العام الأول بعد الحرب: لبنان أمام اختبار الوحدة الوطنية

رأيعمر العريضيالسبت 2025/11/01
2.jpg
تجربة هدنة ال49 بين أيدينا، فلننطلق منها ونذهب إلى تحديثها (علي علوش)
حجم الخط
مشاركة عبر

نقترب من الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، بعد حرب مدمرة غيرت كل الموازين وأرست واقعاً جديداً ليس فقط في لبنان، بل في المنطقة ككل، مما يحتم علينا قراءة نتائجها كما هي:

أولاً، حزب الله تلقى ضربات حاسمة لبنيته العسكرية ولقيادته أبرزها طبعاً اغتيال أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله.

ثانياً، سقوط نظام الأسد بعد أيام من انتهاء الحرب وقطع الشريان الأساسي بين طهران وبيروت وخط الإمداد الأكبر للحزب، وقيام نظام في سوريا معاد لإيران وحزب الله نظرا لدورهما في الحرب السورية.

ثالثاً، جاءت الحرب الإيرانية الإسرائيلية التي كشفت إيران بالكامل أمام سلاح الجو الإسرائيلي وأدت الى اغتيال عدد من المسؤولين الإيرانيين وتدمير القسم الأكبر من المنشآت النووية جراء القصف الأميركي.

لبنانياً، غيرت  الحرب الكثير أيضا، والمأساة في الجنوب مستمرة مع الاعتداءات الإسرائيلية اليومية من قتل ودمار ومنع أهل القرى من العودة وإعادة الإعمار. أما على الصعيد السياسي فالانقسامات كبيرة، وتخوين واتهامات متبادلة، فالأداء والخطاب السياسي للبعض ليس على مستوى المرحلة.

 نعم رغم قساوة المشهد فلبنان أمام فرصة تاريخية إن كان على صعيد بناء الدولة أو على صعيد تثبيت الاستقرار. تبرز هنا مواقف رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي ومنذ توليه الرئاسة يبدي كل الحرص على الاستقرار الداخلي والخصوصية اللبنانية في مقاربة الاستحقاقات وأبرزها النقاش الدائر اليوم حول المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية.

 

التحولات في المنطقة 

عندما نقرأ التحولات في المنطقة ينبغي التعامل معها بواقعية وتحديد مصالحنا منها، والاعتراف أنه من الصعب استبعاد لبنان عنها. سوريا تتجه نحو اتفاق أمني جديد مع إسرائيل التي تحاول فرض شروطها، السعودية، وبعد إيقاف الحرب على غزة تتعرض لضغط كبير للالتحاق بالاتفاقات الإبراهيمية، ولبنان يتعرض لحملات سياسية عسكرية واقتصادية شرسة من أجل الذهاب إلى طاولة التفاوض التي يريدها الإسرائيلي تحت النار. 

 

هذا الواقع الجديد، وليس بإمكان أي مراقب عاقل إنكاره، فما العمل لبنانياً؟ لا شك أن لنا مصلحة باتفاق يكرس الاستقرار على حدودنا الجنوبية ويتيح العودة لأهل الجنوب وإعادة الإعمار ويبعد شبح الحرب عن البلد. لكن هنا سؤال يطرح نفسه، هل الإسرائيلي يريد اتفاقا وهو صاحب تاريخ حافل بالتنصل من التزاماته، والسنة الأخيرة في لبنان خير دليل على ذلك؟ هنا لا بد من التعويل على الضغط الأميركي والمطالبة بالمزيد منه، فمن استطاع إيقاف حرب غزة والجلوس في غرفة واحدة مع حركة حماس، لا يصعب عليه إلزام الإسرائيلي بالتعاطي إيجابيا مع لبنان. أيضا نرى اليوم الدور المصري، وهو مرحب به وعنصر مساعد لإيجاد الحلول والمخارج وهم أصحاب تجربة مؤتمر شرم الشيخ الأخير.

للأسف تعودنا في لبنان أن اي نقاش حول هذا الموضوع خصوصا يتحكم به الحساب السياسي الضيق أو الاحقاد، ولا يقارب من باب الواقعية أو المصلحة الوطنية. فالبعض يريد استخدام نتائج الحرب لحساباته الخاصة والاستقواء بالخارج على حساب شريكه في البلد، والبعض الآخر يراهن على الوقت أو مفاوضات من هنا أو هناك لتحسين وضعه وشروطه

ومن أجل إنجاح هكذا اتفاق من الضروري الالتفاف حول موقف وطني واحد يعبر عنه رئيس الجمهورية جوزاف عون بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري نظرا لمكانته الوطنية وشرعيته ضمن الطائفة الشيعية التي وبالمناسبة تشكل عنصراً أساسيا من النسيج اللبناني وشريكاً ضروريا لهكذا اتفاق.

لبنان أبدى كل استعداد للانتقال إلى مرحلة جديدة، من خلال التصريحات العلنية لأركان الحكم، والتزامه مسألة حصر السلاح وقرارات الحكومة بشأنها، وإنجازات الجيش في الجنوب لتنفيذها باعتراف الجميع وآخرهم الجنرال كليرفيلد رئيس "الميكانزيم"الفرصة إذا قائمة لبنانياً، لكن لبنان ليس وحده المعني بإنجاح هذا الأمر، فالمطلوب من إسرائيل إبداء النية أيضاً والالتزام لإعطاء فرصة حقيقية للمفاوضات. فتجربة هدنة عام 49 بين أيدينا، فلننطلق منها ونذهب إلى تحديثها وترسيم حدودنا الجنوبية. هذا يتطلب اجماعاً وطنياً ودوراً أميركياً ضاغطاً لنصل جميعاً إلى بر الأمان والتركيز على بناء بلدنا.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث