أكّد رئيس الحكومة اللبنانيّة نواف سلام، في مؤتمرٍ صحافيٍّ مشتركٍ مع نظيره المصريّ مصطفى مدبولي، أنّ "العلاقات اللّبنانيّة المصريّة نتاج تاريخٍ طويلٍ من التفاعل الفكريّ والإنسانيّ، واليوم نلتقي مجدّدًا لتجديد الرّوح في المستقبل، نحو الاستثمار في الإنسان".
وأوضح سلام: "ناقشنا ملفاتٍ تمسّ جوهر حياة مواطنينا، ووقّعنا عددًا من الاتفاقيّات ومذكّرات التفاهم التي تجسّد التعاون"، مضيفًا أنّ "لبنان يقدّر عاليًا دور مصر في دعم الاستقرار الإقليمي، وفي الدّفاع عن القضايا العربيّة، وفي السعي إلى ترسيخ الحلول السّلميّة، وقد كانت مصر دائمًا إلى جانب لبنان".
من جهته، رحّب رئيس مجلس الوزراء المصريّ مصطفى مدبولي بسلام، مؤكّدًا أنّ "اللجنة العليا المشتركة بين مصر ولبنان انعقدت بعد مرور ستّ سنواتٍ على انعقاد الدّورة التاسعة في بيروت"، وأنّه "تمّ التوقيع على خمس عشرة مذكرة تفاهمٍ بين البلدين"، لافتًا إلى "توجيهاتٍ من الرئيس المصريّ بالحرص على دوريّة انعقاد اللجنة المشتركة". وتابع: "تمّ الاتفاق على زيارةٍ مرتقبةٍ إلى بيروت، بصحبة عددٍ من الوزراء الشهر المقبل، وحجم التبادل التجاريّ بين البلدين بلغ مليار دولارٍ حتى عام 2024".
وشدّد مدبولي على أنّ "هناك توجيهاتٍ من الرئيس عبد الفتّاح السّيسي لتقديم كافّة أشكال الدعم للبنان خلال الفترة المقبلة، ودعم مشروعات إعادة الإعمار في الجنوب اللّبنانيّ"، مجدّدًا "دعم كلّ ما تقوم به الحكومة اللّبنانيّة للحفاظ على أمن لبنان"، وداعيًا الجيش الإسرائيليّ إلى "الانسحاب من النقاط الخمس".
اختُتِمَت في القاهرة اليوم أعمالُ الدورةِ العاشرةِ للجنةِ العُليا اللُّبنانية المصرية المشتركة، برئاسةِ رئيسِ مجلسِ الوزراءِ اللُّبناني الدكتور نواف سلام، ورئيسِ مجلسِ الوزراءِ المصري الدكتور مصطفى مدبولي، وبحضورِ عددٍ من الوزراءِ وكبارِ المسؤولين من الجانبين. وأسفرت الاجتماعاتُ عن توقيعِ خمسَ عشرةَ اتفاقيةً ومذكرةِ تفاهمٍ وبرنامجٍ تنفيذي في مجالاتٍ متعدّدة، شَمِلَت الاقتصادَ والتجارة، والنقل، والتعليمَ العالي، والزراعة، والطاقة، والمالية، والإدارةَ العامة، والبيئة، والتنميةَ الإدارية، والتعاونَ الصناعي، وحمايةَ المستهلك، وتنظيمَ العملِ المشترك بين الأجهزةِ الرقابيةِ في البلدين.
وضمّ الوفدُ اللُّبناني وزيرَ الاقتصادِ والتجارة عامر البساط، ووزيرَ الخارجيةِ والمغتربين السفير يوسف رجي، ووزيرَ الأشغالِ العامةِ والنقل فايز رسامني، ووزيرَ المالية ياسين جابر، وأمينَ عامِّ مجلسِ الوزراء القاضي محمود مكيّة، والمديرَ العامَّ لوزارةِ الاقتصادِ والتجارة الدكتور محمد أبو حيدر، وسفيرَ لبنان لدى جمهوريةِ مصرَ العربية السفير علي الحلبي، ومستشارةَ رئيسِ مجلسِ الوزراء السفيرة كلود الحجل.
وفي القاهرة، كان قد التقى سلام وزير الخارجيّة والهجرة المصريّ بدر عبد العاطي، حيث جرى البحث في "العلاقات الثنائيّة بين لبنان ومصر، وتطوّرات الأوضاع في غزّة والمنطقة، ولا سيّما المرحلة التي تلت اتفاق غزّة وقمّة شرم الشيخ وما رافقها من جهودٍ إقليميّةٍ ودوليّةٍ لتثبيت الاستقرار". وأكّد عبد العاطي "حرص مصر على مواصلة التنسيق والتشاور مع لبنان في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك"، مشيرًا إلى "الزّخم الذي تشهده العلاقات على المستويين الرّئاسيّ والوزاريّ، والتطلّع إلى تطوير التعاون السياسيّ والاقتصاديّ والثقافيّ بين البلدين".
وشدّد الوزير على "أهميّة انعقاد الدّورة العاشرة للجنة العليا المصريّة – اللّبنانيّة المشتركة كإطارٍ لتعزيز التعاون، وتفعيل الاتفاقيّات ومذكّرات التفاهم القائمة، بما يسهم في إحداث نقلةٍ نوعيّةٍ في مسار العلاقات الثنائيّة". وجدّد "موقف مصر الثابت في دعم سيادة لبنان ووحدته الوطنيّة، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ووقف الاعتداءات الإسرائيليّة المتكرّرة، وضرورة التنفيذ الكامل وغير الانتقائيّ للقرار 1701".
كما استعرض عبد العاطي "الجهود المبذولة لتثبيت اتفاق شرم الشيخ وتنفيذ بنوده بالكامل، تمهيدًا لبدء مرحلة إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار في غزّة"، مشيرًا إلى "التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكّر وإعادة الإعمار والتنمية في القطاع بمشاركةٍ عربيّةٍ ودوليّةٍ واسعة".
وختم سلام مثمّنًا "الدّور المصريّ المحوريّ في تثبيت اتفاق غزّة ورعاية الجهود الإقليميّة من أجل الاستقرار"، مؤكّدًا أنّ "لبنان يسعى إلى الاستفادة من المناخ الإقليميّ الجديد لتثبيت وقف الأعمال العدائيّة"، ومشيرًا إلى أنّ "الظروف الحاليّة تشكّل فرصةً لإطلاق مرحلةٍ جديدةٍ من التعاون العربيّ والدوليّ دعمًا لاستقرار لبنان".
