بين إرث والده السياسي وجهده الشخصي، يقدّم حسن مراد نفسه اليوم كصوت وسطي وهادئ في مشهد سياسي مضطرب. يسعى إلى أن يقدم نفسه مجددًا كـ«رقم صعب» في البقاع الغربي، من خلال تموضع متوازن يجمع بين التحالفات التقليدية والمستقلة. لا يهاجم أحدًا، لكنه في الوقت نفسه يرفض أن يُحسب على أي محور، مطلقًا خطابًا إنمائيًا ووطنيًا يريد من خلاله أن يعبّر عن الناس في مرحلة انكسار الدولة، لا أن يكون واجهة لكتلة مغلقة.
مع بدء الاستعدادات للموسم الانتخابي النيابي في أيار المقبل، واشتداد سخونته في البقاع الغربي والشمال، يبرز اسم النائب والوزير السابق حسن مراد في الواجهة السياسية، انطلاقًا من منطقته في البقاع الغربي، وصولًا إلى الساحة السنية والوطنية.
في حديثه إلى "المدن"، يفتح مراد أوراقه الانتخابية والسياسية، متحدثًا عن موقعه من التحالفات، ورؤيته لمستقبل العلاقة مع سوريا، وموقفه من القوى المنافسة في منطقته.
الانتخابات لإعادة التوازن
يرى مراد أن الاستحقاق النيابي المقبل سيكون محطة أساسية لإعادة التوازن السياسي والشعبي في البقاع وكل لبنان، مؤكدًا أنّ الناس اليوم تبحث عمّن يعبّر عنها فعلاً، لا عن أسماء مكرّرة أو مشاريع انتخابية موسمية.
ويقول «الناس تعبت من الشعارات والخطابات التي لا تُترجم في حياتهم اليومية. ما نريده اليوم هو سياسة واقعية، وممثلون يملكون الجرأة على قول الحقيقة والعمل الميداني»، ويؤكد أنّ علاقته مع حركة أمل ورئيسها الرئيس نبيه بري علاقة تاريخية بدأت مع والده الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وهي مستمرة على «الاحترام المتبادل والتنسيق الدائم»، خصوصًا في الملفات الإنمائية والنيابية.
معتبراً أن التعاون مع الرئيس بري «ليس خيارًا انتخابيًا فقط، بل التزام بخط الاعتدال وحماية الدولة» ويرى صعوبة في تمرير اقتراع المغتربين رغم كثرتهم في دائرة البقاع الغربي.
كرامي أخ وحليف
وعن طموحه لرئاسة الحكومة وما يُثار بعد لقائه الأمير يزيد بن فرحان، أجاب مراد مبتسمًا: «الله يبعدها عنا صوب الشمال، طرابلس تحديدًا»، في إشارة إلى النائب فيصل كرامي الذي يصفه بأنه «أخ، صديق، وحليف».
ويتابع: «نحن نلتقي على المبادئ الوطنية، في النظرة إلى الدولة، وفي رفض الخطاب التحريضي والطائفي. العلاقة مع كرامي ليست ظرفية بل استراتيجية، لأنها تنطلق من الثقة المتبادلة والرؤية المشتركة لما يجب أن يكون عليه لبنان». ويؤكد أنّ هذه العلاقة «بدأت منذ عقود مع المرحوم الرئيس عمر كرامي والوزير أبو حسين (عبد الرحيم مراد) ولا تزال مستمرة».
الانتخابات والتحالفات
وحول ما يُشاع عن إمكانية التحالف مع النائب السابق محمد القرعاوي في الانتخابات المقبلة، لا يخفي مراد ترحيبه الواضح في أن يجمعهما تحالف انتخابي متين، قائلاً: " الاستاذ القرعاوي من الشخصيات التي نحترمها، وهو يملك حضورًا وازنًا في البقاع الغربي. التحالف معه يُبنى على أساس خدمة الناس، لا على الحسابات الشخصية، وأتمنى أن تلتقي الإرادات في المرحلة المقبلة".
أما عن باقي المكوّنات في دائرة البقاع الغربي، ولا سيما حزبي القوات والتقدمي الاشتراكي والنائب السابق إيلي الفرزلي، فيوضح: «لم أتحدَّث مع أحد في موضوع التحالفات الانتخابية بعد، ولست وحدي، فهناك ستة مقاعد في دائرتنا وتحتاج للتشاور، ولكل شيء ظروفه». ويؤكد استعداده للانتخابات سواء جرت في حينها أو تأجلّت ومستعد أيضا «للتعاون مع كل من يريد مصلحة الناس».
العلاقة مع سوريا قدرنا
بسؤاله عن سبب عدم زيارته لسوريا حتى الآن، أوضح مراد أنه لا يمانع زيارة دمشق «عندما تهدأ وتستقر أمور الشرعية»، مضيفًا: «فأنا لم أقل يومًا إنّ سوريا هي ملك بشار الأسد».
ويتابع: «العلاقة مع سوريا بالنسبة لنا ليست قضية شكلية أو دعائية، هي قدرنا في لبنان، خيار استراتيجي مبني على المصلحة الوطنية ومنصوص عليه في اتفاق الطائف. لن أزور سوريا لمجرد الصورة، بل حين أرى أن الزيارة ستخدم لبنان وتنعكس على مناطقنا إنمائيًا واقتصاديًا».
ويضيف: «نحن في البقاع والشمال تحديدًا أبناء مناطق حدودية، لا يمكن فصلنا عن عمقنا العربي تاريخيًا وجغرافيًا. علاقتنا بسوريا تتولد بالفطرة، سلسة وسهلة، وهي علاقة تُبنى على الندية والاحترام، لا على التبعية».
خدمة أهلنا شرف وواجب
في ختام حديثه، توجّه مراد إلى أبناء منطقته بالقول: «نريد من الناس أن تستعيد ثقتها بالعمل السياسي، لا أن تهجره. المرحلة تتطلب وعيًا ومشاركة فعلية في التغيير».
وأكد أنّ العمل الإنمائي سيبقى أولوية بالنسبة له: «الإنماء مسيرة وثقافة ونهج عمل منذ ثمانينيات القرن الماضي، ليس وليد اليوم ولا يرتبط بموقع أو منصب. هي علاقة ثقة وصدق بيننا وبين أهلنا، هدفها بناء الغد الأفضل عبر الاستثمار في العقول والمؤسسات. كانت بالأمس واليوم وستبقى غدًا».
