سلام من صيدا: العودة والإعمار توأمانِ ونعمل على تأمينهما

المدن - سياسةالخميس 2025/10/16
سلام في صيدا
سلام: "سنعمل ضمن إمكاناتنا لدعم هذا المستشفى كما نفعل في مختلف المناطق اللبنانية". (وطنية)
حجم الخط
مشاركة عبر

أكّد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام خلال زيارته بلديّة صيدا أنّ المدينة "لبنانٌ مُصغَّرٌ بتاريخِها وتنوُّعِها وقدرتِها على الصُّمودِ والنُّهوض"، مشدِّدًا على التزام الحكومة بدعمها إنمائيًّا وبمتابعة ملفّات الجنوب والإعمار، وحصر السلاح بيد الدولة، والمضيّ في مسار الإصلاح وإجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها.

وقال سلام في مستهلّ كلمته أمام فاعليّات المدينة: "يسرُّني أن أكون اليوم بينكم في صيدا، هذه المدينةُ العزيزةُ التي تمثِّلُ رمزًا للتنوُّع والكرم والعطاء، وعنوانًا للالتزام الوطنيّ والإنسانيّ"، مضيفًا: "صيدا ليست مجرّد مدينة، بل فصلٌ من فصول لبنان ومعنى من معانيه".

واستعاد سلام محطّاتٍ من التاريخ الوطنيّ انطلقت من صيدا، مُشيرًا إلى أعلامٍ ساهموا في ترسيخ الدولة الحديثة والعمل العام، من رياض الصلح وعادل عسيران ومعروف سعد والدكتور نزيه البزري إلى الرئيس رفيق الحريري. وقال: "تركَ أبناءُ صيدا الأوفياءُ أثرًا خالدًا عنوانُه الإخلاص للوطن والناس".
كما حيّى رموزًا دينيّةً واجتماعيّةً جسّدوا ثقافة الاعتدال والتلاقي، مؤكّدًا أنّ المدينة "نموذجٌ للعيشِ المُشترك حتّى في أحلكِ الظّروف".

 

التزامٌ إنمائيّ

وشدّد سلام على أنّ زيارته "ليست رمزيّة"، موضحًا أنّه اطّلع على حاجات المدينة الاقتصاديّة والاجتماعيّة، من توسعة المرفأ وحماية مرفأ الصيّادين التراثي، إلى تطوير المرافق السياحيّة والأثريّة، وتحسين الخدمات الاستشفائيّة، ومعالجة "أزمةٍ مُزمنةٍ في ملفّ النفايات بحلٍّ مُستدامٍ يحترم البيئة والإنسان". وأردف: "إنّ دعم صيدا إنمائيًّا ليس تفضُّلًا من أحد، بل واجبٌ وطنيّ، وسنعمل عليه خطوةً خطوةً".

 

عين الحلوة وحقوق الفلسطينيّين

وتوقّف سلام عند علاقة صيدا بأهلها الفلسطينيّين، معتبرًا أنّ مخيّم عين الحلوة "ذاكرةٌ حيّةٌ للوجع الفلسطينيّ وتاريخِنا العربيّ المُشترك". وقال: "احتضنت صيدا الفلسطينيّين لا كضيوف، بل كشركاء في المعاناة كما في الكرامة"، مُذكّرًا بأنّ البيان الوزاريّ لحكومته "التزم الحفاظ على كرامة الفلسطينيّين المقيمين في لبنان وحقوقِهم الإنسانيّة، بالتلازم مع حقّ الدولة في ممارسة كامل سلطتها على أراضيها كافة، ومن ضمنها المخيّمات".

 

الجنوب والإعمار… التزامٌ ثابت

وربط رئيس الحكومة زيارته لصيدا بملفّ الجنوب، مُبيّنًا أنّ أوّل جولاته بعد تأليف الحكومة كانت إلى صور والخيام والنبطيّة. وقال: "العودةُ والإعمارُ توأمانِ لا يفترقان"، مُقرًّا بتأخُّر المساعدات "لأسبابٍ لم تَعُد خافيةً"، مع التزام السّعي "لعقد مؤتمرٍ دوليٍّ يؤمّن التمويل اللازم للإعمار والعودة الآمنة والمستدامة لأهلنا إلى قراهم وبلداتهم الجنوبيّة المُدمَّرة".

وفي مواجهة "غطرسة إسرائيل واستمرار انتهاكاتها"، أكّد سلام أنّ الحكومة "تُواصِلُ حشدَ الدّعم السياسيّ والدبلوماسيّ الإقليميّ والدوليّ لوقف الاعتداءات، وفرض الانسحاب الكامل من جنوبنا، والإفراج عن أسرانا"، مجدِّدًا: "نحن مُصِرّون على حقّ كلّ اللبنانيّين، ولا سيّما أبناء الجنوب والبقاع والضّاحية، في العودة الكريمة وإعادة الإعمار".

 

المصلحة الوطنيّة، السّيادة، والإصلاح

وتناول سلام التحوّلات الإقليميّة والدّوليّة وما عبّرت عنه اللقاءات الأخيرة "ومنها مؤتمر شرم الشيخ"، مؤكّدًا تمسّك لبنان بـ"موقعه ودوره الطبيعيّ في محيطه العربيّ والدوليّ على قاعدة المصلحة الوطنيّة". وأوضح: "المصلحةُ الوطنيّةُ ليست شعارًا، بل مبدأٌ سياسيٌّ وأخلاقيٌّ يرشُدُ الموقفَ ويضبُطُ الخيارات: في الداخلِ بتغليب منطق الدولة وسيادة القانون على الفئويّات والانقسامات، وفي الخارجِ بكلّ ما يصون سيادتَنا واستقلالَنا ودورَنا العربيّ وانفتاحَنا على العالم".

وجدّد التشديد على أنّ "لبنان القويّ بدولتِه ومؤسّساتِه وجيشِه الواحد" وحده القادر على حماية أرضه وأمن أبنائه، معتبرًا أنّ "بسطَ سلطةِ الدولةِ على كاملِ أراضيها بقواها الذّاتيّة حصرًا، كما نصّ اتِّفاقُ الطائف، شرطُ الوجودِ كدولة". وأضاف: "كما نحنُ مُلتزمون حصرَ السلاحِ بيدِ الدولة، نحن مُلتزمون أيضًا بمسيرةِ الإصلاحِ الماليّ والإداريّ والقضائيّ. لا أحد فوق القانون، والدستورُ هو الكتابُ الذي نحتكمُ إليه". وختم في هذا السياق: "لنُكمِلْ مسيرةَ الإصلاحِ معًا، ولنتمسّكَ بديمقراطيّتِنا، فنُجريَ الانتخاباتِ النيابيّةَ في موعدِها من دونِ أيِّ تأجيل".

وختم سلام بإرسال تحيّة "إلى كلّ الجنوب، إلى صورَ والنبطيّةِ وبنت جبيلَ ومرجعيونَ وحاصبيا والعرقوب وقرى الحافة الأماميّة"، داعيًا إلى "التمسُّك بما يُجمِعُ اللبنانيّين، وجعلِ صيدا المُصمِّدةِ الأبيّةِ منطلقًا للبنانٍ جديدٍ مُتصالحٍ مع ذاتِه، مُؤمنٍ بدولتِه، واثقٍ بشعبِه ومستقبلِه". كما شكر "النواب الكرام وفاعليّات المدينة وبلديّتها والأجهزة الأمنيّة والإداريّة وأبناء صيدا"، مختتمًا: "تحيّةً إلى صيدا مدينةِ العراقةِ والعطاء".

 

جولة في صيدا

وكان قد استكمَل رئيس مجلس الوزراء نواف سلام جولته في مدينة صيدا برفقة وفدٍ وزاريّ ضمّ وزيرة البيئة تمارا الزين، ووزير الطاقة والمياه جو صدّي، ووزير الأشغال العامّة والنقل فايز رسّامني، حيث زاروا "مستشفى صيدا الحكوميّ" والتقوا فعاليّات المدينة. وكان في استقبالهم عند مدخل المستشفى النائبان عبد الرحمن البزري وأسامة سعد، ورئيس بلديّة صيدا المهندس مصطفى حجازي، ومدير المستشفى الدكتور أحمد الصمدي، إلى جانب الطاقمين الطبيّ والإداريّ، وقدّمت إحدى الموظّفات باقة وردٍ للرئيس سلام ترحيبًا بزيارته.

وقام رئيس الحكومة والوفد بجولةٍ ميدانيّة على أقسام المستشفى، واستمع إلى شرحٍ من الدكتور الصمدي حول آليّة العمل، والاحتياجات الطبيّة، والضغوط الماليّة والوظيفيّة التي يواجهها المرفق الحكوميّ، ولا سيّما ما يتعلّق باستمراريّة الرواتب والدعم التشغيليّ. وخلال الجولة، تسلّم سلام كتاب مطالبٍ رسميًّا من المنسّق العام للهيئة التأسيسيّة لنقابة العاملين في المستشفيات الحكوميّة خليل كاعين، تضمّن المطالبة بضمان الرواتب وتحسين شروط العمل.

وقال مدير المستشفى الدكتور أحمد الصمدي: "التحدّي الأكبر أمام المستشفيات الحكوميّة هو تأمين استمراريّة الرواتب، نحتاج إلى آليّةٍ واضحةٍ لضمان حقوق العاملين، موقعُنا الجغرافيّ يضعنا في مواجهةٍ مباشرةٍ مع التحدّيات الأمنيّة، وقد توقّف العمل أكثر من مرّة، لكنّنا صمدنا وعدنا لخدمة الناس". من جهته أكّد رئيس الحكومة نواف سلام: "اطّلعتُ اليوم على حاجات صيدا الصحيّة، لن أطلق وعودًا لا يمكن تنفيذها، لكن سنعمل ضمن إمكاناتنا لدعم هذا المستشفى كما نفعل في مختلف المناطق اللبنانيّة". ودعا النائب عبد الرحمن البزري إلى "إقامة مركزٍ شعاعيٍّ لعلاج أمراض السرطان داخل المستشفيات الحكوميّة، لتعزيز خدمات الرعاية الصحيّة في الجنوب"

وكان سلام قد استهلّ زيارته إلى صيدا بجولةٍ على "المستشفى التركيّ الحكوميّ"، بحضور النوّاب أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد، والنائبة السابقة بهيّة الحريري، ورئيس البلديّة المهندس مصطفى حجازي، ونائب رئيس المكتب السياسيّ لـ"الجماعة الإسلاميّة" بسّام حمّود، ورئيسة مجلس إدارة المستشفى منى الترياقي، إلى جانب فعاليّاتٍ رسميّةٍ وسياسيّةٍ وأمنيّة، وممثّلين عن الهيئات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصحيّة، ورؤساء جمعيّاتٍ أهليّة.

وتشمل جولة رئيس الحكومة تباعًا "مرفأ صيدا"، و"معمل معالجة النفايات الصلبة في سينيق"، و"محطّة الصرف الصحيّ"، و"مستشفى صيدا الحكوميّ"، على أن يلتقي محافظ الجنوب منصور ضو في "سرايا صيدا". وينتقل لاحقًا إلى "بلديّة صيدا" حيث يُقام على شرفه حفلُ استقبالٍ بمشاركة نوّابٍ وفعاليّاتٍ من المدينة، تتخلّله كلمةٌ للرئيس سلام، وكلمةٌ لرئيس البلديّة، وعرضٌ موجزٌ عن مدينة صيدا. وتُختتم الزيارة بحفل غداءٍ تقيمه "جمعيّة المقاصد الخيريّة الإسلاميّة" في باحة "ثانويّة المقاصد" في المدينة، بحضور نائبي المدينة وفعاليّاتها.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث