newsأسرار المدن

"صدمة" انتخاب رئيس بلدية طرابلس: من الخائن؟

جنى الدهيبيالسبت 2025/05/31
Unknown-4.jpeg
وأثارت صدمة في طرابلس حالة الغضب التي أعقبت انتخاب كريمة (يحي حبشيتي)
حجم الخط
مشاركة عبر
كاد مجلس بلدية طرابلس أن يُحل، مع انفجار الخلافات التي أعقبت انتخاب عبد الحميد كريمة رئيسًا للبلدية، بعد أن هدد الأعضاء الفائزون في لائحة "نسيج طرابلس" بالاستقالة.

سادت حالة من الفوضى وهرج ومرج وتبادل اتهامات، وذلك عقب انتخاب كريمة، الذي ترأس اللائحة المدعومة من التحالف السياسي الذي ضم النواب فيصل كرامي، أشرف ريفي، وكريم كبارة، إلى جانب جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش).

على مدار يومين، سيطر السؤال: "من الخائن؟" على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الطرابلسية. ذلك أن لائحة "نسيج طرابلس"، التي تقدّم نفسها كممثلة للمجتمع المدني في مواجهة التحالف السياسي، تملك نصف أعضاء المجلس البلدي (12 من أصل 24)، وذلك بعد انضمام الفائز الوحيد من لائحة "حراس المدينة"، إبراهيم العبيد، إلى صفوفها.
وكانت لائحة "نسيج"، المدعومة من النائب إيهاب مطر، ترجّح فوز رئيسها وائل زمرلي، خصوصًا في حال تعادله مع عبد الحميد كريمة، لكونه الأكبر سنًا، ما يمنحه الأفضلية بحسب القوانين المعتمدة.
إلا أن السيناريو الذي رسمته اللائحة لم يتحقق، إذ نال كريمة 13 صوتًا، مقابل 11 صوتًا لزمرلي، ما يعني أن أحد أعضاء "نسيج طرابلس" قد خالف الاتفاق وصوّت لصالح كريمة.

صدمة في طرابلس
بحسب معلومات "المدن"، تشير أصابع الاتهام داخل "نسيج" إلى شخصيتين: باسم عساف أو جلال الست. كما رُصدت لقاءات جانبية بين جلال الست وعضو لائحة "رؤية طرابلس"، خالد كبارة، الذي انتُخب نائبًا لرئيس البلدية، وذلك قبيل جلسة الانتخاب، وفق معلومات خاصة.

وأثارت صدمة في طرابلس حالة الغضب التي أعقبت انتخاب كريمة، وكان من مظاهرها دعوة لائحة "نسيج" إلى مؤتمر صحفي عُقد مساء الجمعة في الرابطة الثقافية. غير أن المؤتمر تحوّل إلى فوضى ومسرح لهتافات شعبوية من قبل بعض أنصار اللائحة ومفاتيحها الانتخابية في المناطق الطرابلسية، وانتهى من دون إصدار بيان. وقال زمرلي: "أرجأنا إصدار بياننا لمزيد من المشاورات". وهتف بعض الحاضرين باسمه واسم الأعضاء، مطالبين بالاستقالة، فيما رد زمرلي مرارًا: "نحن صوتكم".

لاحقًا، عقدت لائحة "نسيج طرابلس" اجتماعًا مغلقًا، امتنع خلاله عدد من الأعضاء عن التصويت على قرار الاستقالة، ما اضطرهم إلى التراجع عنه بسبب غياب النصاب القانوني اللازم، الذي يؤدي إلى حلّ مجلس بلدية طرابلس.

إعلان ولاء سياسي مبكر
وجّه العديد من الطرابلسيين وناشطي المجتمع المدني اللوم إلى أداء "نسيج طرابلس"، معتبرين أن تعاملها مع نتائج الانتخابات اتخذ طابعاً انتقامياً شخصياً، لا ديمقراطياً. وبدا لهم أن سلوكها اتسم بالتعطيل، ولم يعكس روح المجتمع المدني، بل أعاق العمل نحو إنجاح المجلس البلدي، الذي تأخر إعلان نتائجه لأكثر من ثلاثة أيام.

في المقابل، رأت لائحة "نسيج طرابلس" أن زيارة عبد الحميد كريمة إلى منزل النائب فيصل كرامي فور فوزه شكّلت استفزازاً، وكأنها إعلان ولاء سياسي مبكر. وهكذا، بدا المشهد في بلدية طرابلس قاتمًا منذ البداية، إذ تعثّر المجلس في أول اختبار ديمقراطي له، ما ينذر بإعادة إنتاج تجربة المجلس السابق، الذي غرق طوال تسع سنوات في خلافات شخصية أدّت إلى حله، من دون أن يحقق أي إنجاز لإحدى أكثر مدن لبنان حرمانًا، وفشلًا في مجال العمل البلدي.

كرامي الفائز الأكبر
في هذه الأثناء، انتخب أعضاء بلدية الميناء عبد الله كبارة رئيسًا، ورامي دبس نائبًا له، فيما تولّى حسن غمراوي رئاسة بلدية البداوي، وخالد حنوف منصب نائب الرئيس.

وعلى المستوى السياسي، يُعتبر النائب فيصل كرامي، بخلاف جميع حلفائه في الانتخابات البلدية شمالًا، المستفيد الأكبر من نتائجها. فقد تمكن من استعادة شعبيته وشعبية عائلته، كما أظهرت صناديق الاقتراع في المنطقة.
حقق كرامي هذه المرة فوزًا لا بصفته حليفًا تقليديًا للنظام السوري أو حزب الله، بل باعتباره زعيمًا يُقدّم نفسه كمدعوم من السعودية، مستفيدًا من غياب تيار المستقبل وتغير المشهد السياسي، ويسوّق لنفسه كحليف جديد للمملكة في شمال لبنان.

أما المجتمع المدني، فقد اعتُبر الخاسر الأكبر في نظر شريحة واسعة من أبناء طرابلس والشمال، إذ خسر معركة ديمقراطية أساسية، كانت فرصة لتأكيد أن مصلحة المدينة والناس يجب أن تكون فوق أي اعتبارات سلطوية.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها