أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي سقوط المسار المقترح للتفاوض بين لبنان وإسرائيل، مؤكّدًا أنّ تل أبيب رفضت مبادرة أميركيّة كانت تقضي بوقفٍ موقّت للعمليات تمهيدًا لانسحابٍ وترتيباتٍ حدوديّة. وقال برّي إنّ "المسار الوحيد راهنًا هو مسار الميكانيزم"، وهو الآلية التي تضمّ ممثلين للدول المعنيّة والراعية لاتفاق وقف العمليات العدائية الذي أنهى حرب لبنان الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وجاء موقف برّي عقب لقائه صباح الاثنين رئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث تصدّرت الأوضاع الأمنيّة في الجنوب وملف التفاوض جدول البحث. واكتفى برّي بعد الاجتماع بالقول: "اللقاءات دائمًا ممتازة مع فخامة الرئيس". وأفادت رئاسة الجمهورية في بيانٍ لها أنّه "عُرضت الأوضاع العامة في البلاد، ولا سيّما في الجنوب في ظلّ استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، كما تطرّق البحث إلى التطوّرات في المنطقة بعد قمّة شرم الشيخ والاتفاق حول غزّة".
وأوضح برّي أنّ الموفد الأميركيّ توماس باراك أبلغ الجانب اللّبنانيّ رسميًّا رفض إسرائيل مقترحًا أميركيًّا لإطلاق مسار تفاوضيّ يبدأ بوقفٍ للعمليات لمدة شهرين، وينتهي بانسحابٍ إسرائيليّ من الأراضي اللّبنانيّة المحتلّة وإطلاق مسارٍ لترسيم الحدود مع ترتيباتٍ أمنيّة. وأضاف: "جرى التراجع عن أيّ مسارٍ للتفاوض مع إسرائيل، ولم يبقَ سوى الآلية المتّبعة عبر لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المسمّاة الميكانيزم".
وكشف برّي عن "تطوّرٍ مهمّ" في عمل اللّجنة، قائلًا إنّها "باتت تجتمع كلّ أسبوعين، خلافًا للمسار السابق الذي اتّسم باجتماعاتٍ متقطّعة ومتباعدة". وشدّد: "إنّنا متمسّكون باتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصّل إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وهي الاتفاقية التي تشرف لجنة الميكانيزم على تنفيذها"، مؤكّدًا أنّها "الآلية المعتمدة حاليًا، ولا شيء سواها". وردًّا على سؤالٍ عمّا إذا كان متفائلًا أم متشائمًا، قال: "أنا متشائل".
وفي سياقٍ متّصل، كان باراك قد حذّر عبر منصّة "إكس" في منشورٍ بعنوان "وجهة نظر شخصية، سوريا ولبنان القطعتان التاليتان نحو سلام المشرق" من أنّ "التردّد في نزع سلاح حزب الله قد يفتح الباب لتحرّكٍ إسرائيلي أحادي، وستكون العواقب وخيمة". واعتبر أنّ "حان الوقت الآن ليتحرّك لبنان بشأن سلاح حزب الله"، متوقعًا أنّ "فشل بيروت في التحرّك قد يدفع الذراع العسكرية للحزب إلى مواجهةٍ كبيرة مع إسرائيل، في حين يواجه جناحه السياسي عزلةً محتملة مع اقتراب انتخابات مايو (أيار) 2026".
وأشار باراك إلى أنّ "الولايات المتحدة قدّمت في وقتٍ مبكر من هذا العام إطارًا لنزع السلاح المرحلي مع حوافز اقتصادية تحت إشراف أميركي وفرنسي"، لافتًا إلى أنّ "لبنان رفض اعتماد الخطة بسبب تمثيل حزب الله وتأثيره في مجلس الوزراء". كما تحدّث عن "خطواتٍ شجاعة" من جانب سوريا باتجاه اتفاقٍ حدودي، معتبرًا أنّ "نزع سلاح حزب الله يجب أن يكون الخطوة الثانية لتأمين الحدود الشمالية لإسرائيل".
وفي حين تتكثّف الاتصالات الدبلوماسيّة، تتّجه بوصلة الداخل اللّبنانيّ، وفق ما يؤكّد برّي، إلى "تثبيت اتفاق وقف النار والعمل حصرًا ضمن الميكانيزم"، في انتظار أيّ متغيّرٍ يعيد فتح نافذة المسار التفاوضي المغلق.
