الشمال الثالثة: حصر إرث متعثّر وطبخات لم تنضج

رنا البايعالثلاثاء 2025/10/21
1.jpg
تكتم شديد يخيم على الملف الانتخابي في دائرة الشمال الثالثة (المدن)
حجم الخط
مشاركة عبر

قد تبدو الانتخابات النيابية بعيدة للبعض، في ظلّ حديث دائم عن احتمال تأجيلها أشهراً أو سنة أو أكثر. لكن حراك القوى السياسية على الأرض وإن كان خجولاً ويتمّ بمعظمه بعيداً عن الأضواء، ينطلق من مبدأ أن الانتخابات حاصلة في موعدها. هذا الواقع ينسحب على واحدة من أكثر الدوائر الانتخابية حماوة، الشمال الثالثة، وقد تخبّئ في جعبتها كثيراً من المفاجآت غير المتوقّعة على صعيد التحالفات وربما على صعيد النتائج.

لم تبدأ ماكينات القوى السياسية بالعمل بعد بانتظار كلمة السرّ، لكن الإجتماعات واللقاءات لم تتوقّف، وتتكثّف بعيداً عن الإعلام، اذ لا يزال كلّ فريق يحاول رسم خارطة طريقه الخاصة لأصوات الناخبين. 

 

زمن جعجع 

تكتّم شديد يحوم حول الملف الانتخابي في دائرة الشمال الثالثة، لا سيما في أوساط الأحزاب، والطبخات الانتخابية لم تنضج بعد، لكن هذا لم يمنع تسرّب بعض المعلومات التي قد تكون طعماً لجس نبض الشارع أو تمويهاً. 

وفي المعلومات الأولية أن حزب القوات اللبنانية يتوجّه إلى تشكيل لائحتين: تكون الأولى كاملة بالأسماء التقليدية الأساسية، والثانية قد تكون برئاسة جوزيف اسحق مع أسماء مستقليّن مقرّبين من الجوّ القواتي. 

وهدف حزب القوات، بحسب مصدر شمالي متابع للانتخابات، هو البحث عن حاصلين في كلّ لائحة، ما سيعني ضمانه ل 4 مقاعد فيما الخامس قيد الدرس. ويضيف: "رئيس حزب القوات سمير جعجع ينطلق من القوة التي أثبتها حزبه في الانتخابات البلدية، ويتصرّف على قاعدة أنّ هذا زمانه وليس في حاجة لأحد، لذا لديه امتياز الاختيار، ويقرّر ما ومن يناسبه". 

أما الحديث عن أن حلفاء حزب الله في الدائرة الثالثة منهارون، وفق المصدر نفسه، فهو بروباغندا انتخابية اذ أن الجميع منفتح على التحالفات ويعمل ببراغماتية بعيداً عن الاصطفافات الضيقة. ويلفت إلى أن المردة والتيار الوطني الحرّ على تنسيق عالٍ ولا مشاكل سياسية بينهما، أقلّه ليس علناً، كما أن هناك تواصل بين النائب وليام طوق والنائب أديب عبد المسيح قد يسفر عن تحالف ما، في ظلّ انتشار معلومات تفيد بأن النائب ميشال معوض رفض رفضاً قاطعاً انضمام عبد المسيح للائحته. في وقت لم يغلق طوق باب التواصل أيضاً مع النائب سامي جميل الذي زاره وتقول مصادر متابعة أنّ توافقاً نتج عن اللقاء.

 

حصر إرث معقّد

كان تجمّع "شمالنا" من أبرز ما أنتجته ثورة 17 تشرين، ومع تغيّر المعطيات وجوّ التشرذم الذي ساد المجموعات الثورية غير المتجانسة، انفرط عقد هذا التجمّع، لا سيما مع "تكويعة" النائب ميشال الدويهي، بحسب مسؤول سابق في شمالنا، الذي اعتبر أن الدويهي خان القاعدة الشعبية التي انتخبته، ويأتي ترشّحه في إطار إثارة البلبلة.

وأشار إلى أن نجاح التجربة يقاس بمدى محافظة النواب التغييريين على مبادئهم التي على أساسها انتخبوا ولم يذوبوا بالأحزاب أو ينخرطوا في الفساد، بالتالي يمكن القول انتهت مرحلة 17 تشرين وبانت جميع النوايا.

ومع انهيار شمالنا، وعدم القدرة أو حتّى الإرادة على إحيائها بالمبادئ إياها ولو بأسماء جديدة، يلملم الفرقاء السياسيين في الدائرة الشمالية الثالثة شظاياها، حوالي 14000 صوت هي الغنيمة الأهم للقوى السياسية. وفي هذا السياق يصف عضو سابق في شمالنا جهود الظفر بهذه الأصوات بحصر إرث متعثّر ومعقّد مات أصحابه والمطالبون به كثر على أساس الأحقية باسترداد ما كان لهم قبل الثورة.

الكلام سهل أما الاقناع فأصعب، يقول المصدر نفسه، ويعتبر أن القوى التقليدية ستفعل المستحيل للحصول على أصوات شمالنا، فيما الواقع أن فئة كبيرة من هؤلاء الناخبين لا تنتمي إلى أحد بالسياسة وليس لديها اصطفاف مع أي حزب أو جهة سياسية، وهي بحاجة لخيار آخر، ولن تكون سهلة استمالتها.

 

ثلاث توجّهات لشمالنا

قد يكون فريق بيئي بعيد كل البعد عن السياسة وزواريبها خياراً مثالياً يبحث عنه ناخبو شمالنا المخذولون، خصوصاً إذا كانت نواته من مؤسّسي التجمّع سابقاً. وما بدأ كفكرة عابرة عبر صفحة الناشط سمير غصن على وسائل التواصل، يتحوّل تدريجياً إلى خطة ولقاءات لتنظيم الصفوف ووضع برنامج عمل لخوض الانتخابات النيابية، وسيكون اللقاء الثاني للدائرة المصغّرة في عمشيت في منزل الدكتور عصام خليفة. ومن الأسماء المشاركة سيمون بشواتي وديانا العبد الله من الكورة، واحتمال انضمام شهيد نكد من حركة أسس. غير أن مصدراً من هذا التجمّع يأمل أن تتأجّل الإنتخابات لأن "الوقت داهم وقد لا يكون كافياً للإستعداد بطريقة جيدة أو للتأسيس". ويشرح عن أن البرنامج اجتماعي بيئي، "ونحن لا نحاول إحياء شمالنا اذ هناك قطيعة تامة مع التجربة السابقة التي تعلمنا منها الكثير وباتت وراءنا". 

ويضيف: "سنحاول أن نخوض الانتخابات بلائحة كاملة إذا سمح الوقت بذلك وبعناوين بيئية تجمع بين حماية صحة الناس، صون البيئة، وإنماء القرى والبلدات ضمن رؤية حديثة وعادلة". وعن التواصل مع الحكيم يوسف طوق في بشري يشير المصدر نفسه إلى ندم طوق لتورّطه بالانتخابات البلدية وهو لن يخوض النيابية لكنه سيكون عضواً في التجمّع البيئي. 

وفي سياق متّصل، قد تكون المفاجأة، إذا صدقت المعلومات، تحالف رياض طوق من بشري وجهاد فرح من الكورة، وهما من الرعيل الأوّل في شمالنا، مع النائب ميشال معوّض. ويقول مصدر كوراني متابع أنّ إحياء "شمالنا" بأسماء جديدة له عقبات كثيرة والجوّ التغييري متشرذم ما يجعله شبه مستحيل، لذا يتوجّه هؤلاء للتحالف مع قوى سياسية تقليدية في محاولة لكسر احتكار أحزاب أخرى ولزيادة حظوظهم، طبعاً كلّ تبعاً لحساباته الخاصة.

ويشير البعض، في صفوف شمالنا، عن توجّه ثالث نحو دينامية ما قيد التحضير، لم يعلن عنها بعد، قد تشكّل مفاجأة للجميع في حال نضجت فكرتها.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث