استقبل رئيسُ مجلس النواب نبيه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة نائبَ الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي شارل فرايز والوفدَ المرافق، بحضور سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان سندرا دي وايل. وجرى عرضٌ لتطوّرات الأوضاع في لبنان والمنطقة والمستجدّات السياسية والميدانية.
والتقى برّي لاحقًا رئيسةَ جمعيّة الإعلاميّين الاقتصاديّين في لبنان سابين عويس وأعضاءَ الهيئة الإداريّة. وقال أمامهم: "سنكون سعداء إذا ما توقّفت حربُ الإبادة التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة"، مشدّدًا على "وجوب الحذر من انقلاب إسرائيل على الاتفاق"، ومذكّرًا بأنّ "لبنان التزم وقفَ إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي جنوب الليطاني، والمقاومة منذ 27 تشرين الثاني 2024 لم تُطلق طلقةً واحدة، فيما إسرائيل بدل الانسحاب وإطلاق سراح الأسرى ووقف العدوان، احتلّت أماكن ودَمّرت قرًى بكاملها".
وسأل برّي: "ماذا بعد غزّة؟ الجواب يجب أن يكون التوجّه نحو لبنان لتطبيق الاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه، وعلى المجتمع الدولي، لا سيّما الدول الراعية لوقف إطلاق النار، تحمّل مسؤوليّاته بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي لا تزال تحتلّها، ووقف العدوان وإطلاق سراح الأسرى".
وأضاف: "لا تعافيًا اقتصاديًّا في لبنان والوضع في الجنوب على ما هو عليه من استمرار للاحتلال والعدوان ومن دون مباشرة الحكومة إعادة الإعمار". وانتقد تقصيرَ الدولة في مواكبة عودة أبناء القرى الحدوديّة، قائلًا: "هل يُعقل ألّا تقول الحكومة لأهالي عيتا الشعب وكفركلا وحولا ويارين ومروحين والضهيرة وميس الجبل وبليدا والخيام ويارون ومارون الراس وسائر القرى المدمَّرة 'مرحبًا'؟ المطلوب حضورُ الحكومة بكلّ وزاراتها بالحدّ الأدنى كي لا يشعر العائدون أنّ الجنوب ليس جزءًا من لبنان".
وتابع: "على الجميع التصرّفُ على أساس أنّ مصلحة لبنان قبل أيّ شيء. لبنان أصغرُ من أن يُقسَّم. الشعب اللبناني الذي احتضن بعضُه بعضًا خلال العدوان أثبت أنّه أكثر وطنيةً من بعض سياسيّيه، ولا يجوز ربط ملفّ إعادة الإعمار بأيّ أثمان سياسيّة".
وفي الشأن الانتخابي، أعلن برّي: "الانتخابات يجب أن تُجرى في موعدها وفقًا للصيغة الحاليّة للقانون الساري المفعول. هذا القانون أعطى صلاحياتٍ استثنائيّة لوزيري الداخليّة والخارجيّة، فليتفضّلوا إلى الانتخابات. ونؤكّد أنّنا ضدّ التمديد". وأردف ردًّا على انتقادات تطال القانون: "مَن صنع هذا القانون وتمسّك به لا يريده الآن".
وحول علاقته بالرؤساء وسائر الأطراف، قال: "علاقتي مع الجميع منيحة، ومع رئيس الجمهورية ممتازة". واستغرب "أن تأخذ قضيّة صخرة الروشة كلّ هذا الجدل أكثر ممّا أخذ ملفّ إعادة الإعمار".
اقتصاديًّا وإصلاحيًّا، شدّد برّي على أنّ "المجلس النيابي أنجز وأقرّ معظم ما هو مطلوب منه من تشريعات اقتصاديّة، ولا يزال ينتظر قانون الفجوة الماليّة"، مؤكّدًا أنّ "أموال المودعين مقدّسة، وقد ذهبت إلى ثلاثة أطراف: الدولة اللبنانيّة والمصارف ومصرف لبنان، ولا يجوز التفريط بحقوقهم تحت أيّ ظرف".
وفي ما يتّصل بموازنة عام 2026، قال: "لم أُطالعها بعد وقد حُوِّلت إلى المجلس، لكن أؤكّد أنّ هذه الموازنة لن تمرّ إذا لم تتضمّن بندًا واضحًا متّصلًا بإعادة الإعمار".
وفي ملفّ السّوريّ، رأى برّي أنّه "واحدٌ من العوامل التي تعمّق الأزمة الاقتصادية في لبنان"، لافتًا إلى أنّه "بعد سقوط النظام سقطت الذريعة لاستمرار هذه الأزمة التي تشكّل خطرًا على لبنان إن استمرّت بلا حلّ".
وبعد الظهر، تابع رئيسُ المجلس الأوضاع العامّة ولا سيّما في منطقة عكّار، خلال لقائه رئيسَ بلديّة تكريت طارق الترك وعددًا من أعضاء المجلس البلدي، بحضور رئيس جمعيّة اتحاد شباب عكّار الشيخ مفيد العبدالله، حيث نوقشت قضايا إنمائيّة.
سلام يردّ
من جهته، أعرب رئيس مجلس الوزراء نواف سلام عن "استغرابه الشديد للتصريح المنسوب إلى رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي مفاده أنّ الحكومة لا تسأل عن أهلنا في الجنوب، وأنّها لم تقل لهم حتى "مرحبا".
وأشار سلام، في تصريح، إلى أنّه "لو صحّ هذا التصريح، يهمّني التذكير بأنّ أوّل عمل قمتُ به مع عددٍ من الزملاء الوزراء، وقبل انقضاء 48 ساعة على نيل حكومتنا الثقة، كان القيام بزيارةٍ ميدانيّة إلى صور، والخيام، والنبطية، للوقوف على أحوال أهلنا في الجنوب والاستماع إليهم".
وذكّر بأنّه "في ظلّ غياب أيّ دعمٍ خارجي لأسبابٍ معروفة، وضمن إمكانات الدولة المحدودة، قامت وزارة الشؤون الاجتماعيّة بتأمين مساعدةٍ ماليّةٍ شهريّة إلى 67 ألف عائلة متضرّرة من الحرب، كما أعلنت تقديم بدل إيجارٍ شهري لـ10 آلاف عائلة هُجِّرت بسبب الحرب. ناهيكم أنّ وزارات الاتصالات، والأشغال العامة والنقل، والطاقة والمياه باشرت الإصلاحات الضروريّة لإعادة الخدمات إلى المناطق المتضرّرة".
وشدّد سلام على أنّه "إضافةً إلى ذلك، كلّفنا مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة الإسراع في أعمالهما، وحوّلنا إليهما المبالغ المطلوبة"، مؤكّدًا أنّ "الأهم أنّ حكومتنا عملت على الحصول من البنك الدولي على قرضٍ بقيمة 250 مليون دولار لإعادة إعمار البنى التحتيّة المتضرّرة من الحرب. إلا أنّ الإفادة من هذا القرض لا تزال تنتظر إقرار القانون المتعلّق به في مجلس النواب".
وختم متمنّيًا "عودة المجلس النيابي إلى عمله التشريعي بسرعة، لإقرار هذا القانون، كي يستفيد منه أهلنا في الجنوب وسائر المناطق المتضرّرة من الحرب"، مضيفًا: "إعادة الإعمار ليست وعدًا منّي، بل عهدًا".
