كشفت مصادر مُطَّلِعة على أجواء لقاء رئيس الجمهوريّة جوزاف عون مع الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس لـ"المدن"، أنّ اللقاء "كان إيجابيًّا للغاية"، مشيرةً إلى أنّ البحث تناول "الدعم العسكري للجيش، وتثبيت الاستقرار على الحدود، وآفاق ما بعد اتفاق غزّة".
وبحسب المصادر، أشادت أورتاغوس "بما حقَّقَهُ الجيشُ اللبنانيُّ في المرحلة الأخيرة"، مؤكِّدةً "ضرورةَ دعمِهِ على مختلف المستويات المادِّيّة واللوجستيّة"، ولا سيّما من قِبَل الجهات الدوليّة. ولفتت الموفدة الأميركيّة، وفق المصادر نفسها، إلى أنّ الإدارة الأميركيّة "مُهتمّة بلبنان ومُتَمسِّكة بسيادته".
وتطرّق النقاش إلى التطوّرات التي تَلَت اتفاق غزّة، وسط تشديدٍ على "أهمِّيّة الاستفادة من المناخ الإيجابي الذي أوجده هذا الاتفاق"، بحسب المصادر. كما جرى التداول في سُبُل تفعيل عمل "الميكانزم"، وإيجاد الآليّات المناسبة لتطبيق "اتفاق 27 تشرين الأوّل" بشكل أوسع، بحيث "يشمل جميع الأراضي اللبنانية وصولًا إلى الحدود الشرقيّة"، وذلك "بهدف تثبيت الاستقرار على الحدود الجنوبيّة والشرقيّة معًا".
وأشارت المصادر إلى أنّ جزءًا أساسيًّا من البحث تناول ملفّ الحدود وضرورة منع أيّ توتّر مُستقبلي، من خلال توسيع آليّات التنسيق الميداني بما يضمن بسط سلطة الدولة على كامل الخطوط الحدوديّة.
وفي ما يتعلّق بالمفاوضات بين لبنان وإسرائيل، أكّدت المصادر أنّ النقاش "اقتصر على الجوانب التقنيّة"، موضحةً أنّه "لم يتمّ التطرُّق إلى المسار الدبلوماسي أو السياسي المباشر"، وأنّ البحث كان "فنّيًّا، أمنيًّا، عملانيًّا"، لا أكثر.
وجاء لقاء قائد الجيش مع أورتاغوس ضمن جولة تقوم بها الموفدة الأميركيّة في بيروت. وكانت أورتاغوس استهلّت زيارتها بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة صباحًا، قبل أن تنتقل إلى قصر بعبدا حيث استقبلها رئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون. وقد استمرّ اللقاء ساعةً، من دون تصريحات إعلاميّة أو السماح بتصوير فيديو، خلافًا لما جرى في زيارات سابقة لها.
وحضر اللقاء في بعبدا القائم بالأعمال في السفارة الأميركيّة في لبنان كيث هاننغان والمستشار السياسي في السفارة ماثيو توتيلو. وخلال الاجتماع، أكّد عون "ضرورة تفعيل عمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائيّة، الميكانزم، ولا سيّما لجهة وقف الخروقات والاعتداءات الإسرائيليّة المستمرّة على لبنان، وتطبيق القرار 1701 في الجنوب، لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدوليّة الجنوبيّة". كما شدَّد عون على "ضرورة تمكين المواطنين الجنوبيين من العودة إلى منازلهم، وترميم المتضرّر منها، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء".
ونُقِل أنّ عون كان "مرتاحًا للقاء" مع أورتاغوس، وأنّ "كلّ ما حُكِيَ عن تهويل وتهديد بالحرب تحملُه الموفدة الأميركيّة غير صحيح". ووفق معلومات "المدن"، فإنّ أورتاغوس طرحت "أن يكون التفاوض مع إسرائيل عبر لجان تضمّ دبلوماسيين"، إضافةً إلى "تطوير عمل لجنة الميكانزم لتضم دبلوماسيين". وتُعدّ هذه النقطة أحد أبعاد الرسالة التي أرادت أورتاغوس إيصالها إلى الجانب اللبناني.
وبحسب المعلومات نفسها، نقلت أورتاغوس إلى الرئيس بري ما يُشاع عن "تهريب أسلحة من سوريا إلى لبنان، وضرورة ضبط هذه الحدود". كما كُشف أنّها "تحمل رسالة من إسرائيل بوجوب ضبط الحدود الشرقيّة كاملةً، خصوصًا بعد الكلام عن وصول أموال وأسلحة إلى حزب الله". وفي مسألة التفاوض المباشر مع إسرائيل، تبحث أورتاغوس في "العودة إلى اللجان المشتركة بين البلدين، على ألا تنحصر بالعسكريين والتقنيين، بل ينضمّ إليها مدنيّون".
إلى ذلك، قالت مصادر عين التينة "للمدن" إنّ "اللقاء بين بري والموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس كان جيّدًا وبنّاءً"، لافتةً إلى أنّ "اللقاء خلا من كلّ ما تمّ تَرويجه قبل أيام من رسائل تحذيريّة للبنان، وما مورس من تهويل خلال الأيام الماضية لم يكن له مكان في اللقاء". وأضافت المصادر أنّ "اللقاء من الممكن البناء عليه للفترة المقبلة"، مشيرةً إلى أنّ "الرئيس بري أكّد أنّ لبنان يقوم بدوره وملتزم بالاتفاقات الدوليّة واتفاق وقف إطلاق النار، والمطلوب التزام من جانب إسرائيل". كما أكّد بري أمام أورتاغوس أنّ "الميكانزم هي المعنيّة بتطبيق ما تمّ الاتفاق عليه".
وفي سياق متصل، استقبل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في السراي الكبير مستشارة بعثة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة مورغان أورتاغوس، في حضور القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركيّة في بيروت كيث هاننغان. وتمّ خلال اللقاء عرض عمل لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائيّة "الميكانزم" ودورها. وشدّد الرئيس سلام على أنّ "هدف أيّ مفاوضات هو تطبيق إعلان وقف الأعمال العدائيّة الصادر في تشرين الثاني الماضي، ولا سيّما لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيليّة والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة المحتلّة". وأضاف أنّ من أهداف هذا المسار أيضًا "الوصول إلى الإفراج عن الأسرى اللبنانيين".
وأشار سلام إلى أنّ "تطبيق قرار الحكومة بحصر السلاح، سواء جنوب نهر الليطاني أو شماله، يتطلّب الإسراع في دعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، من خلال عقد مؤتمر دولي مخصَّص لهذه الغاية". كما أكّد أنّ "تثبيت الاستقرار في الجنوب يستدعي أيضًا دعمًا دوليًّا لعقد مؤتمر للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار".
من جهتها، نقلت مصادر مُطَّلِعة على أجواءِ لقاءِ رئيسِ مجلسِ الوزراء الدُّكتور نواف سلام مع الموفدة الأميركيّة مورغان أورتاغوس، أنّ الأخيرة أبلغت سلام "معلومات من الجانب الإسرائيلي تفيد بأنّ حزبَ الله لا يزالُ يتسلَّحُ ويستعيدُ قوّتَه". وأوضحت المصادر أنّ هذا الطرح يمكن قراءتُه "كرسالة تحذيريّة"، لكن "من دون لهجةٍ عالية أو تهديدٍ مباشر".
وبحسب المصادر، شدَّدت أورتاغوس على "أهمِّيّةِ التفاوض مع الجانب الإسرائيلي"، مؤكِّدةً أنّ هذا المسار يُصبِح "أكثر إلحاحًا في ضوء ما تشهده المنطقة من تطوّرات متسارعة"، في إشارةٍ إلى المخاوف من توسّع التوتّر الحدودي وما يرافقه من ضغوطٍ إقليميّة.
كما ركَّزت أورتاغوس خلال النقاش على "ضرورة سحب السلاح جنوب نهر الليطاني وشماله"، في تكرارٍ للطرح الأميركي الدائم بشأن "حصر السلاح بيد الدولة اللبنانيّة" وتثبيت الاستقرار في الجنوب، مع ما يعنيه ذلك عمليًّا من المطالبة بتقييد حضور السلاح غير الشرعي في مختلف المناطق اللبنانيّة، وليس فقط ضمن الشريط الحدودي.
