نفّذت مسيّرة إسرائيليّة غارة بصاروخٍ موجّه على منطقة الحضايا الواقعة بين بلدتي وادي جيلو ويانوح، ما أدّى إلى حالة استنفار في المنطقة ومراقبة ميدانيّة دقيقة لأي تحرّكٍ لاحق. ونتج عن الغارة، وفق المعلومات الأوليّة، إصابة مواطن.
وفي توقيتٍ متزامن، أطلق الجيش الإسرائيليّ قنابل مضيئة بكثافة في أجواء شبعا. كما سُجل إطلاق قنبلتين مضيئتين في أجواء الناقورة، في مؤشر إلى نشاط استطلاعيّ واسع للعدو على امتداد الخط الحدوديّ.
وكان الطّيران الحربيّ الإسرائيليّ قد شنَّ غارةً جويّةً على المنطقة الواقعة بين بلدتي تبنين وحاريص. وتبيّن لاحقًا أنّ الغارة وقعت في أرضٍ مفتوحة. وأفادت تقارير ميدانيّةٌ بإصابة مواطنيْن جرّاء استهداف مسيّرةٍ لمزارعين يقطفون الزّيتون في أطراف حاريص.
"اليونيفيل" تحذّر: تقليص يثقل مهمّاتنا في الجنوب
كشفت المتحدّثة باسم قوّات الأمم المتّحدة في لبنان "اليونيفيل" كاندس أردييل، أنّ القرار الأمميّ القاضي بتقليص قوّات حفظ السّلم "الخوذ الزّرق" حول العالم بنسبة 25% يفرض تحدّياتٍ كبيرةً على بعثة الجنوب اللّبناني، مؤكّدةً أنّ المرحلة المقبلة ستشهد قراراتٍ صعبةً في ظلّ توقّعاتٍ بتأثّر قدرة البعثة على تنفيذ ولايتها على نحوٍ كامل، "على الرغم من الجهود المبذولة للتنسيق مع السّلطات اللّبنانيّة والدّول المساهمة لتقليل الأضرار قدر الإمكان".
وفي حوارٍ صحافيّ، أوضحت أردييل أنّ "الاعتداءات الإسرائيليّة المتواصلة داخل الأراضي اللّبنانيّة تعرقل سير تنفيذ القرار 1701، وتحدّ من قدرة الجيش اللّبناني على الانتشار الكامل جنوبًا"، مشدّدةً على أنّ "التعاون بين اليونيفيل والجيش ما يزال قائمًا ومتينًا عبر دوريّاتٍ يوميّةٍ وخططٍ مشتركة".
وأضافت أنّ "الشهر الماضي شهد سلسلة انتهاكاتٍ شملت غاراتٍ وهجماتٍ بطائراتٍ مسيّرة، إلى جانب حوادث استهدفت قوّات حفظ السّلم"، مؤكّدةً أنّ "استمرار وجود البعثة ومهامّها الميدانيّة يسهم في تخفيف التوتّر ومنع التّصعيد، بالرغم من محاولات بعض الأطراف توجيه الرأي العامّ ضدّها في الجنوب".
وقالت أردييل: "لا تزال اليونيفيل تدرس بدقّةٍ ما يعنيه هذا القرار لعمليّات حفظ السّلم في جنوب لبنان، غير أنّنا نعلم أنّنا سنواجه قراراتٍ صعبة. نحن في المراحل الأخيرة من وضع خططنا، وندرك انعكاسات هذا التّقليص على قدرتنا في تنفيذ ولايتنا بالكامل، وسنعمل على نحوٍ وثيقٍ مع السّلطات اللّبنانيّة والدّول المساهمة بقوّاتٍ في اليونيفيل لتطبيق أيّة تخفيضاتٍ ضروريّةٍ بأقلّ تأثيرٍ ممكنٍ على سير عملنا، مع بذل كلّ ما في وسعنا لضمان الاستمرار في إنجاز المهامّ الأساسيّة المنوطة بنا".
وعن مدى تأثير هجمات إسرائيل على خطّ نزع السّلاح، أجابت: "تدعم قوّات حفظ السّلم الجيش اللّبنانيّ في تنفيذ القرار 1701، الذي ينصّ على إقامة منطقةٍ خاليةٍ من الأسلحة غير المصرّح بها بين نهر اللّيطاني والخطّ الأزرق. لكنّ وجود جنودٍ إسرائيليّين داخل الأراضي اللّبنانيّة يحدّ من قدرة الجيش على الانتشار الكامل في الجنوب، والقيام بمهامّه على نحوٍ تامّ. ومنذ وقف الأعمال العدائيّة، اكتشفت قوّات حفظ السّلم أكثر من 340 مخزنًا للأسلحة والذّخائر في جنوب لبنان، وأبلغ الجيش اللّبنانيّ بها للتعامل معها وفق الأصول".
وأكدّت أنّ "هناك تنسيقٌ وتعاونٌ وثيقان، ونقوم بدوريّاتٍ مشتركةٍ يوميًّا. تساند اليونيفيل الجيش في تنفيذ المهامّ الموكلة إليه بموجب القرار 1701، ونقدّم عند الطّلب دعمًا في أنشطةٍ محدّدة. لدى الجيش خطة عملٍ واضحة، وهو في طور تنفيذها".
وأشارت إلى أنّ "كلّ انتهاكٍ خطيرٌ لأنّه يقوّض الالتزام بتطبيق القرار 1701، وتحقيق الاستقرار طويل الأمد. رصدنا استمرار وجود جنودٍ إسرائيليّين داخل جنوب لبنان في انتهاكٍ واضحٍ للقرار ولسيادة لبنان، وهذا ما يمنع الجيش من الانتشار الكامل، ويعطّل عمل قوّات حفظ السّلم. كذلك تتواصل الغارات والهجمات بالطائرات المسيّرة، وقد أدّت إلى مقتل وإصابة مدنيّين، منهم أطفال. كما عثرت قوّاتنا على بقايا أسلحةٍ وذّخائر تركتْها مجموعاتٌ مسلّحة عقب نزاعات. أمّا الانتهاكات ضدّ قوّات حفظ السّلم فشملت هجماتٍ بقنابل تلقى من طائراتٍ مسيّرة، وتوجيه أسلحةٍ وأشعّة ليزر نحو عناصرنا من قبل القوّات الإسرائيليّة، وسقوط طائرةٍ مسيّرةٍ تابعةٍ للجيش الإسرائيليّ مزوّدةٍ بكاميرا داخل مقرّنا في النّاقورة. وفي حالاتٍ أخرى، عطّل مدنيّون بلباسٍ مدنيٍّ دوريّاتنا، وفي واقعةٍ أطلق عيارٌ ناريٌّ من بندقيّة صيدٍ قرب جنود حفظ السّلم. لذلك نؤكّد أنّ أيّ تدخّلٍ في عملنا يعدّ انتهاكًا للقرار 1701، ويقوّض جهود الاستقرار".
وأوضحت أنّ "وجود قوّات حفظ السّلم المنتشرة من نحو 50 دولة، يضمن مراقبةً حياديّةً ودقيقةً لما يجري، وتحديد الجهات التي تنتهك القرار 1701، ومواقع تلك الانتهاكات. وعبر آليّات التنسيق والارتباط القائمة، تساهم اليونيفيل في خفض التوتّر، ومنع سوء الفهم الذي قد يؤدّي إلى التصعيد. وفي نهاية المطاف، تبقى مسؤوليّة تنفيذ القرار 1701، وترسيخ الاستقرار طويل الأمد على عاتق لبنان وإسرائيل، ودورنا هو الدّعم".
وبيّنت أنّه "لطالما تمتّعت قوّات حفظ السّلم التابعة لليونيفيل بعلاقاتٍ قويّةٍ مع المجتمعات المحليّة في جنوب لبنان. وبالرغم من حالات سوء فهمٍ نادرة، فإنّها غالبًا ما تحلّ سريعًا ودون عنف. يدرك الأهالي أهميّة دورنا، ولا سيّما في هذه المرحلة الحسّاسة، وما تزال قوّاتنا قادرةً على أداء مهامّها ميدانيًّا، استقلالًا أو بالتعاون مع الجيش اللّبناني، مع تواصلٍ دائمٍ مع السّلطات المحليّة لتعزيز الاستقرار والتّعافي".
لقاءات وزير الدّفاع
من جهةٍ ثانية، استقبل وزير الدّفاع الوطنيّ اللّواء ميشال منسى في مكتبه في اليرزة، اليوم، المستشار الأوّل لدى وزارة الدّفاع البريطانيّة لشؤون الشّرق الأوسط الأدميرال إدوارد الغرين، والسفير البريطانيّ في لبنان هايمش كاول، ووفدًا مرافقًا. وجرى خلال اللقاء عرض المستجدّات الأخيرة في المنطقة وانعكاساتها المحتملة على الوضع في لبنان، ولا سيّما "بعد توقيع وثيقة إنهاء الحرب في قطاع غزّة بالأمس"، كما جرى التطرّق إلى سير العمل في تنفيذ الخطة التي وضعها الجيش اللّبنانيّ لحصر السّلاح بيد السّلطة الشّرعيّة ومراحل تطبيقها، إضافةً إلى عمليّة انتشار الجيش وفقًا للقرار 1701.
وتناول البحث أيضًا التحدّيات التي قد تواجه المؤسّسة العسكريّة في ملء الفراغ النّاتج عن انتهاء مهامّ قوّات "اليونيفيل" البريّة والبحريّة في لبنان نهاية العام 2026. وأكّد الأدميرال الغرين "مواصلة دعم بلاده لتأمين احتياجات الجيش اللّبنانيّ في هذه المرحلة الدّقيقة، ولا سيّما إنشاء أبراجٍ ومراكز مراقبةٍ على الحدود البريّة".
كما استقبل اللّواء منسى وفدًا من أهالي شهداء معركة عبرا، الذين نقلوا إليه مطالبهم بإنصاف أبنائهم ومواصلة جهود تحقيق العدالة، فأعرب عن تفهّمه لمعاناتهم وطمأنهم، مؤكّدًا "الثّقة التّامة بشفافيّة القرارات الصّادرة عن المحكمة العسكريّة، والتزامها الكامل بالقانون والعدالة".
