newsأسرار المدن

السِّلاحاتُ القاتِلة وثُنائيَّةُ التريُّث!

زياد الصائغالاثنين 2025/06/02
GettyImages-2196651057.jpg
إنتِفاءُ الخيار الرَاديكالي باسمِ التريُث يَضعُنا على فُوهَةِ بُركان (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

باتَ الكُلُّ يستطيعُ التَّنظير في كُلِّ شاردة وواردة. كلام غبّ الطَلَب. لبنان يفتقِدُ إلى الذَّاكرة الجماعيَّة. السِّياسات العامَّة عندنا مُتفَّهَة. تفوُّق السِّياسويَّة نافِرَ. حلَّت هذه الأَخيرة مكان السِّياسة حتَّى. نسِيَ هؤلاء وأولئك من المؤتَمنين/ات على فِعلِ الدَّولة السِّياديّ والإصلاحيّ، أنَّ مرجعيَّة الدُّستور مرفودًا بقرارات مجلس الأمن الدَّولي ذات الصِّلة، لا يحتمِلُ تأويلات واجتِهادات.

التأويلات والاجتِهادات جَعَلت من التَّاريخ حتَّى وجهة نظر خاضعة للتَّلاعُب الجينيّ. ما حفِلَت بها مُقَارباتٌ مُتقاطِعة ومُتَنَاقِضة حول سيادة الدَّولة والسِّلاح الفلسطينيّ يرقَى إلى مُربَّع الدَّهْشَة والذُّهول. أَمسَت المسألة السِّياديَّة في هذا السِّياق تتلوَّنُ بالمزاجيّ والاستنسابيّ إلى حدِّ التريُّث. بموازاة كُلِّ ما سبق يأتيك استِحضارُ المعطيات الإقليميَّة والدَّوليَّة لتصعيب المهمَّة الوطنيَّة النَّبيلَة، أو تأخيرِها من خِلال ربطِها باستِحقاقاتٍ هُنا وثمَّة. البراغماتيَّة في مساحة الفضاءِ العامّ عندنا قُدْرة على التَّسويف. لَيْسَت هذه حقيقَتُها. تحوَّلَت تذاكٍ على الحقائق والوقائِع.

أسْقَط مجلس النوَّاب اللُّبناني اتّفاقيَّة القاهرة عامّ 1987. معركة مخيَّم نهر البارد عامّ 2007، هل يذكرها أحد في مفاعيلها السِّياديَّة؟ في تلاقي الشرعيّتين اللُّبنانيَّة والفلسطينيَّة على معانيها التشاركيّة في مواجهة الإرهاب والابتزاز؟

نصَّ اتّفاق الطَّائف على نزع سلاح كُلِّ الميليشيات اللُّبنانيَّة وغير اللُّبنانيَّة. الدَّولة وَحْدَها معنيَّة بصَون سيادتِها ومقاومةِ أيِّ اعتِداءٍ على أرضِها وشعبِها. أتت قرارات مجلس الأمن الدَّولي ذات الصِّلة بلُبنان لتقوّي ما ورد في وثيقّة الوفاق الوطني كما الدُّستور. في الأساس احتكار استعمال القوَّة بالسِّلاح وظيفة دولتيَّة. كذا الأَمر في قرار السِّلم والحرب.

من غيرِ الواضِحِ لمَ تمَّ تجاوز هذه المرجعيَّات في هذه المرحلة. فيها بالذَّات. إذ تزخَرُ بديناميَّة دعمٍ عربيَّة ودوليَّة مسانِدة لبناءِ دَوْلَة القانون والسِّيادة. دَوْلَة المواطنة. دَوْلَة كرامَة الإنسان. دَوْلَة الحوكمة الرشيدة. دَوْلَة المساءَلة والمحاسبة. دَوْلَة الكفاءَة النزيهة. دَوْلَة الأمن القومي-الوطني. دَوْلَة بمعايير الدَّولة.

من غيرِ الواضحِ أيضًا مداخِلُ الإصلاح البنيويّ التي ستُعتمد في كُلِّ القِطاعات. حتَّى أنَّ الشَّراهَةَ في مسارِ استكمال هيكليَّة الدَّولة المترهِّلة تشي بملء فراغات. المطلوب تصويب سياسات وإعادَة هيكَلَة. بين هذه وتِلك بونٌ كارثيّ. كارثيَّةُ البون قائِمَةٌ في انتِفاءِ خيارٍ راديكاليّ يَسْمَحُ بالتأسيس للدَّولة بمعاييرها كما أَسْلَفنَا. إنتِفاءُ الخيار الرَّاديكاليّ باسمِ التريُّث يَضعُنا على فُوهَةِ بُركان. حماوَتُها تحكي انفِلاتاتٍ سطحيَّة مُدمِّرة. قِصْرُ النَّظر بتحقيق مكاسب آنيَّة من موبِقَات النُّفُوذ. التَّوْقُ إلى هذا الأخير في وطنٍ مُشَلَّع يستدعي الغَثَيان.

في أيِّ حال، حين يُمْسي الكُلُّ في موقِع التَّنظير في الحقائق والوقائع والآفاق الوطنيَّة السِّياديَّة، بعيدًا عن الأُسُس العلميَّة الموضوعيَّة، نَعِي عميقًا كيف أُبعِدَت النُّخبَة عن لبنان، وعُزِلَت فيه. بِئسَ أزمِنَةٍ تراكَمَت كُنَّا نأمَلُ تجاوزها في سَانِحَةٍ جيو-سياسيَّة نادِرة.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث