نوبل توقِفُ حرب غزة.. نتنياهو يريد تكرار نموذج لبنان

منير الربيعالجمعة 2025/10/10
ترامب الأمم المتحدة (Getty)
جائزة نوبل لها التأثير الأكبر على ترامب للضغط على إسرائيل في سبيل قبول وقف الحرب (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

كان لموعد جائزة نوبل للسلام التأثير الأكبر على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للضغط على إسرائيل في سبيل قبول وقف الحرب في غزة. وكان ذلك كافياً لاحتفاء الفلسطينيين وسكان القطاع بوقف المقتلة المستمرة منذ سنتين. قسَّم الإسرائيليون الاتفاق على مراحل، أولاها تمتد على مدى أربعة أيام لتسليم الأسرى لدى حماس، مقابل وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وفتح خطوط المساعدات، وبدء الانسحاب من المدن الرئيسة في القطاع. وهذه المرحلة هي التي يريد ترامب أن يُتوِّجها بنفسه عبر زيارته لإسرائيل يوم الأحد المقبل، في حين أنَّ إسرائيل تشترط الانتقال إلى المرحلة الثانية عبر طرح ملف تسليم حركة حماس لسلاحها على الطاولة. فإلقاء السلاح، أو تسليمه هو الشرط الإسرائيلي الأبرز لاستكمال مراحل الخطة. 

 

ذريعة عدم إلقاء السلاح

في الخطة أيضاً، بنود كثيرة مفخّخة وقابلة للانفجار، وشروط غير قابلة للتطبيق، لا سيما لجهة المجلس الدولي الذي سيتولى إدارة القطاع، وهو ما يوافق عليه الفلسطينيون، إضافة إلى ما يطرحه ترامب لجهة إقامة منطقة اقتصادية عازلة؛ أي خالية من السكان، وهو ما يجدد المخاوف الأساسية من مشروع تهجير جديد، لا سيما أن نتنياهو قد يماطل في تطبيق بنود الخطة، ويستمر في تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني ضمن سياسة إعدام مقومات الحياة، والبقاء في القطاع لدفع الفلسطينيين إلى مغادرته. وسيتذرع بعدم موافقة حركة حماس على إلقاء السلاح أو تسليمه، وبأنها ترفض الخروج من غزة والخروج من المشهد السياسي، لكي يواصل عملياته وتوجيه ضرباته في القطاع. 

 

كما في لبنان كذلك في غزة

على الأرجح، سيربط نتنياهو مسألة الانسحاب من القطاع، بتسليم حركة حماس لسلاحها، وحل الجناح العسكري فيها، وهو تماماً ما يطبّقه في لبنان؛ إذ يضع شرطاً أساسياً هو نزع سلاح حزب الله بالكامل، وتدمير كل البنى العسكرية العائدة إليه، وحل الجسم العسكري في الحزب شرطاً لوقف عمليات الاستهداف، والانسحاب من النقاط التي يحتلها. ويمكن للخطة، إذا طُبقت بعدد من بنودها، أن تساهم في وقف العمليات العسكرية الواسعة التي هي بمنزلة إبادة جماعية، وحرب تتضمن جرائم ضد الإنسانية يشنها نتنياهو ضد الشعب الفلسطيني، من دون إغفال استمرار المخاوف من تعمّد تل أبيب تخريب الاتفاق، بالعودة الى تنفيذ عمليات عسكرية متقطعة أو اغتيالات. 

 

الاحتضان العربي والإقليمي

تطبيق الخطة على نحوٍ كامل، ستكون له انعكاسات وتداعيات على الداخل الإسرائيلي. كما أنها تُبيِّت النية لاستسلام حركة حماس وغيرها من فصائل المقاومة، وهو ما لا توافق عليه الفصائل. عملياً، وافقت حماس على الخطة لوقف حرب الإبادة، لكنها لا توافق على الاستسلام، وارتكزت إلى موقف عربي وإقليمي مساند لها في المفاوضات، وكان له الدور الأكبر في احتضانها سياسياً، لا سيما من جانب تركيا وقطر، إضافة إلى مصر، الدولة المعنية على نحوٍ أكبر بقطاع غزة، إلى جانب دول إسلامية أخرى. وهذا الوضع يختلف عن وضع حزب الله الذي لا يحظى بالاحتضان لا في الداخل ولا على المستوى العربي والإقليمي، باستثناء إيران. لذلك، يمكن للموقف العربي والإسلامي أن يشكل فرصة ضاغطة من أجل إلزام إسرائيل بمواصلة وقف النار والحرب. 

 

مراعاة اليمين المتطرف

تسعى إسرائيل إلى ترجمة الخطة وتطبيق الاتفاق وفق ما يتقاطع مع مصلحتها الإستراتيجية، أو مع العنوان الذي رفعه نتنياهو، وهو دفع كل أعدائه إلى الاستسلام في سياق عمله "لتغيير وجه الشرق الأوسط". لذلك، لن يتوقف مشروع إسرائيل عند حدود ما جرى، وهي ستمضي في محاولاتها. وهذا المشروع الذي يتبناه اليمين الإسرائيلي بكامله، الذي سيجد نفسه في مواجهة مع نتنياهو إذا تراجع عن الحرب وأهدافها. ومن هنا، تبرز تهديدات بن غفير وسموتريتش بالاستقالة من الحكومة إذا جرى تطبيق الاتفاق كاملاً، وإذا لم يعد نتنياهو إلى الحرب مجدداً. ويبقى الخوف من تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق، بحيث تكون إسرائيل قد أمّنت إطلاق أسراها، ويكون استحقاق جائزة نوبل للسلام قد مرّ، ثم يبدأ نتنياهو في البحث مجدداً عن أسباب لاستئناف الحرب، بذريعة أن حماس لم تستجب إلى مطلب تسليم السلاح. وأما نجاح الاتفاق، وبغض النظر عن كل مخاطره، فحتماً ستكون تداعياته سياسية على الداخل الإسرائيلي؛ إذ ستدفع نحو تغيير حكومي، أو تقريب لموعد الانتخابات، ومحاولات لإطاحة نتنياهو. وهذا ما ستسعى دول عربية كثيرة إلى تحقيقه أيضاً، لا سيما أن الرجل تتملكه شراهة جامحة نحو الحروب وتوسيعها، وهذا ما يُبقي الإسرائيليين في حال الحرب، ويجعل دول الجوار في تهديد دائم. 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث