مسؤول بريطانيّ في لبنان: هل بدأ التحضير لقوات متعددة جنوباً؟

المدن - سياسةالخميس 2025/10/16
عون واليونيفيل
اطلع عون من المدير العام لأمن الدولة على عمل المديرية في مجال مكافحة الفساد (وطنية)
حجم الخط
مشاركة عبر

في ظلّ تسارع المشاورات الدبلوماسيّة حول إدخال قوّاتٍ متعدّدة الجنسيّات إلى جنوب لبنان، بدأ البحثُ الجِدّيّ بهذا الطرح ويتولّى معنيّون التحضيرَ التقنيّ واللوجستيّ لسيناريوهاته المحتملة، بما يواكب القرار 1701 ويُبقي انتشار الجيش اللبنانيّ ركيزةً أساسيّة في أيّ ترتيباتٍ مقبلة. وعلى هذا الإيقاع، بدت الحركةُ البريطانيّة في بيروت جزءًا من مناخ التحضير، إذ اتّخذت زيارة كبير مستشاري الدّفاع البريطانيّ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب الأميرال إدوارد ألغرين، بعدًا يتجاوز الدعم الثنائيّ إلى نقاشاتٍ أوسع ترتبط بأمن الحدود وتماسك المسرح الجنوبيّ.

واختتم ألغرين زيارةً إلى لبنان استمرّت يومين، في 14 و15 تشرين الأوّل، التقى خلالها رؤساءً ومسؤولين لبنانيّين وقائد قوّة الأمم المُتَّحدة المُؤقّتة في لبنان "اليونيفيل"، كما زار مركزَ مُراقبةٍ حدوديًّا شُيِّد حديثًا على الحدود الشَّرقية للبنان مع سوريا. وتُجدِّد هذه الزيارة تأكيد التزام المملكة المُتّحدة المستمرّ بدعم الجيش اللّبنانيّ في تعزيز قدرته على تأمين الحدود والاستجابة السّريعة للتهديدات، بما في ذلك التهريب والأنشطة غير القانونيّة عبر الحدود. ويأتي مركز مُراقبة الحدود الجديد ضمن برنامج أوسع لصندوق الأمن المُتكامل البريطانيّ، ويهدف إلى تعزيز البنية التحتيّة الحدوديّة ورفع الجهوزيّة العملياتيّة للجيش اللّبنانيّ، ولا سيّما في المناطق الحدوديّة التي تُشكّل عمقًا داعمًا لأيّ ترتيباتٍ دوليّة في الجنوب.

وقد عقد نائب الأميرال ألغرين اجتماعاتٍ مع رئيس الجمهوريّة جوزيف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ووزير الدّفاع ميشال منسى، وقائد الجيش اللّبنانيّ العماد رودلف هيكل، وقائد قوّة "اليونيفيل" اللواء ديوداتو أبانيارا. ورافقه في جولته السفير البريطانيّ في لبنان هايمِش كاول، والملحق العسكريّ المُقدَّم تشارلز سميث. وفي ختام الزيارة، قال السفير هايمِش كاول: "خلال اجتماعنا، أكّدنا دعم المملكة المُتّحدة للجيش اللّبنانيّ في مهمّته لحماية حدود لبنان وتعزيز الأمن، بما في ذلك انتشاره في جنوب لبنان، ويُعدّ مركزُ المُراقبة الحدوديّة الجديد على الحدود الشَّرقية مثالًا ملموسًا على شراكتنا الرّاسخة والتزامنا المُشترك باستقرار لبنان". من جهته قال ألغرين: "كان من دواعي سروري زيارة لبنان مُجدَّدًا ولقاء كبار القادة اللّبنانيّين، وإنّ مراكز مُراقبة الحدود التي نبنيها معًا خيرُ دليلٍ على ذلك، وقد كان رائعًا أن أزورها بنفسي. تبقى المملكة المُتّحدة شريكًا ثابتًا في تعزيز المؤسّسات الأمنيّة اللّبنانيّة ودعم دور الجيش اللّبنانيّ بصفته المُدافع الشّرعيّ الوحيد عن حدود لبنان".

ومنذ العام 2010، ساهمت المملكة المُتّحدة في بناء أكثر من 82 مركزًا لمُراقبة الحدود وقواعدَ عمليّاتٍ متقدِّمة، في إطار الجهود المبذولة لتعزيز أمن الحدود اللّبنانيّة. كما تدعم الانتشار المُوسَّع للجيش اللّبنانيّ، بما في ذلك في جنوب لبنان، لتعزيز دوره كقوّةٍ عسكريّةٍ شرعيّةٍ وحيدة للدولة وتعزيز صموده في مختلف المناطق، وهو مسارٌ يُلاقي المداولات الراهنة حول هيكليّة أيّ قوّةٍ دوليّة مُحتملة وتكاملها مع المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة اللبنانيّة.

 

لقاء عون وقائد "اليونيفيل"

وخال لقائه عون اليوم، أكّد قائد القوّات الدّوليّة العاملة في الجنوب، اللواء ديوداتو أبانيارا، أنّ "الخَفْض التّدريجيّ لقوّات اليونيفيل لن يؤثّر على التّنسيق القائم، ولا على استمرار دعم الجيش اللّبنانيّ المنتشر في منطقة العمليّات الدّوليّة". من جهته، أبلغ رئيسُ الجمهوريّة جوزاف عون قائدَ القوّات الدوليّة العاملة في الجنوب "اليونيفيل" الجنرال ديوداتو أبغنارا، خلال استقباله في قصر بعبدا، أنّ "عديدَ الجيشِ الموجود جنوبَ الليطاني سوف يزدادُ تباعاً حتّى يصلَ إلى نحو 10 آلاف عسكريّ مع نهاية السنة، لتحقيق الأمن والاستقرار على طول الحدود الجنوبيّة بعد انسحابِ القوّات الإسرائيليّة من الأراضي التي تحتلّها، وسيعملُ الجيشُ مع اليونيفيل على تطبيق القرار 1701 بكلّ مندرجاته، إضافةً إلى تسلّمهِ كافةَ المواقع التي تشغلها القوّات الدوليّة عند بدء انسحابِها التدرّجيّ من الجنوب حتّى نهاية العام 2027".

وأكّد الرئيس عون أهميّة "التعاونِ والتنسيقِ بين الجيشِ واليونيفيل في المجالات العسكريّة والإنسانيّة والخدماتيّة"، مُشيراً إلى أنّ "لبنان على تواصُلٍ مع الدول الشقيقة والصديقة للتنسيق في مرحلةِ ما بعد انسحابِ القوّات الدوليّة من الجنوب، لضمانِ الأمنِ والأمانِ في المنطقة".

من جهته، أطلعَ الجنرال أبغنارا الرئيسَ عون على "الأوضاعِ الراهنة في الجنوب في ضوء التطوّرات الأخيرة، وعرضَ للإجراءات التي سوف تعتمدها القيادةُ الدوليّة لتنظيم أوضاعِ اليونيفيل بعد تقليصِ الأممِ المتّحدة لموازناتِ مهمّاتِ السلام في العالم". كما وضعه "في أجواءِ الإجراءات التي تنوي القيادةُ اعتمادَها في مرحلةِ بدء الانسحابِ التدرّجيّ للقوّات الدوليّة من الجنوب، مع بداية العام 2027 وحتّى نهايته".

وشدّد الجنرال أبغنارا على أنّ "اليونيفيل سوف تستمرّ في دعمِ الجيشِ اللّبنانيّ والتنسيقِ معه في مختلفِ المهامّ التي يقوم بها في الجنوب، ولن يتأثّر الخفضُ التدرّجيّ لعديدِ هذه القوّات بالمهامّ الموكولة إليها بالتعاون مع الجيش".

وفي الإطارِ نفسه، استقبلَ الرئيس عون المنسّقةَ الخاصّة للأمينِ العامّ للأممِ المتّحدة جانين بلاسخارت، واطّلعَ منها على الأوضاعِ العامّة وعملِ منظّماتِ الأممِ المتّحدة في لبنان.

 

 

برّي يلتقي قائد "اليونيفيل"

كما واستقبل رئيس مجلس النّواب نبيه برّي، في عين التينة، اللواء أبانيارا والوفد المُرافق، واستعرض الجانبان الأوضاع الميدانيّة في منطقة عمل "اليونيفيل" جنوب الليطاني، والمهام المنفَّذة بمؤازرة الجيش تنفيذًا للقرار 1701. وأشاد برّي بدور القوّات الدوليّة وتقاسمها مع أبناء الجنوب معاناتهم وتضحياتهم جرّاء الاعتداءات الإسرائيليّة، مُثمّنًا استمرار خدماتها على الرغم من خفض موازنتها. وجدّد تمسّك لبنان بالقرار 1701، ودعا المجتمع الدّولي إلى "تحمّل مسؤوليّاته لإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها اليوميّة والانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلّها في الجنوب". كما تابع برّي المستجدّات السياسيّة والشؤون التشريعيّة واستحقاق الانتخابات خلال لقائه النائب غسّان سكاف، الذي رأى أنّ "شرقًا أوسط جديدًا يُرسَم"، داعيًا إلى التقاط الفرصة وعدم الاستغراق في الانقسامات الداخليّة.

وعملًا بأحكام الفقرة 2 من المادّة 44 من الدستور، والمادّة 3 من النّظام الداخليّ لانتخاب أميني سرّ وثلاثة مفوَّضين، والمادّة 19 لانتخاب أعضاء اللجان النيابيّة، دعا رئيس مجلس النّواب نبيه برّي إلى جلسةٍ تشريعيّة عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الثلاثاء الواقع في 21/10/2025.

 

التحضيرات للانتخابات

في موازاة الملفّين الأمنيّ والدوليّ، أعلن وزير الداخليّة أحمد الحجّار أنّ "وزارة الداخليّة مُلتزمةٌ إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها الدستوريّ في أيّار 2026، وقد باشرنا التحضيرات لإنجازها". وقال خلال افتتاح مركزٍ جديدٍ للدّفاع المدنيّ في برجا: "الحكومة مُلتزمةٌ بسطَ سلطة الدولة وسيادتها على كامل مساحة الوطن بقواها الذاتيّة حصرًا، ونسعى بشتى السُّبل الدبلوماسيّة لتحقيق انسحاب العدوّ الإسرائيليّ من آخر شبرٍ من أرض الجنوب العزيز، ووقف اعتداءاته اليوميّة، واستعادة الأسرى إلى حضن الوطن". وهي عباراتٌ تُواكب النقاش الدائر حول ترتيبات الجنوب وتثبيت الاستقرار.

 

الرّاعي إلى روما

إلى ذلك، غادر البطريرك المارونيّ الكاردينال بشاره بطرس الرّاعي إلى روما للمشاركة في "حفلِ تقديسِ المطران الشهيد إغناطيوس مالويان"، ولقاء البابا لاون الرابع عشر، قبيل زيارته المُرتقبة إلى لبنان في أواخر تشرين الثّاني، في محطةٍ كنسيّةٍ ودبلوماسيّةٍ تحمل بدورها رسائلَ داعمةً لمساعي تثبيت السّلام في الجنوب.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث