أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون استعداد لبنان للمفاوضات من أجل انهاء الاحتلال الإسرائيلي، لافتاً إلى أنه "أي تفاوض لا يكون من جانب واحد، بل يحتاج إلى إرادة متبادلة وهذا الأمر غير متوافر بعد"، مشيراً إلى أن "شكل التفاوض وزمانه ومكانه فيحدد لاحقاً".
كلام عون جاء خلال استقباله وزير خارجية المانيا يوهان فاديفول والوفد المرافق، في قصر بعبدا، حيث طلب رئيس الجمهورية من فاديفول أن "يضغط على المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على إسرائيل للتقيد باتفاق وقف الاعمال العدائية المعلن في تشرين الثاني الماضي، وتمكين الجيش اللبناني من الانتشار حتى الحدود الجنوبية الدولية، واستكمال تنفيذ الخطط الموضوعة لبسط سيادة لبنان على كامل أراضيه".
عون قال للوفد الألماني "نحن لسنا من دعاة حروب لأننا جربناها وتعلمنا منها العبر لذلك نريد إعادة الاستقرار إلى لبنان بدءا من جنوبه"، مؤكداً ان "خيار التفاوض هو من أجل استرجاع أرضنا المحتلة وإعادة الاسرى وتحقيق الانسحاب الكامل من التلال، لكن هذا الخيار لم يقابله الطرف الاخر إلا بمزيد من الاعتداءات على لبنان، في الجنوب والبقاع وارتفاع منسوب التصعيد". وأشار عون إلى أن "عدم تجاوب إسرائيل مع الدعوات المستمرة لوقف اعتداءاتها يؤكد على أن قرار إسرائيل العدواني لا يزال هو خيارها الأول، الأمر الذي يلقي مسؤولية على المجتمع الدولي لدعم موقف لبنان الداعي إلى تحقيق الأمان والاستقرار"، لافتاً إلى أن "الجيش اللبناني يقوم بواجبه كاملا في جنوب الليطاني، إضافة إلى مهامه الكثيرة على مستوى الوطن ككل، ولبنان يرحب بأي دعم للجيش وتوفير الإمكانات الضرورية له لتمكينه من القيام بدوره الكامل في حفظ السيادة وسلامة الوطن".
وتابع عون مؤكداً أن "عديد الجيش في الجنوب سيرتفع قبل نهاية السنة إلى عشرة الاف جندي، والتعاون قائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في الجنوب"، مجدداً إدانة لبنان للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدفه من حين إلى آخر"، ومنوهاً بموقف الاتحاد الأوروبي الذي دان التعرض لليونيفيل التي تعمل على تطبيق القرارات الدولية وإحلال الامن والاستقرار في الجنوب.
وأكد عون في هذا الإطار أن "الجيش هو الضمانة الوحيدة لحماية لبنان والدفاع عن سيادته ولا حلول لأمن مستدام من دونه".
سلام: الحكومة أنجزت رزمة من الإصلاحات
وكذلك استقبل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في السراي الكبير وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول والوفد المرافق. وأكّد فاديفول استعداد ألمانيا للوقوف إلى جانب لبنان ودعم الجيش اللبناني خلال المؤتمر الدولي المرتقب، مشددًا على أهمية مواصلة الحكومة اللبنانية تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية، وإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لما له من دورٍ أساسي في تعزيز الثقة الدولية بلبنان ودعم مسار التعافي الاقتصادي.
من جهته، أكّد سلام أنّ الحكومة أنجزت رزمة من الإصلاحات، خصوصًا في الملفين المالي والإداري، وهي ماضية في هذا المسار، وتعمل على الانتهاء من إعداد مشروع قانون الفجوة المالية في أقرب وقت.
الوفد الألماني زار وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي في وقت سابق من اليوم، حيث أكد وزير خارجية ألمانيا خلال اللقاء، أن زيارته إلى بيروت هدفها الاطلاع عن كثب على ما يمكن لألمانيا القيام به للمساعدة في تحقيق الاستقرار في لبنان باعتباره مفتاحا للاستقرار في المنطقة، مشدداً على أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية غير مقبول، ومؤكدا ضرورة احترام إسرائيل سيادة لبنان والتزامها وحزب الله بترتيبات وقف الأعمال العدائية.
واعتبر أن عدم نجاح لبنان في حصر السلاح سيرسل إشارة سلبية عن عدم قدرة الدولة اللبنانية على السيطرة على قرارها.
من جهته، طلب رجّي من ألمانيا المساعدة في الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من الأراضي التي تحتلها والالتزام بتعهداتها بموجب إعلان وقف الأعمال العدائية. واعتبر أن الحل الدبلوماسي وليس العسكري هو وحده الكفيل بتحقيق الاستقرار وتثبيت الهدوء في الجنوب، مؤكدا أن الحكومة اللبنانية ماضية بتنفيذ قرار حصر السلاح بيدها بخطوات تدريجية وأن الجيش اللبناني يواصل مهمته على أكمل وجه.
سلام من بكركي: الانتخابات في موعدها
في سياق آخر، أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن "الانتخابات النيابية ستُجرى في موعدها الدستوري، ونحن كحكومة نعمل على هذا الأساس، وهذه مسألة غير قابلة للنقاش"، لافتاً إلى أنه تم "تشكل لجنة وزارية مصغّرة للنظر في تطبيق قانون الانتخاب، إذ توجد بعض الثغرات ونقاط عدم الوضوح، وهذه مسألة تشريعية بامتياز تتعدّى صلاحيات الحكومة. كلام سلام جاء بعد زيارته صباح اليوم، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي.
وتطرق اللقاء بالإضافة إلى الانتخابات النيابية، الجانب الأمني. وفي تصريح لسلام بعد الزيارة، ورداً على سؤال حول القلق من الوضع الأمني ومسألة حصر السلاح، قال: "هناك قرار اتُّخذ، وقدّم لنا الجيش خطة للتنفيذ، وفي أقل من أسبوع سنكون على موعد مع تقرير جديد من قائد الجيش، ولا تراجع عن قرار حصر السلاح".
وأكد سلام "نشهد تصعيدًا إسرائيليًّا، ونعمل بكل جهدنا عبر الآلية المعتمدة وعلاقاتنا العربية والدولية لحشد كل إمكاناتنا لوقف الانتهاكات الإسرائيلية والعودة إلى اتفاق وقف الأعمال العدائية"، مشيراً إلى أنه "وقد اتخذنا خطوات جدّية في ما يخصّ السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، حيث تمّ تسليم أكثر من عشرين شاحنة من السلاح الثقيل، وهذا مسار مستمرّ لم ننتهِ منه بعد".
وأكد سلام من بكركي، ردًّا على سؤال، أن "اللقاء مع قداسة البابا كان مهمًّا ومفيدًا جدًّا، ونأمل خيرًا من زيارته المرتقبة إلى لبنان".
وفي وقت سابق، وتعليقًا على تقرير موثق عن بيع شهادات جامعية مزوّرة، كتب سلام على منصة إكس: "نظراً لخطورة ما يتضمنه الفيديو المأخوذ من برنامج بث على محطة الجديد، اتصلت صباح اليوم بوزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي من اجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بهذا الخصوص. وهي سوف تتقدم بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية لإجراء المقتضى".
وأضاف: "لينل كل من يثبته التحقيق إنه مرتكب أقصى الجزاء في حال صحّت المعلومات الواردة في هذا الفيديو. فلا العبث بمستقبل أولادنا أو بسمعة مؤسساتنا التربوية أمر يمكن السكوت عنه أو الاستهانة به بأي شكل من الأشكال".
الحجار مشاركاً في "حوار المنامة"
في سياق آخر، أكد وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار أنّ مشاركة لبنان في "حوار المنامة" تشكّل محطة أساسية لإبراز حضوره الفاعل على الساحة الإقليمية، وفرصة لتأكيد التزامه بالعمل العربي المشترك وتعزيز التعاون مع الدول الشقيقة، وخصوصًا مملكة البحرين.
وأشار إلى أنّ العلاقات اللبنانية – البحرينية تشهد دفعًا جديدًا بعد الزيارة الأخيرة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى المنامة وتعيين سفير جديد للبحرين في بيروت، لافتًا إلى أنّ زيارته الحالية إلى البحرين تأتي تلبية لدعوة وزير الداخلية البحريني لبحث الملفات المشتركة وتطوير التعاون الثنائي.
وشدّد الحجار على أنّ لبنان يعوّل على مشاركته في المنتدى الأمني الدولي لتأكيد دوره كشريك في الأمن والاستقرار الإقليمي، وبحث سبل التعاون الأمني والاقتصادي، مؤكدًا في الوقت نفسه التزام الحكومة بمسار الإصلاحات وبسط سلطة الدولة وتفعيل مؤسساتها.
وختم الحجار بالتشديد على أنّ مشاركة لبنان في «حوار المنامة» تمثل فرصة لتعزيز الحضور اللبناني وتأكيد انفتاحه واستعداده للتعاون العربي والدولي، بما يخدم الأمن والاستقرار المشترك في المنطقة.
