مع تزايد التأييد الدولي لحل الدولتين، وتعاظم الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وصل عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين حتى أيار/مايو 2025 إلى 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة.
وقد انضمت إلى هذا المسار دولٌ ذات ثقل دبلوماسي، مثل إسبانيا، النرويج، أيرلندا، سلوفينيا، أرمينيا، جزر الباهاماس، جامايكا، ترينيداد وتوباغو، بربادوس، وكولومبيا، وكلها اتخذت قرارها بعد حرب غزة.
كما أعربت دول أخرى، بينها فرنسا، المملكة المتحدة، ومالطا، عن نيتها اللحاق بهذا التوجه.
لكن، ورغم هذا الزخم، لا تزال بعض الدول الكبرى ترفض الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة مستقلة، وفي مقدمتها: الولايات المتحدة، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، أستراليا، نيوزيلندا، سويسرا، ودول عدة من الاتحاد الأوروبي.
الولايات المتحدة… محور المعادلة
يبقى الموقف الأميركي حجر الأساس في كل ما يتعلّق بمستقبل الصراع. ففي ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى، بدت واشنطن وكأنها تمنح إسرائيل "شيكًا على بياض":
• اعتراف رسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
• شرعنة ضم الجولان المحتل.
• الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.
• فرض عقوبات قاسية على طهران.
• اغتيال قاسم سليماني، أحد أبرز القادة العسكريين الإيرانيين.
لكنّ ولاية ترامب الثانية جاءت مخالفة للتوقعات.
ففي 7 نيسان/أبريل 2025، استقبل ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، وأعلن بشكل مفاجئ بدء محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي، مؤكدًا أن لقاءً "كبيرًا جدًا" سيُعقد بعد أيام.
وتوالت المؤشرات على تباين المواقف بين الجانبين، إذ سرّبت وسائل إعلام إسرائيلية أن ترامب قال لنتنياهو في مكالمة لاحقة: "أريد حلًا دبلوماسيًا مع الإيرانيين… وأؤمن بقدرتي على إبرام صفقة جيدة".
ورغم نفي مكتب نتنياهو لوجود خلاف، أكد ترامب بنفسه حصول المكالمة، وتشديده على التزامه بمسار التفاوض مع طهران، ورفضه لأي عمل عسكري إسرائيلي ضدها.
وفي أوائل أيار/مايو، وقبيل أول جولة لترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الثانية، اتخذت واشنطن سلسلة خطوات فُسّرت على أنها ابتعاد عن المزاج الإسرائيلي:
• وقف الحملة الجوية في اليمن، رغم تهديدات الحوثيين لإسرائيل.
• تفاوض مباشر مع "حماس" لتأمين الإفراج عن الجندي الأميركي - الإسرائيلي إيدان ألكسندر.
• زيارة إلى السعودية استُثنيت منها إسرائيل.
• إعلان إنهاء العقوبات على سوريا.
• عرض صريح على إيران بفتح صفحة جديدة إذا أُنجز الاتفاق النووي.
كل هذه التحركات ترافقت مع فتور متزايد في العلاقة مع نتنياهو، الذي بات يرى في توجهات ترامب خطرًا على أجندته.
أوروبا… الرأي العام يسبق الحكومات
في الدول الأوروبية الكبرى، كشفت استطلاعات الرأي (لا سيما في فرنسا، بريطانيا، وألمانيا) عن تنامي تعاطف لافت مع الفلسطينيين، خصوصًا بين فئة الشباب. شارك مئات الآلاف في مظاهرات ضخمة مؤيدة لغزة، طالبت برفع الحصار ومحاسبة إسرائيل على جرائمها.
وازدادت الدعوات في الأوساط البرلمانية والسياسية إلى:
• تجميد صفقات الأسلحة مع إسرائيل.
• مراجعة اتفاقات التعاون العسكري والتجاري.
• دعم المساءلة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
أصبحت مفاهيم مثل العدالة الدولية وحقوق الإنسان جزءًا أساسيًا من الخطاب الرسمي لبعض الحكومات والأحزاب، لا سيما اليسار والخضر. وفي دول مثل النرويج، إسبانيا، وأيرلندا، استُدعي سفراء إسرائيل، ودُعمت مبادرات الاعتراف بدولة فلسطين.
ورغم أن هذه التحولات ليست جذرية بعد، فإنها تراكمية، تُعمّق الفجوة بين المواقف الرسمية والرأي العام، وتؤسس تدريجيًا لتحوّل في السياسة الخارجية الأوروبية تجاه إسرائيل.
داخل إسرائيل… تشققات في الهيكل
قد يكون الخلاف داخل الكيان المحتل أحد العوامل المؤثرة، إذ تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطًا متزايدة من الداخل، سواء من شخصيات سياسية وعسكرية أو من الشارع الإسرائيلي، تطالب بإنهاء الحرب على غزة والتوصل إلى حلول سياسية. هذه التحركات تعكس تغيرًا في المزاج العام داخل إسرائيل تجاه استمرار العمليات العسكرية في القطاع خاصة واتجاه مستقبل إسرائيل. مع اتهام عدد لا بأس به من أركان الدولة الصهيونية ومعارضي بنيامين نتنياهو كمثل رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك الذي حذر من أن استمرار الحرب سيقود إسرائيل نحو "الهاوية"، مشيرًا إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ومستقبل الدولة في خطر. وأكد أن نتنياهو هو المسؤول عن دفع البلاد إلى هذا الوضع الخطير.
أما رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت فقد ذهب أبعد من ذلك بوصف العمليات العسكرية في غزة بأنها "حرب تدمير" و"قتل عشوائي للمدنيين"، معتبرًا أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب، كما وصف حكومة نتنياهو بأنها "عصابة بلطجية"، محذرًا من تدهور صورة إسرائيل دوليًا وداعيًا إلى وقف الحرب قبل فوات الأوان.
أما نائب القائد السابق للجيش الإسرائيلي، يائير غولان، فقد صرح بأن إسرائيل "تتجه لتُصبح دولة منبوذة، كما حدث مع جنوب أفريقيا، إذا لم نعد إلى رشدنا كدولة". وأضاف أن "الدولة العاقلة لا تخوض حرباً ضد مدنيين، ولا تمارس قتل الرضّع كهواية". أما وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، موشيه يعالون، فقد أدلى بتصريحات مشابهة، منتقدًا طريقة تعامل الحكومة مع الحرب، معبرًا عن إدانته لها وفق قاعدة أخلاقية ترتكز ان قتل المدنيين العزّل والأطفال "يُفقد إسرائيل روحها والمبادئ الأخلاقية التي قامت عليها" وفق قوله.
الانقسام الداخلي في إسرائيل عامل مؤثر على استقرار تلك الدولة وعلى حاضرها والأهم على مستقبلها. فالانقسام في جنوب أفريقيا ساهم مساهمة فاعلة في سقوط دولة الفصل العنصري. وجنوح المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين ثم إلى اليمين الأكثر تطرفًا، يضع المجتمع هناك أمام انقسامات حادة قد تؤدي إلى صدامات لن تكون بأي شكل من الأشكال لمصلحة الاحتلال، والفصل العنصري، ومشاريع الإبادة، والتهجير.
لا تطبيع مع مشروع تهجيري
قد يكون وقف إطلاق النار، أو حتى اتفاقات السلام، جزءًا من لغة السياسة. لكن التطبيع مع إسرائيل، كما أثبتت التجربة هو خيار مختلف تمامًا. لقد أدرك الجميع اليوم أنّه لا يمكن تطبيع العلاقات مع كيان يسعى إلى تهجير أهل غزة نحو مصر، وأهل الضفة نحو الأردن.
فـ"اتفاقات أبراهام" لم تُقدّم شيئًا ملموسًا للقضية الفلسطينية، بل كشفت مدى عدوانية إسرائيل على المستوى العالمي.
إنها دولة تمارس "البلطجة" باسم معاداة السامية، وتغتال أفرادًا من أبناء الطائفة اليهودية لتشتيت الأنظار عن مجازرها، وتُسخّر الإعلام، والمال، والاقتصاد، في خدمة خطاب التضليل. لا يمكن لكيان لا جذور له في الجغرافيا، ولا صلة له بالمحيط، أن ينجح في فرض تاريخ مزوّر على حساب أصحاب الأرض.
وفي النهاية، تبقى المعادلة الأوضح: وما الصبر إلا صبر ساعة.
عقدت اللجنة الفرعية المختصّة بدراسة قانون إصلاح أوضاع المصارف جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان، وحضور وزير المالية ياسين حابر، والاقتصاد عامر البساط، والعدل عادل نصار، وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، إلى جانب مجموعة من النوّاب. كما حضر الجلسة مدير الشؤون القانونية في مصرف لبنان بيار كنعان، ومستشار وزير المال سمير حمود.
في ختام الجلسة أكّد كنعان أن النقاشات في اللجنة تقدّمت، ووصلت "إلى المادتين 5 و6 المتعلقتين بالهيئة المصرفية العليا. وحصل نقاش معمّق بشأنهما في ضوء الطروحات المقدّمة من قبل الحكومة ومصرف لبنان، والتي تبحث بجدّية". ورأى كنعان أنّ "التركيز على هذه المادة ليس عبثياً، وليست قضية تأخير أو مماطلة، بل هناك أمور استراتيجية نريد حلّها".
وأوضح أنّ ما يقترحه مصرف لبنان هو إنشاء "هيئة مستقلة، أي خاصة بإصلاح المصارف وتصفيتها أو دمجها، وترك الهيئة القديمة الأخرى (أي الهيئة المصرفيّة العليا) لتصدير إجراءات تأديبية، ولكن عملها غير مرتبط بالإصلاح والتصفية". أما الحل الآخر الذي طرحته الحكومة، "فيشمل هيئة تقوم بكل شيء، من الصلاحيات العقابية الى الأزمة والنظام".
وأشار كنعان إلى أنّ هذه المسائل يجب أن تُحسم في جلسة مقبلة، "في ضوء الدراسات التي اعدت ووزعت على الجميع، ليكون التعاطي مع المواد الأخرى بشكلٍ أسرع ولنرفع تقريرنا الى لجنة المال والموازنة ومنها الى الهيئة العامة". وفي الختام، دعا كنعان الحكومة "الذهاب الى قراءة الواقع من ملاحظات صندوق النقد، وملاحظات مصرف لبنان"، موصياً إياها بإحالة قانون الفجوة الماليّة إلى المجلس النيابي.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها