اعتبر وزير العدل عادل نصار أن "استقلالية القضاء أمر أساسي، ومن الضروري إبعاد القضاة عن أيّة ضغوط مهما كانت، والتشكيلات القضائية أُنجِزت بعيدًا عن المحسوبيات القضائية"، مؤكدًا أن "القضاة يقومون بعملهم بجدّية، وعلينا العمل للوصول إلى الشفافية".
نصار وفي مداخلة في المؤتمر الوطني اللبناني، أوضح أن "لبنان لا يستطيع الاستمرار بانعدام وجود الشفافية، وهذه المرحلة مهمة إذا كان يرغب البقاء مرتبطًا بالنظام المالي العالمي، كما أن لبنان لا يمكن أن يبقى منعزلًا عن العالم، وعلينا القبول بقواعد الشفافية، والمصلحة الوطنية العليا تضمن وجود هذه الشفافية، فلا مصلحة لأحد أن يكون هناك تبييض أموال وتمويل الإرهاب".
ورداً على سؤال يخص التحقيق في انفجار مرفـأ بيروت، قال: "احترامًا لمبدأ استقلالية القضاء، أنا لا أتدخل في التحقيقات التي يجريها القاضي بيطار، ولكن هناك متابعة حثيثة لملف استرداد مالك سفينة "روسوس" إيغور غريتشوشكين، ولم نرَ أيّ موقف سلبي من الجانب البلغاري".
أضاف: صاحب السفينة هو موقوف حاليًا ولا يخضع للتحقيق، ونتابع الإجراءات اللازمة لاسترداده للتحقيق معه في لبنان، وعلينا التمسك بهذا الملف، ونؤمّن كل الالتزامات لإتمام هذه التحقيقات، وأنا بتصرّف المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ بما يدخل ضمن صلاحيات وزارة العدل".
وتحدّث نصار عن الاجتماع اللبناني- السوري، مذكرًا أن "الاهتمامات الأساسية تتعلّق بمرتكبي الجرائم في لبنان والفارين إلى سوريا، بمن فيهم حبيب الشرتوني، وبتسليمنا أيّة وثائق أو معلومات مرتبطة بالاغتيالات السياسية، والمهمّ تحريك هذه التحقيقات، وكان الرد إيجابيًا ومتفهمًا، إضافة إلى ملف المخفيين قسرًا".
وقال: "في ما خص موضوع الموقوفين السوريين في لبنان، هناك إيجابية في التعاطي من قبل الطرفين، ولكن الحل لا يكون على حساب دم الشعب اللبناني".
واعتبر نصار أن "حصر السلاح مطلب داخلي لبناء الدولة، وهذا المطلب مشمول في خطاب القسم والبيان الوزاري، وهو شرط لبناء الدولة، وعرقلة حصر السلاح تعني عرقلة بناء الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني يقوم بعمل جبار، وعملية حصر السلاح تحصل بعيدًا عن الإعلام، وستُستكمل بناءً على خطة الجيش، ولا أحد يحق له تصوير بناء الدولة على أنّه مشروع مواجهة ضد أي طرف في لبنان، فبناء الدولة مشروع ضامن لكل المجتمع اللبناني، ومن مصلحتنا أن يُحصر السلاح بيد الدولة فورًا؛ وهو مطلب يصبّ في المصلحة الوطنية؛ وليس فئويًا".
وفي الحديث عن إضاءة صخرة الروشة، أشار إلى أن دور القضاء ليس حلّ المشاكل السياسية في البلد؛ فهو يقوم بدوره وفق الأصول، والمسار القضائي سيكتمل قريبًا، وعلى حزب الله أن ينخرط في مشروع الدولة،
وقال: "إضاءة شجرة الروشة هو مخالفة قرار إداري، والحزب بعث عبرها رسالة الى جمهوره يقول فيها أنا أعصى على الدولة".
وقفة شهرية لأهالي ضحايا تفجير المرفأ
إلى ذلك، بيروت، نفذت اللجنة التأسيسية لتجمع أهالي شهداء وجرحى ومتضرري انفجار مرفأ بيروت وقفتها الشهرية الـ62 أمام بوابة "الشهداء" رقم 3 للمرفأ. وألقى رئيسها إبراهيم حطيط الكلمة الرسمية باسم الأهالي، وجاء فيها: "نعتذر لأرواح شهدائنا وضحايانا عن تقصيرنا في إقامة وقفتنا الشهرية الماضية لأسباب خارجة عن إرادتنا، ونحتفظ عن ذكرها حاليًا، ولا شك أنهم بعليائهم يعرفونها".
وأضاف: "ها نحن اليوم في ظل مستجدات قضائية، أبرزها توقيف مالك السفينة 'روسوس'، إيغور غريتشوشكن، في بلغاريا، ومحاولة استرداده أو التحقيق معه عبر النيابة العامة التمييزية، مع ما في ذلك من تعقيدات قانونية، وهو جهد يشكر عليه كل القائمين به. ونتمنى ألّا تنتهي الأمور إلى أن يكون مجرد مالك لسفينة تُؤجر ولا علاقة له بما تحمل عليه، في حين كان الأولى والأسهل السعي لتوقيف مالك شحنة نترات الأمونيوم الذي سبق أن حضر إلى بيروت، واستحصل عبر محامين على إذن قضائي للكشف عليها، قبل أن يأخذ قرارًا بالتخلي عنها".
وتابع حطيط: "من جهة ثانية، نحن أمام مرحلة دقيقة وحساسة، فبعد طول ركود عادت دعوى مدّعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات بحق المحقّق العدلي طارق بيطار بتهمة اغتصاب السلطة وانتحال الصفة، بعد اجتهاد مشبوه من الأخير لنفسه بأنه 'لا يرد ولا يخاصم ولا تُكفّ يده'، لتُطوَّق المسألة قانونيًا، وتُعاد إلى قاضي التحقيق حبيب رزق الله بعد تشكيل هيئة اتهامية كانت مغيبة. أصبحت المواجهة بين القوانين المرعية الإجراء بأحكامها وموادها، والتدخّلات والضغوطات والتسويات السياسية التي ما زالت مستمرة، بالرغم من كل ما يُحكى عن استقلالية القضاء. ولم يكن آخر ذلك ما قام به حضرة مدّعي عام التمييز القاضي جمال الحجار من تراجُع عن قرار سابق له بعدم التعاون مع المحقّق العدلي مدة سنة كاملة، من دون تقديم أيّ مبرر قانوني لذلك".
ووجّه حطيط كلامه إلى مدّعي عام التمييز قائلاً: "سبق ووعدتنا بوصفنا أولياء دم خلال أحد لقاءاتنا بحضرتك بأن تغلبوا القانون على ما عداه، انتصارًا لحق شهدائنا في تحقيق واضح وشفاف وصولًا إلى العدالة، كما سبق وتفهّمنا حجم الضغوطات التي مورست عليك، وإن على مضض، لكن رهاننا اليوم على ضميرك وقسمك وتاريخك المشرق النزيه، ورجولتك بنصرة الحق. لقد وقعتم بتاريخ 25/11/2021 مع مجموعة قضاة تحت رئاستكم قرارًا يؤكد إيمانكم وقناعتكم القانونية بأن المحقّق العدلي 'يُردّ ويُخاصَم وتُكفّ يده'، وأنا مستعد لتزويدكم ومع الإعلام بهذا التوقيع من باب التذكير إن دعت الحاجة".
وأضاف: "هنا أتوجّه إلى حضرة القاضي حبيب رزق الله باسم دماء الشهداء المظلومين وآلام الجرحى المنكوبين ودموع الأمهات والأيتام، أن تحكموا بالقانون والعدل في هذه القضية الوطنية والإنسانية، بالرغم من كل الضغوطات التي تمارس عليكم وعلى بعض القضاة النزيهين. نحن لا نطلب غير القانون فقط يا حضرة القاضي، وما مشاركتنا بوصفنا أولياء دم بدعوى اغتصاب السلطة من قبل المحقّق العدلي طارق بيطار، إلا ليقيننا المطلق أنه يؤخّر وصولنا إلى الحقيقة والعدالة بسبب الاستنسابية واللاّمهنية التي تُمارَس توخِّيًا للشعبوية، بعيدًا عن وحدة المعايير التي ستضيع حقوقنا وحقوق شهدائنا وضحايانا في الحقيقة والعدالة والمحاسبة".
وأوضح حطيط: "اليوم لن أوجّه كلامي إلى المحقّق العدلي طارق بيطار، انتظارًا لأن يمثل أمام عدالة متوخاة، إنما أتوجّه إلى وزير العدل المحامي عادل نصّار بكل احترام لأقول له: حضرة وزير العدل، أنت وعدتنا خلال زيارتنا لكم أن لا تكون متدخّلًا في شؤون القضاء، فما الذي يدفعك لإدارة التسويات؟ أم أن هذا مسموح ولا يعد تدخّلًا بالقضاء؟ وحين ناشدناك ألا تتعامل مع ملف المرفأ بخلفية حزبية قلت لنا أنك غير حزبي، فإذا بنا نراك رأسَ حربة حزبية في قضايا عدة. نحن لا يهمنا إن كنت حزبّيًا أم لا، افعل ما شئت، ولكن لن نسمح لك ولا لغيرك بتسييس قضية مرفأ بيروت، أو بالاستقواء بظروف سياسية للتدخل بتسويات على حساب دماء فلذات أكبادنا".
وختم حطيط قائلاً: "أعلم أنّك تستطيع بسهولة الادعاء عليّ بهذا الكلام، فالمرحلة تسمح لك بأكثر من ذلك، ولكن عليك أن تعلم أن الموت أهون عليّ من أن أجبن أو أخاف أحدًا في سبيل قضيتي الوطنية والإنسانية. وأخيرًا، أجدد شكري لوزيري الصحة والشؤون الاجتماعية لتعاونهما معنا بشأن جرحى انفجار المرفأ، في ظل تقاعس وتقصير المجلس النيابي المستمر في وضع اقتراح القانون الذي قدمناه لمساواتهم بجرحى الجيش على جدول أعماله في الجلسات التشريعية، بالرغم من مراجعاتنا المتكررة بهذا الشأن، حيث يبدو أننا سنكون بحاجة إلى تحركٍ كبير يشترك به كل أهالي الشهداء والجرحى، لعلّ صوتنا يصل".
