بعد عامٍ من الانقطاع، يعود معبر الدبوسية الحدودي بين لبنان وسوريا إلى العمل، ليعيد الحياة إلى الشمال اللبناني، ويشكّل بارقة أمل للتجار والمزارعين في عكار والعبودية.
فقد غاب معبر العبودية–الدبوسية عن خريطة المعابر البرية بين لبنان وسوريا بعد تدمير الجسر الذي يربط ضفتيّ النهر الكبير نتيجة استهدافٍ إسرائيليّ له في تشرين الثاني 2024. وكان هذا الجسر قد شكّل على مدى سنواتٍ بوابةً أساسية لعبور الشاحنات التجارية، ومتنفساً رئيساً لأهالي القرى الحدودية لتصريف منتجاتهم الزراعية وتنشيط حركة البيع والشراء في سوق تجاري امتدّ على جانبي الطريق.
ووفق مصادر اقتصادية، كان المعبر يؤمّن عبور عشرات الشاحنات يومياً من وإلى سوريا، وقد أدّى التوقف القسريّ للمعبر إلى رفع كلفة النقل على التجار والمزارعين بنسبة تجاوزت 30%، وهو ما اضطرّ الكثيرين إلى تصريف بضائعهم عبر معبر العريضة الذي أصبح البوابة الشرعية الوحيدة العاملة شمالاً، وهذا ما تسبب على مدى عدّة أشهر بازدحامٍ شديد وتباطؤ في عمليات التخليص الجمركي.
تنسيق لبناني–سوري ودعم دولي لإعادة الترميم
وتأتي إعادة تأهيل المعبر اليوم، بعد أن بحث وفد من الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية في شهر أيلول مع وفد لبناني خلال لقاء عُقد في دمشق، سبلَ تفعيل وإعادة تأهيل المعابر الحدودية المشتركة بين البلدين، وقد شملت النقاشات جميع المعابر الحدودية، وهي : جديدة يابوس، جوسية، العريضة، الدبوسية، وجسر قمار.. ليتم الاتفاق على إعادة بناء الجسر في معبر الدبوسية -عبر مديرية المنشآت والصيانة في الهيئة، بدعم من منظمة الهجرة الدولية وبالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والنقل اللبنانية- وترميم البنى التحتية المتضررة من طرق وسواتر وحواجز، على أن يُستأنف العمل التدريجي بعبور الشاحنات في الاتجاهين فور انتهاء المراحل الأولى من الترميم.
شريان حيوي للشمال
في حديثه لـِ ”المدن”، أوضح رئيس بلدية العبودية محمد المصومعي أنّ تأخّر أعمال إعادة تأهيل معبر الدبوسية يعود لأسباب مادية و تقنية بحتة، موضحاً أنّ “المهندسين المكلّفين من وزارة الأشغال العامة والجيش اللبناني يدرسون حالياً طبيعة مجرى النهر وإمكانية تحصين الموقع ضد الفيضانات المتكرّرة، لضمان أن يكون الجسر الجديد أشدّ متانة وأكثرَ أماناً”.
وأكد أنّ أهمية المعبر تتجاوز حدود البلدة، فهو يشكّل "شرياناً حيوياً للبنان بأسره، لما يوفّره من فرص عمل وحركة اقتصادية واجتماعية واسعة". وأضاف: "فتح المعبر يعني عودة الحياة إلى المنطقة، من أصحاب المحال التجارية، إلى العاملين في قطاع النقل والترانزيت، وحتى للمواطنين المرضى الذين يقصدون المستشفيات السورية للعلاج".
ترميم المعبر بعد ترميم العلاقات
أمنيّاً، تربط مصادر بين إعادة تشغيل معبر الدبوسية وملفّ ضبط الحدود الشمالية، عبر تنسيق لبناني–سوري لوضع حدّ لعمليات التهريب، ولا سيما تهريب المخدرات والسلاح. وتشير المصادر إلى أن إعادة تنظيم حركة العبور ستُسهم في ضبط حركة الأشخاص والبضائع، وتعمل على إغلاق المسالك غير الشرعيّة التي تستغلها بعض الشبكات لتسهيل دخول المطلوبين أيضاً.
وفي حين يستغرب كثيرون التغاضي عن فتح أهم معبر رئيس في الشمال، لفترة امتدت لنحوٍ من سنة، وما نتج عنه من فتح لعشرات المعابر غير الشرعيّة... يرى مراقبون أنّ إعادة ترميم معبر الدبوسية يأتي بعد ترميم العلاقات بين دمشق وبيروت برعايةٍ إقليمية توّجت بزيارة الشيباني الأخيرة إلى بيروت.
واليوم، يعوّل أهالي العبودية وعكار على إعادة تأهيل المعبر بوصفها بارقة أمل في إعادة شريان اقتصادي لطالما أمدّهم بسبل العيش، وكان مصدر رزق واسع لهم.
