لم تنته بعد تساؤلات القضاء اللبنانيّ حول مصدر كفالة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة. النيابة العامة التمييزية حققت مع المصرفي مروان خيرالدين لمساءلته عن هذه الأموال بعدما صرّح سلامة أن خيرالدين هو الذي جهز الكفالة التي سُدّدت للقضاء اللبنانيّ.
وبعد دفع سلامة كفالة قدرها 14 مليون دولار أميركي لإخلاء سبيله، توجه إليه رئيس المباحث الجنائية المركزية العميد نقولا سعد وحقق معه حول مصدر هذه الأموال. ووفقًا لمعلومات "المدن" صرّح سلامة أن هذه الأموال سُلّمت من خيرالدين.
رهن عقارات سلامة؟
على هذا الأساس، استكملت النيابة العامة التمييزية تحقيقاتها في مصدر هذه الأموال. وإن كانت من مصرف الموارد أم أنها لسلامة أو لشخصٍ آخر. وحضر خيرالدين في الثامن من تشرين الأول الجاري إلى النيابة العامة التمييزية، واستجوبه النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار قبل أن يتركه رهن التحقيق.
وبحسب مصادر "المدن" فإن خيرالدين يقول أن سلامة رهن ثلاث عقارات لشركة استثمارات عقارية يملكها خيرالدين تدعى "MAWARED PROPERTIES". وقد أعطيت 14 مليون دولار أميركي لسلامة بعدما رهن هذه العقارات بقيمة منخفضة عن قيمتها الفعلية لوجود حجوزات قضائية عليها.
للتفصيل أكثر، فإن هذه الشركة تشتري العقارات التي تعاني من مشاكل مالية أو قانونيّة، ومن ثم تعيد معالجة هذه المشكلة قانونيًّا ويُفك الحجز عن العقار وتتمكن الشركة من التصرف به. وتسمى "شركة شقيقة" لبنك الموارد، وغالبًا ما يستفيد المصرفيون من عملهم المصرفي للقيام بأنشطة عقارية مكملة لعملهم. لأنه في حال تعثر أي عميل لديهم من تسديد القروض، فإن الشركة العقارية الشقيقة للمصرف، هي التي تضع يدها على عقاراته مقابل تسديد القرض. وهنا يجدر التذكير بأمرين أساسيين أن الأموال جُهزت لسلامة خلال ساعات قليلة. فالهيئة الاتهاميّة حددت قيمة الكفالة يوم الجمعة الخامس والعشرين من أيلول الماضي، والكفالة دُفعت صباح اليوم التالي. كما أن خيرالدين وافق على رهن هذه العقارات رغم أنها مثقلة بالمشاكل القانونيّة، من المحتمل أن تحتاج لسنوات طويلة قبل أن يفك الحجز عنها قضائيًا.
تُرك خيرالدين رهن التحقيق. وحسب مصادر قضائية لـ"المدن" فإن الحجار سيستكمل هذه التحقيقات. وتعليقًا على ما ذكرناه، رفض وكيل خيرالدين القانونيّ مالك إرسلان، الادلاء بأي تصريح مُكتفيًا بالقول: "ملتزمون بسرية التحقيقات".
تحقيقات قضائية
ما حصل أعاد إلى الأذهان أحداث عام 2023. حين وجه القضاء الفرنسي اتهامًا إلى خيرالدين كان من بينها "تشكيل عصابة أشرار"، بهدف تسهيل اختلاس المال العام وتبييض الأموال وإساءة الأمانة. وجاءت هذه الاتهامات على خلفية تحقيقات أجرتها السلطة القضائية في فرنسا في مصادر ثروة سلامة. كما أنه خضع لتحقيقات فرنسية في فرنسا قبل أن يترك بكفالة ماليّة ويعود إلى بيروت.
وعليه، بانتظار انتهاء تحقيقات النيابة العامة التمييزية في هذا الملف. وفي ضوء هذه المعطيات، تطرح الكثير من التساؤلات حول العلاقة التي تربط سلامة بخيرالدين، فهل هي علاقة "الصديق وقت الضيق" أم أن خلفها مآرب ومصالح أخرى؟
