حُسِمَ الأمر: استحالة تطبيق الدائرة الـ16 والتسوية جاهزة!

جورج حايكالثلاثاء 2025/10/21
GettyImages-954824500.jpg
تسويةٍ يُعمل عليها بين الرئيسين بري وسلام، تقضي بإسقاط حق تصويت المغتربين في بلاد الانتشار (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

مع اقتراب موعد الانتخابات، تحوّل قانون اقتراع غير المقيمين إلى "نجم" الجدل السياسي الذي أخذ منحى حاداً وشائكاً بين  "القوات اللبنانية" وحلفائها، وثنائي "حركة أمل" و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر". فـ"القوات" تريد تعديل المادة 122 من القانون، فيما يريد الممانعون حصر انتخاب اللبنانيين غير المقيمين بستة مقاعد فقط!

لكنّ من يدعم الدائرة 16 يُدرك أن المشرّع أقرّها من دون آلية تطبيقية مفصّلة وواضحة، وهذا يُعتبر من أهم النقاط السلبية التي تقف أمام زخم تطبيق هذه المادة، إذ إنها تحمل الكثير من الشوائب.

ويكشف الخبير الدستوري والقانوني، أمين سرّ تكتل "الجمهورية القوية" الدكتور سعيد مالك، أنّ المادة 112 تتحدّث عن توزيع المقاعد الستّة بين ثلاثة مسلمين: سنّي، شيعي، درزي من جهة، وثلاثة مسيحيين: موارنة، روم أرثوذكس، وروم كاثوليك من جهة أخرى، من دون أن تحدّد ماهية القارات الستّ وتخصيص كل قارة لطائفة معيّنة!

إلى ذلك، يلفت مالك إلى وجود اختلاف حول الجهة الصالحة لبتّ الأمر بين الحكومة ومجلس النواب. ففريق الرئيس بري يقول إن موضوع الدائرة 16 بحاجة إلى اللجنة المبيّنة في المادة 123، وهي مؤلّفة من وزارتي الداخلية والخارجية لتقدّم التفاصيل اللازمة. لكنّ هذه اللجنة التي شكّلها الرئيس نواف سلام ارتأت أنّ هذا الموضوع يحتاج إلى استكمال تشريعي، ولا يمكن للجنة أن تذهب في هذا الاتجاه. وهي تطرح تساؤلات عدة حول العقبات: كيف ستتمكّن هيئة الإشراف على الانتخابات من الإشراف على الانتخابات في الدائرة 16؟ وماذا عن موضوع الإنفاق الانتخابي؟ وما هو سقفه؟ وماذا عن تركيب اللوائح ووفق أي معايير: النسبية أم المطلقة؟ وماذا عن شروط الترشّح؟ هل يجب أن يكون المرشّح مقيماً في الخارج أم في لبنان؟ وكيف سيتمكّن النائب المغترب من حضور جلسات البرلمان؟ وكيف سيناقش ويصوّت؟

في المقابل، يتحدّث الرئيس بري في الإعلام بأنه حريص على تنفيذ القانون كما هو، معتبراً أنه لا يمكن تعديله لأنه بمثابة الإنجيل والقرآن. لذلك تتساءل مصادر في "القوات اللبنانية":"إذاً، لماذا لا يتحمّل مسؤولياته ويضع آليات مفهومة ومنطقية لتطبيق المادة 112؟".

وتذهب مصادر "القوات" إلى أبعد من ذلك، مستندةً إلى ملاحظة أبداها رئيس الحزب سمير جعجع حول مشكلة الثنائي الشيعي في إدارة حملاته الانتخابية في الخارج، وتشير إلى وجود سببين غير مقنعين:

السبب الأول، أنّ الثنائي نفسه يؤيّد انتخاب المغتربين لستة نواب. فإذا كان قادراً على تحفيز الناخبين في الخارج لدعم هؤلاء الستة، فكيف يعجز عن القيام بالأمر نفسه على أساس انتخاب 128 نائباً؟ والواقع يشير إلى أنّ الكتلة الشعبية الكبرى لهذا الحزب منتشرة في دول صديقة للنظام الإيراني، ما يجعل هذه الحجّة غير مقنعة.

السبب الثاني، إذا كانت سياسات الثنائي وتدخّله في شؤون دول أخرى قد أضرّت به وبقاعدته الشعبية، فما ذنب المغتربين اللبنانيين أن يدفعوا ثمن هذه السياسات بحرمانهم من ممارسة حقّهم في الاقتراع مثل المقيمين؟ فالواقع أنّ "حزب الله" نفسه تورّط في أنشطة خارجية مشبوهة شملت تجارة المخدرات، والتدخّل العسكري والسياسي، وحتى العمليات الإرهابية. وعليه، فإنّ القوانين يجب أن تُنصّ وفق المصلحة العامة، مع التمسّك بالمبادئ الدستورية، وأن تكون مجرّدة من أيّ اعتبار حزبي أو مناطقي أو طائفي ضيّق، حفاظاً على مبدأ موضوعية القانون وعموميّته في التطبيق على الجميع.

ويتّهم الثنائي، وخصوصاً حركة "أمل"، الفريقَ السيادي، وفي مقدّمه "القوات اللبنانية"، بأنه هو من سعى إلى الدائرة 16 واعتبرها انتصاراً عام 2017. لكن مصادر "القوات" تؤكّد أن المعركة كانت آنذاك بالتحالف مع "التيار" لتثبيت قانون الانتخابات وتعزيز المناصفة بين المسيحيين والمسلمين على قواعد عادلة تعكس حسن التمثيل. وكان لدى "القوات" طموح أكبر من الدائرة 16 لمصلحة اقتراع المغتربين لـ128 نائباً، لكنها قبلت بالتنازل لمصلحة المادة 112 لتمرير القانون، وفق المبدأ القائل:"إذا أردت أن تُطاع فاطلب المستطاع".

ولم تتوقّف "القوات" عن الضغط لتحصيل حقوق المقيمين خارج لبنان للمشاركة في التصويت لـ128 نائباً، وذلك عن طريق وزير الخارجية يوسف رجّي الذي قلب المعادلة الانتخابية من خلال تقديمه مشروع قانون أرسله إلى الحكومة، يقضي بإلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب. وترى مصادر "القوات" أنه يُفترض بالحكومة أن تتبنّى مشروع القانون المعجّل المُرسل من قبل الوزير رجّي، لكنها تتساءل:"هل هذا ما يحصل فعلاً؟".

سيزداد ضغط الفريق السيادي في الأسبوع المقبل، وهو يشجّع المنتشرين على تسجيل أسمائهم للمشاركة بكثافة في الانتخابات. لكنّ معلومات خاصة بـ"المدن" كشفت عن تسويةٍ يُعمل عليها بين الرئيسين بري وسلام، تقضي بإسقاط حقّ تصويت المغتربين في بلاد الانتشار، سواء أكان لـ128 نائباً أو وفق المقاعد الستّة، لمصلحة تمكين المغتربين من الانتقال إلى لبنان والمشاركة في الانتخابات على قدم المساواة مع اللبنانيين المقيمين فيه. وربما يواجه هؤلاء بعض العوائق، مثل كلفة السفر، وترك أشغالهم، والوقت المطلوب لتنفيذ المهمة.

ويتحدّث البعض عن أنّ الأمر أصبح شبه محسوم لمصلحة هذه التسوية، لأن الوقت ضاغط، والتجاذب بين الفريقين كبير جداً، فيما تضيق الحلول المتوفّرة لمعالجة مشكلة تصويت المغتربين من الخارج يوماً بعد يوم.

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث