وصل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون إلى روما، وتوجها من المطار مباشرة إلى المدرسة الحبرية الأرمنية، حيث كان في استقبالهما بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل بدروس الحادي والعشرين ميناسيان وعدد من المطارنة والكهنة. وتأتي زيارة عون والوفد المرافق للمشاركة في القداس الاحتفالي الذي يقام غداً في ساحة القديس بطرس في حاضرة الفاتيكان لإعلان قداسة الطوباوي المطران إغناطيوس مالويان.
ورحب ميناسيان بعون والوفد المرافق، وقال "إذا كانت هذه الكنيسة صغيرة لكنها تملك تاريخاً عريقاً في وطننا لبنان، وتبقى الكنيسة راسخة رسوخ الأرز. واليوم يقف التاريخ عند لحظة مهمة حيث يلتقي التاريخ بالوطنية والوفاء بالتضحية". وأضاف: حضوركم هو شهادة ناطقة على أن لبنان لا يزال بلد الإيمان، وأن جذور الإيمان فيه أقوى من العواصف التي عصفت به. لبنان بلد الحضارة ولا يزال ينبض، وأنتم على رأسه الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاوسط، ونحن نفتخر ونعتز بهذا الواقع".
بدوره ردّ عون شاكراً البطريرك ميناسيان، وقال: "يعجز الكلام في هذه المناسبة مع مشاركتنا في تقديس المطران مالويان، الذي هو قديس للبشرية جمعاء. لقد كان مؤمناً بقضية، وقدّم أغلى ما عنده؛ أي حياته من أجلها، ولو لم يكن لديه الإيمان القوي لما أقدم على ذلك. إن أجدادنا حفروا الصخر بأيديهم وبنوا الأديرة لأنه كان لديهم الإيمان بقضية. هم نشروا الدين والإيمان والتعليم وأتمنى عليكم؛ أي على رجال الدين من كل الطوائف، ألا يتركوا رسالة التعليم، وألا يتركوا الأجيال تنشأ بلا تعليم، لأنه الأساس لبناء الأوطان، وخصوصاً بناء لبنان".
ولدى مغادرة الرئيس عون الكنيسة سأله الصحافيون عما إذا كان لبنان يستعد لاستقبال قداسة البابا لاوون الرابع عشر فقال: "طبعاً إننا ننتظر قداسة البابا في لبنان، ونجري كل الترتيبات لأجل إتمام هذه الزيارة".
اللقاء الأول بين البابا والراعي
كذلك التقى البابا لاوون الرابع عشر، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في لقاء هو الأول بينهما، وقد تمنى البابا الصحة لغبطته، الذي غاب عن حفل تنصيب البابا الجديد بحكم الظرف الصحي الذي ألمّ به في عيد الفصح الماضي. وأكد البابا لاوون أن لبنان في قلبه كما الكنيسة المارونية المنتشرة، مشيراً إلى أن "التحضير لزيارة لبنان جارٍ بفرح عظيم وعاطفة أبوية كاملة لوطن الرسالة والقديسين".
بدوره شكر الراعي، البابا "على محبته الخاصة للبنان، واختياره بين المحطات الأولى لزياراته الأولى بعد توليه سدة البابوية البطرسية على رأس الكنيسة الكاثوليكية"، وقد وضع البابا بوضع المسيحيين في لبنان والشرق، وعن حالة الهجرة المقلقة التي تسببت بها الحروب والأزمات الاقتصادية، وقد أعرب له عن حماسة الشعب اللبناني لاستقباله بكل أطيافه في لبنان في أواخر الشهر القادم، وفق بيان للبطريركية المارونية".
المجلس الشرعي: لإجراء الانتخابات في موعدها
على صعيد آخر، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى اجتماعه الدوري، برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في مقره في دار الفتوى، وبحث في الشؤون الإسلامية والوطنية والعربية. وتوقف بيان صادر عن الاجتماع أمام "التوافق الدولي على وقف حرب الإبادة التي شنّها العدو الصهيوني على قطاع غزة، بعد أن قتلت عشرات الألاف من الشيوخ والأطفال والنساء والمدنيين، وبعد أن دمّرت مدنه وقراه ظلماً وعدواناً".
وأكد المجلس حتمية قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، كما نصّت على ذلك قرارات الأمم المتحدة، وكما جدّدت الاعتراف بهذا النصّ دول العالم شرقاً وغرباً. وتساءل المجلس بألم وقلق شديدين، كيف يكون مجرّد توقف العدوان الإسرائيلي سلاماَ بالرغم من أهمية هذا التوقف! كما دعا المجلس إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ممثلةً بقرارات الأمم المتحدة التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرّة المستقلّة، وعلى استعادة كامل حقوقه.
وأثنى المجلس على ظاهرة الوعي الإنساني التي عبّرت عنها مجتمعات دولية في الشرق والغرب، استنكاراً للجرائم التي ارتكبها العدو الصهيوني في غزة، وتعاطفاً مع الشعب الفلسطيني، وتأييداً لحقوقه. وتوقف المجلس أيضاً أمام ظاهرة استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان جنوباً وبقاعاً، جنوب نهر الليطاني وشماله، كأن العدو الصهيوني لم يكتفِ بما ألحقه بلبنان حتى الآن من قتل ومن إحراق متعمّد للحقول والمزارع، ومن تدمير للبيوت فوق رؤوس أهلها الأبرياء.
وطالب المجلس الشرعي المجتمع الدولي بالضغط على العدو الصهيوني للانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، والتوقف عن ارتكاب الاعتداءات التي بلغت من التمادي حدّ التعرض لقوات "اليونيفيل" الدولية بالقصف المتعمّد.
وأبدى المجلس ارتياحه للجهود والمساعي التي تبذلها الحكومة لتنفيذ قراراتها في شتى الميادين، وبقيام الجيش اللبناني بمسؤوليته الوطنية في بسط سيادة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة، التي تملك وحدها شرعية حمل السلاح واستخدامه في الدفاع عن السيادة الوطنية، والأرض، والشعب، والمؤسسات.
وطالب المجلس الشرعي الحكومة بإيلاء الوضع المعيشي أولوية كبرى لما يعانيه المواطن من أزمات كثيرة ومتلاحقة، ويؤكد المجلس أن تحسين الظروف المعيشية ينبغي أن تكون أولوية وطنية، وأي إصلاح سياسي أو إداري يفقد معناه ما لم ينعكس مباشرةً على حياة الناس اليومية، وعلى الساسة أن يجعلوا تحسين الشأن المعيشي والصحي والبيئي والتربوي والاجتماعي والمالي نقطة التقاء وطنية جامعة، وتتطلب معالجات سريعة حفاظاً على سلامة اللبنانيين، ولاستعادة ثقة المواطن بالدولة.
وأكد المجلس أنَّ التوافق والتفاهم والتناغم بين الرئاسات الثلاث هو ضمانة للاستقرار الوطني، وأي خلل في العلاقة ينعكس سلبياً على أداء السلطة التنفيذية، وحين يسود التفاهم تُفتح الأبواب أمام الحلول المشروعة في إطار من القانون والالتزام بالدستور الذي يحفظ المصلحة الوطنية، والمحافظة على التوافق بين الرئاسات هو واجب وطني لضمان وحدة المؤسسات واستقرار البلاد.
ودعا المجلس الشرعي إلى أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، بكل شفافية وحرية وديمقراطية وعدالة وضبط، ومكافحة الفساد الانتخابي بكل حزم ومسؤولية، ويرفض المجلس رفضاً قاطعا أي تأجيل أو تمديد للمجلس النيابي، ولا يرى المجلس الشرعي أي مبرر لهذا الأمر، الذي يرفضه المواطن أيضاً، فالدولة ينبغي أن تكون على جهوزية تامة لهذا الاستحقاق على الصعد كافة، والانتخابات النيابية هي فرصة يعبر بواسطتها المواطن عن رأيه في اختيار من يمثله لتولي المسؤولية، لخدمة الناس والإنماء والمحافظة على العيش الواحد، وما يحكى عن تعديل لمشروع قانون الانتخابات النيابية ينبغي أن يتوافق عليه النواب، ويؤدي إلى العدالة والإنصاف في تمثيل اللبنانيين بكل تنوعاتهم.
شكر لقطر لدعمها في بناء مسجد الإمام الشافعي
وتوجّه المجلس بالشكر لدولة قطر الشقيقة لدعمها في بناء مسجد الإمام الشافعي رضي الله عنه في العاصمة بيروت، ولما تبديه من اهتمام ورعاية للشؤون الإسلامية والوطنية في لبنان.
وأثنى المجلس على الجهود المشتركة التي تقوم بها الحكومتان اللبنانية والسورية، لإعادة بناء العلاقات الأخوية بين الدولتين الشقيقتين والثقة على قواعد الاحترام والسيادة والمصالح المشتركة.
