لقاء باسيل- عون: توازن الضرورة في لحظة مفصلية

ندى أندراوسالسبت 2025/07/05
جبران باسيل جوزاف عون (رئاسة الجمهورية)
العلاقة بين الرئيس وباسيل ليست تحالفاً، بل تلاقٍ مرحلي (رئاسة الجمهورية)
حجم الخط
مشاركة عبر

في لحظة سياسية وأمنية مفصلية، حلّ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ضيفًا على قصر بعبدا، في زيارة رسمت علامات استفهام حول طبيعة العلاقة المتجددة بينه وبين رئيس الجمهورية جوزاف عون، لا سيما بعدما كان باسيل عبّر في مناسبات عدّة عن "اليد الممدودة للعهد"، مؤكداً استعداده للقاء الرئيس في حال أبدى الأخير الرغبة في ذلك.

 

ثلاثية التحركات

زيارة باسيل إلى بعبدا، وإن سبقتها مداولات كثيرة حول علاقته بالرئيس، جاءت في توقيت لافت، اختتم فيه رئيس التيار الوطني الحر سلسلة لقاءات بارزة خلال أقل من 24 ساعة. فقد كان من أوائل الشخصيات التي التقاها الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذي وضعه في صورة التطورات الإقليمية، مؤكداً له أن أمام لبنان فرصاً وتحديات مفصلية. ثم توجّه باسيل إلى الديمان حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، واستعرض معه تطورات الوضع في سوريا، ولا سيما بعد تفجير كنيسة مار الياس، وسمع من الراعي قلقاً بالغاً بشأن مصير المسيحيين في سوريا. ووفق المعلومات، فإن بطريرك الكاثوليك في سوريا طلب من الراعي التدخّل لمساعدة المسيحيين على الانتقال إلى لبنان.

ولم يغب عن لقاء الديمان ملف كازينو لبنان، حيث أوضح باسيل أن رئيس مجلس إدارة الكازينو رولان خوري، المحسوب على التيار، "لم يطلب شيئاً" منه، مضيفاً: "أنتم ترون وتكتشفون بأنفسكم أن هناك نوعًا من الكيدية في التصرف، وهذه واحدة منها". كذلك، أبلغ باسيل البطريرك بما نقله الموفد السعودي حول مقاربة دولية لمسألة سلاح حزب الله: إذ أن الموافقة على شروط الموفد الأميركي توم باراك بشأن تسليم السلاح قد تفتح الباب أمام ضمانات كبرى للبنان، من بينها ترسيم الحدود مع سوريا وإسرائيل، عقد مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، ضخ مساعدات مالية لإعمار الجنوب، وتحقيق إستقرار في العلاقة مع الغرب.

في حديث باسيل مع البطريرك، كان التشديد واضحاً على ضرورة أن تجري هذه التحولات بهدوء ومن دون صراعات داخلية، وهو ما مهّد للقاء بعبدا.

 

في بعبدا: تلاقٍ مرحلي لا تحالف دائم؟

تفيد معلومات "المدن" بأن سعاة خير تحركوا في الأسابيع الأخيرة على خط ميرنا الشالوحي- بعبدا، مستطلعين موقف باسيل من لقاء الرئيس. وجاء الرد بالإيجاب، ما أفضى إلى الاجتماع الذي عقد يوم الجمعة، بعد طلب رسمي من باسيل حدّد له موعد الثلاثاء وتم تثبيته لاحقًا.

استمر اللقاء 45 دقيقة، وتناول ملفات عدة، لكن أبرزها كان مسألة سلاح حزب الله. عبّر باسيل عن دعم التيار لمواقف رئاسة الجمهورية، مشدداً على أن أي ملاحظات أو مواقف خاصة سيوصلها مباشرة إلى الرئيس. ومن الواضح أن اللقاء شكّل مناسبة لتأكيد التقاطع في مقاربة ملف السلاح، إذ إن التيار الوطني الحر هو من القوى السياسية القليلة التي تساند خيار الرئيس بالتفاوض لا الحلّ بالمواجهة.

فالعلاقة هنا ليست تحالفاً، بل تلاقٍ مرحلي بين حاجة الرئاسة إلى دعم سياسي داخلي يؤمن التغطية لمبادرتها بشأن السلاح، ورغبة التيار في تأكيد انفتاحه واستعداده للتعاون، في لحظة دقيقة على المستوى الداخلي والإقليمي.

من وجهة نظر رئيس الجمهورية، لم يكن هناك رفض مبدئي للتعاون مع الأحزاب المسيحية، بل ترك الخيار لها في تحديد شكل العلاقة. وفي هذا السياق، يأتي لقاؤه مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأسبوع الماضي، ومع جبران باسيل، وقبله مع رئيس حزب الكتائب، فضلاً عن لقاءات حصلت مع النائب طوني فرنجية

الرئيس، وفق أجواء بعبدا، لديه توجهات واضحة، ومن يلاقيه في منتصف الطريق، يفتح له أبواب القصر. وفي ما خص جلسة بعبدا مع باسيل، فقد كانت جلسة مصارحة، وشكّلت مناسبة لإعادة رسم العلاقة بين الرجلين على أسس واضحة.

 

معراب: لا تسليم من دون جدول زمني

في المقابل، تشير مصادر القوات اللبنانية لـ"المدن"، إلى أن العلاقة مع الرئيس ممتازة، وأن جعجع والرئيس ورئيس الحكومة يتشاركون الهدف نفسه: دولة قوية تحتكر السلاح. لكن التباين مع بعبدا، كما مع السراي، يتمحور حول "الأسلوب"، خصوصاً في موضوع سلاح حزب الله.

تقول مصادر معراب إن الرئيس عون محق بإعطاء فرصة للتفاوض، لكنها لا يمكن أن تبقى مفتوحة بلا سقف زمني، خصوصاً وأن حزب الله لا يُظهر أي نيّة حقيقية لتسليم السلاح. وتضيف المصادر: "الفرصة سانحة اليوم ولن تتكرر. إذا أراد الرئيس احتواء الحزب، فليكن ذلك ضمن مهلة، وإلا فإن لبنان سيبقى معزولاً."

في هذا الإطار، تعتبر القوات أن على الدولة أن تعلن صراحة أنها هي وحدها من يحتكر السلاح، وإلا فلن يحظى لبنان بأي دعم خارجي، في ظل قناعة دولية بأن بقاء السلاح يعني استمرار العزلة. وتؤكد المصادر أنه "طالما أن هناك خطة أميركية مطروحة من توم باراك، يفترض تبنيها والمضي بها."

أما في ما يخصّ بقاء القوات في الحكومة، فتؤكد المصادر أن الحديث عن انسحابها سابق لأوانه، لكنها تشير بوضوح إلى أن الاستمرار في السلطة لن يكون هدفًا بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق الأهداف. وتختم بالقول: "وجودنا في الحكومة يزعج البعض، ولا نريد أن نقدّم لهم هدية مجانية بالانسحاب. لكن، إذا بات واضحاً أن لا قرارات تُتخذ، والدولة تتمنع عن الحسم، فلكل حادث حديث."

 

في النهاية قبل أيام من عودة توم باراك إلى لبنان سعياً خلف أجوبة حاسمة من الجانب اللبناني، في ما خص جدولة تسليم السلاح، يبدو أن بين بعبدا وميرنا الشالوحي التقت الحاجات عند منعطف دقيق، عنوانه سلاح حزب الله. رئيسٌ قرّر خوض المعركة عبر التفاوض، وتيارٌ ثبت حضوره السياسي من موقع المشارك لا المعارض. وفي الخلفية، نقاش مسيحي- مسيحي واسع حول سلاح الحزب، بين من يرى أن التفاوض ضرورة، ومن يرى أن وقته قد انتهى. أما الرهان الحقيقي، فليس في الاجتماعات، بل في ما إذا كانت الدولة ستتجرأ وتنجح في النهاية على أن تقول لحزب الله: السلاح للدولة وحدها.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث