جنبلاط لتسوية شاملة مع دمشق: رواسب النظام دخلوا لبنان فحذار!

المدن - سياسةالجمعة 2025/10/24
3.jpg
جنبلاط: "لسوريا مكانةٌ خاصةٌ في قلبي". (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر

في مقابلةٍ تلفزيونيّة، هي الأولى له على قناةٍ سوريّة رسميّة، قال الرئيس السابق للحزب التقدّميّ الاشتراكيّ وليد جنبلاط إنّ المطلوب "علاقاتٌ طبيعيّة من دولةٍ إلى دولةٍ بين سوريا ولبنان، مع أخذ الخصوصيّات ذات الطابع الأمنيّ والتاريخيّ في الاعتبار"، داعيًا إلى "طيّ ملفات الماضي، ومنها ملفّ اللّبنانيّين المفقودين في سوريا، وملفّ الإسلاميين المسجونين في لبنان، وكذلك ترسيم الحدود من شبعا إلى البحر، حدودًا برّيةً وبحريّة"، ومشدّدًا على "تبادلٍ أمنيٍّ طبيعيّ لأنّنا نواجه العدوّ نفسه والمخاطر نفسها، أي إسرائيل ومطامعها"، مع التأكيد على أنّ "التعاون بين الجيشين والأمنين السوريّ واللبنانيّ طبيعيٌّ، لكن بما يحفظ سيادة كلّ دولة"، وخلص إلى أنّ "هذه الملفات الشائكة يجب أن تحلّ قريبًا".

وفي حديثه إلى "الإخباريّة السّوريّة" توقّف جنبلاط عند المشهد اللّبنانيّ قائلًا: "هناك جهاتٌ سياسيّة في لبنان لم تستوعب التاريخ بعد، ولم ترَ أنّ حكم البعث قد سقط. في الماضي طرحت نظرية "تحالف الأقليّات"، وقد رفضها والدي كمال جنبلاط، وكان ذلك من أسباب اغتياله. المطلوب اليوم صفحةٌ جديدة نتخلّص فيها من رواسب الماضي".

وعن أحداث السويداء، قال: "وقعت مأساةٌ كبيرةٌ في السويداء. كنت أوّل من دعا إلى لجنة تحقيقٍ سوريّةٍ ودوليّة، فلننتظرْ نتائجها. لا بدّ من قصاصٍ صارمٍ بحقّ كلّ من ارتكب المجازر، وبحقّ من تسبّب بالخطأ الكبير في تهجير أهل حوران والبدو من ديارهم. حوران لأهلها الأصليّين، وللدروز الذين قدموا إليها منذ نحو ثلاثمئة عام. المطلوب مصالحةٌ، لكن بعد ظهور نتائج التحقيق".

وأضاف: "لم تكن لديّ معلومات، ولم أتوقّعْ ما جرى. وكان ينبغي تصرّفٌ مسؤولٌ من بعض الجهات الأمنيّة في السويداء التي ورثت نهج النظام السابق، فكانت المآسي التي وقعت".

وفي توصيفه لما جرى، رأى أنّ "كلمة "أخطاء" ضعيفةٌ، المطلوب توصيفٌ دقيق: جرائم من جهاتٍ متعدّدة، على أن يمنع ذلك أيّ تدخّلٍ خارجيّ".

وبشأن رفع أعلام الاحتلال الإسرائيليّ قال: "كنت أوّل من دان ذلك مرارًا. السويداء جزءٌ لا يتجزّأ من سوريا. قد نحتاج لاحقًا إلى صيغة حكمٍ جديدة يتوافق عليها أهل الجبل مع الدولة السوريّة، لكن لا أعطي دروسًا لأهل السويداء، فهم أدرى بشؤونهم، وهم معروفون بوطنيّتهم وعروبتهم، وكثيرون منهم أيّدوا الثورة السوريّة وبقوا في ساحة الكرامة يرفعون شعاراتٍ ضدّ بشّار الأسد. أمّا الذين يرفعون العلم الإسرائيليّ ويذهبون إلى حدّ تغيير الأسماء التاريخيّة، فهذا تشويهٌ للتاريخ الوطنيّ والعربيّ لجبل العرب".

وعن السلاح خارج إطار الدولة، قال: "هذه الأمور تحلّ بعد نتائج التحقيق والاقتصاص من المجرمين. لا تشابه هنا، ففي مرحلةٍ معيّنة كان حزب الله "حالة دولةٍ ضمن دولة" وامتدادًا للنفوذ الإيرانيّ. اليوم عادت سوريا إلى أصولها وعروبتها، ومن هنا أهميّة العلاقات الطبيعيّة بين لبنان وسوريا ومعالجة كلّ الملفات".

وبشأن دور القيادات الدرزيّة، أوضح: "لنكنْ صريحين، هناك فجوةٌ كبيرةٌ بين بعض مكوّنات السويداء والحكم في دمشق، بل وبين بعضهم وبيني شخصيًّا. عندما خرجت مظاهراتٌ هناك نعتتْني بالخائن. لم يطلبْ منّي وساطةٌ ولم يتّصلْ بي أحدٌ من السويداء. قمت بواجبٍ إنسانيّ من خلال الهلال الأحمر السوريّ، وبتعاونٍ مع شيخ عقل طائفة الدروز في لبنان الشيخ سامي أبو المنى، ضمن الإمكانات".

وعن توظيف "ورقة الجبل" أو "ورقة الدروز" قال: "هناك صراعٌ على سوريا وصراعٌ على لبنان منذ الخمسينيّات. على الرئيس والقيّمين التواصل بديبلوماسيّة، ومن خلال القنوات الممكنة، لتدوير الزوايا والحفاظ على سوريا موحّدة. لا يجوز العودة إلى الحكم المركزيّ المفرط، لا بدّ من صيغٍ تحفظ وحدة الجيش والأمن. ويجب الاستفادة من شبكات العلاقات التي أقيمت مع دول المنطقة، شرط ألّا يتحوّل التنافس على سوريا إلى ورقة ضغطٍ بيد إسرائيل التي تسعى تاريخيًّا إلى تفتيت المنطقة إلى عشائر وقبائل وقوميّاتٍ لتسيطر أكثر".

وحول وحدة الموقف الدّرزيّ قال: "الموقف الدّرزيّ العربيّ غير موحّد، وهناك خلافاتٌ حادّة حول التدخّل الإسرائيليّ وحول وحدة سوريا. لست وحيدًا في موقفي الداعم لوحدة الدولة السوريّة، هناك شريحةٌ من الوطنيّين والعروبيّين تشاركني هذا الموقف، ونأمل أن يستفيق آخرون".

وعن المخاوف، قال: "أخشى المشروع الصهيونيّ. انظروا إلى سياسات إسرائيل في غزّة والضفّة. تطرح مشاريع "إدارةٍ مشتركة" وهميّة، يقودها أشخاصٌ منبوذون من التاريخ العربيّ. ثمّة تحذيراتٌ من أن تلقى الضفّة مصير غزّة، وبعض العرب في سباتٍ عميق. كما أنّ إسرائيل قصفت دمشق استجابةً لطلباتٍ معروفة، وقد كنت أوّل من استنكر ذلك، ولا سيّما استهداف معالم دمشق التاريخيّة".

ووجّه جنبلاط رسالةً إلى السوريّين قائلًا: "عليهم الحذر من رواسب النظام السابق، كثيرٌ منها لا يزال موجودًا، وربّما في جبل العرب وغيره من المناطق. في لبنان أيضًا بقايا رمزيّة للنظام السابق. بعض المسؤولين يعتبرون ألّا مذكّرات توقيف صادرةً بحقّهم من السلطات السوريّة، لكن لا بدّ من التخلّص من هؤلاء لأنّهم يشكّلون خطرًا على الأمنين اللّبنانيّ والسوريّ. طالبْنا رسميًّا ودوليًّا بمعرفة مصير هؤلاء المجرمين الذين دخلوا إلى لبنان، لكن عجلة الأمور بطيئة".

وبشأن المعتقلين السوريّين في السجون اللّبنانيّة، قال: "لا بدّ من تسويةٍ قضائيّةٍ وسياسيّة. لكن ينبغي التذكير بأنّ بعضهم أطلق النار على الجيش اللّبنانيّ، ولا دولة تحترم نفسها تقبل بتسليم من اعتدى على جيشها. المطلوب تفعيل القضاء اللّبنانيّ، وهذا ما يسعى إليه الرئيس نواف سلام".

وعن يوم سقوط النظام في "8 كانون الأوّل/ديسمبر 2024" قال: "كنت في باريس أتابع الأخبار. كتبت تغريدةً عالميّةً حين علمت بسقوط النظام، ثمّ اتّصلت بالرئيس سعد الحريري وقلت: "الله أكبر"، وردّ بمثلها".

وفي ما يتعلّق بإبراهيم الحويجي، قال: "لم ألتقه بعد اغتيال والدي بأربعين يومًا، بل التقيت لاحقًا به ومع محمد الخولي في أحد فنادق دمشق، وقد وثّقت ذلك في مذكّراتي التي ستصدر قريبًا. ساعدتني السلطات السوريّة الجديدة في مسألة توقيفه، وكنت قد أوحيت عبر رفيقنا قدر الغضبان، المكلّف بالاتصالات مع الحكومة السوريّة، بضرورة الانتباه إلى هذا المجرم لما ارتكبه بحقّ اللّبنانيّين والسوريّين. لا رغبة لديّ اليوم في لقائه، انتهى الأمر، العدالة تتحقّق أحيانًا عبر المحاكم وأحيانًا بمشيئة القضاء الإلهيّ".

وختم جنبلاط: "لسوريا مكانةٌ خاصّةٌ في قلبي. رافقت والدي عام 1959 إلى دمشق في زمن الوحدة، ولنا ذكرياتٌ هناك. زرت سوريا قبل حكم حافظ الأسد سائحًا إلى دمشق وحمص وحلب. نأمل أن تحلّ قضيّة سوريا، وأن يسود التحقيق والعدالة والقصاص حيث يلزم". 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث