جوزيبي كافو دراغوني، ومدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج في المفوضيّة الأوروبيّة ستيفانو سانينو، ومدير التحليل والدراسات في مجلس الدفاع الأعلى الإيطالي اللواء ستيفانو ديل كول، ومدير المخابرات القبرصيّة تاسوس تزيونيس، وخلال هذه اللقاءات، جرى عرض سبل التعاون بين جيوش الدول المذكورة والجيش اللبناني، إضافةً إلى التحديات الراهنة في المنطقة وطرائق مواجهتها.
