newsأسرار المدن

معركة اتحاد بلديات زغرتا سياسية بعناوين إنمائية

رنا البايعالخميس 2025/05/29
2.jpg
انتخابات اتحاد بلديات زغرتا هي لعبة الأقوياء على الأرض (مصطفى جمال الدين)
حجم الخط
مشاركة عبر
فيما تتواصل انتخابات المجالس البلدية في قائمقامية زغرتا، تتّجه الأنظار إلى انتخابات الاتحاد الذي يفترض أن يلعب دوره كسلطة محلية وأن يكون رافعة للتنمية من خلال تعزيز تكامل الجهود بين البلديات وتنظيم العمل.

هذا الدور الإنمائي لاتحاد بلديات زغرتا الزاوية، تقوّضه اليوم موازين القوى السياسية في زغرتا في ظل اصطفافات حادة وانقسامات عمودية في المدينة، فالرابح فيه يؤكد على زعامته المطلقة قبل الانتخابات النيابية المقبلة. وقد تحوّل الاتحاد من بعده التنموي والوظيفي إلى بعد سياسي هو امتداد لصراعات الزعماء.

الاتحاد هو لعبة الأقوياء
انتخابات اتحاد بلديات زغرتا هي لعبة الأقوياء على الأرض، والأرض قالت كلمتها في مدينة زغرتا بتوكيل واسع للنائب طوني فرنجية، وفي القضاء المعارك صبّت بمعظمها لصالحه. اذ لا تبدو المعركة اليوم على الإنماء والمشاريع كما يروّج سياسيو المنطقة، وإنما على الخط السياسي الذي ستنتهجه زغرتا وقضاؤها أقلّه في السنوات الست المقبلة.

"خضنا المعركة في السياسة" قالها بوضوح النائب طوني فرنجيه، الذي مني بهزائم كبيرة مع انهيار المحور الحليف وحرمان والده من رئاسة جمهورية طال انتظارها، وهو يسعى إلى تعزيز مكانته السياسية بعد تراجع أرقامه في الانتخابات النيابية الأخيرة والتي حرمته مقعداً نيابياً ثانياً في زغرتا. لذا يعتقد المقرّبون منه أنّ فرنجية يستشرس في الظفر بالاتحاد لأنّه السبيل الأفضل حالياً لإحكام سيطرته السياسية على المنطقة تحت عناوين إنمائية، ما يجعله رقمًا أساسيًا يصعب تجاوزه في المعادلة الشمالية.

العين على الاتحاد
بعد الانتهاء من انتخابات رؤساء المجالس البلدية في القضاء، وبعد سجالات على الهواء وفي الكواليس، وفي المجالس الخاصة والعامة، بين النائب طوني فرنيجة والنائب ميشال معوض، وصلت الأمور بينهما إلى حدّ القطيعة بسبب السقف العالي للرّدود، تنتظر القواعد الشعبية في القضاء ما ستؤول إليه انتخابات الاتحاد ومن سيكون الرابح.

انتخاب مجلس الاتحاد ورئيسه يفترض أن يقام بعد يوم أو يومين من الإنتهاء من إنتخابات المجالس البلدية في القضاء كاملة بحسب العرف اذ لا مهلة قانونية له.

مصادر حركة الاستقلال تنفي أن معركة الاتحاد محسومة وهي تعتبر أن فرنجية يبالغ في أرقامه وهناك 3 بلديات هي كفرحاتا والفوار وأيطو لن تصوّت لأن الاتفاق هكذا كان في حال ربحت بالتزكية، الّا اذا ضُغط على رؤساها من مقربين من فرنجية للتصويت في انتخابات الاتحاد. وتؤكد هذه المصادر أن بعض البلديات التي يقول فرنجية انّه ربحها هي فعلياً لمستقلّين وليست للمردة،  مشيرة إلى أن انتخابات الاتحاد باتت قريبة وبعدها لكلّ حادث حديث وقد يكون لنا طرح سيعتبره البعض مفاجئاً.

فيما ماكينة المردة تؤكد بالأرقام أن فرنجية فاز ب 16 بلدية مقابل 4 بلديات لمعوض و5 بلديات جرى التوافق بشأنها، وهي تحسم معركة الاتحاد قبل حصولها. يبقى أن هناك مسعى لانتخاب رئيس اتحاد توافقي هو الشيخ خليل الشمر رئيس بلدية كفرحاتا، لكن مصادر المردة تنفي الموضوع معتبرة أن فرنجية أعطى كلمته لبسام هيكل وبالتالي لن يتراجع عنها مشيرة إلى أن "النائب معوض يريد معارك في بلدات قضاء زغرتا وتوافق على رئيس الاتحاد، وهذا الامر مرفوض".

تجدر الإشارة إلى أن بلدية مجدليا التي ربحتها المردة، قدّم 4 أعضاء فيها مقرّبون من حركة الاستقلال استقالتهم من المجلس، لكن هذا لن يؤثر على سير عملية انتخاب رئاسة الاتحاد، بحسب مصدر قانوني، كون المستقيلون لا يشكلّون الغالبية ما يعني أن بلدية مجدليا  لم تحلّ ويستطيع رئيسها التصويت.

تأسيس الاتحاد
أنشئ اتحاد بلديات قضاء زغرتا بموجب مرسوم رقم 4165 عام 1987، بسعي من الرئيس سليمان فرنجية، لأهداف إنمائية، لا سيما أن البلد كان خارجاً من حرب والمنطقة بحاجة أقلّه إلى  البنى التحتية، وكان يضمّ: زغرتا، اهدن، مجدليا، رشعين، كفردلاقوس، كفرحاتا، وفي العام 2004 تمّ ضمّ بلديات: ارده، عشاش، ايعال، سرعل، بنشعي، عرجس، كفرزبنا، كفرياشيت، سبعل، كفرفو، كفرصغاب، قره باش، مزرعة التفاح، داريا- بشنين، كرم سده، راسكيفا، عربة قزحيا، بسلوقيت، حارة الفوارة. ليصبح عدد البلديات المنضوية تحت سقفه 25 بلدية.

لم يتجاوب عدد من البلدات مع طلب الاتحاد الانضمام إليه لأسبابها الخاصة، على سبيل الذكر بلدية مزيارة التي لديها اكتفاء ذاتيّ يؤمنه مغتربوها كهبات للبلدية التي تستطيع إنجاز مشاريعها من دون العودة أو الحاجة إلى الاتحاد.

يتألّف هذا الاتحاد من هيئتين: مجلس الاتحاد الذي يضمّ رؤساء البلديات الأعضاء وهو يعتبر السلطة التقريرية، ورئيس الاتحاد المنتخب من قبل المجلس وهو السلطة التنفيذية لذا يتمتع بصلاحيات واسعة من ضمنها إعداد الموازنات، صرف النفقات وتوقيع العقود.

أما مالية الاتحاد فمؤمّنة من عدّة مصادر، أبرزها اقتطاع 10 % من واردات البلديات الأعضاء، إضافة إلى المساعدات، القروض، الهبات، ومخصّصات الصندوق البلدي المستقل وغيرها.

لا سيولة للعمل الإنمائي
عندما أسس اتحاد بلديات زغرتا وجمع بين عدد من البلديات في القضاء كان هدفه إنمائياً يتمثل في إدارة المرافق العامة المشتركة وتطوير القطاعات الحيوية مثل النفايات، البنية التحتية، النقل، الخدمات البيئية والسياحية، رخص البناء، وغيرها. لكنّ هذا الاتحاد الذي تخطى 25 عاماً من العمل بقي رهينة للتجاذبات السياسية والكيديات، بحسب مصادر حركة الاستقلال التي تؤكد "هدر ما يفوق 85 مليون دولار ناهيك عن التوظيفات العشوائية والتنفيعات والمحسوبيات والفساد وعدم وجود خطة شاملة لنهضة القضاء". لكن مصادر الاتحاد تنفي هذا الأمر معتبرة أن الرقم مبالغ فيه جدّاً وهذا الكلام يوظّف قبل كلّ انتخابات لكن لا أدلة على صحّته.

على الأرض تراجع عمل الاتحاد بدرجة كبيرة بعد أزمة 2019 التي تركت صناديق البلديات فارغة والأموال التي يحصل عليها الاتحاد من الصندوق البلدي المستقل تصرف على 1500 ل.ل، ما يعتبر تدنياً هائلاً في العائدات. ما أثّر بطبيعة الحال على سير الأعمال وتوقّفت مشاريع كثيرة لعلّ أبرزها مشروع فرز النفايات. وكان الاتحاد قد وقّع في 2018 بروتوكولاً مع الاتحاد الاوروبي ومذكرة تفاهم مع كل من رؤساء اتحادات زغرتا وبشري والكورة والضنية لإقامة معمل فرز ومعالجة النفايات، وتمّ استئجار أرض للغاية لكن العمل توقّف وانسحب الاتحاد الاوروبي من المشروع.

يستاءل ساكنو القضاء من الساحل إلى الجرد لماذا لم يضع الاتحاد خطة إنمائية شاملة تعنى بقطاعي الزراعة والصناعة والسياحة، وتوحّد الجهود لنهضة القضاء ككل، مثل سوق للخضار حديث قريب على المزارعين، أو إنشاء تعاونيات زراعية تساعد المزارعين على فتح أسواق لمنتجاتهم، أو دعم الصناعات الغذائية والحرفية وصناعة المفروشات، وغيرها.

"إتحاد بلديات زغرتا موعود بأموال من الدولة وعندما يكون هناك سيولة يصبح هناك إمكانات للعمل"، يقول أمين سر الاتحاد أنطوان فنيانوس، لكن في ظل الشحّ المالي الحالي، يحاول الاتحاد استقطاب مشاريع من جهات مانحة ومنظمات غير حكومية. وهو في صدد تنفيذ 3 مشاريع إنمائية :

مشروع سوق الخضار والمشتل ومركز التدريب بالتعاون مع UNDP، مذكرة تفاهم مع جمعية الارض المقدسة الايطالية لتحسين وتطوير حديقة الرئيس فرنجية العامة، ومشروع قاديشا المستدام بالتعاون مع اتحاد بلديات قضاء بشري وجمعية شامبيري الفرنسية ويهدف إلى التنية السياحية والزراعية والبيئية في المنطقة.

ويضيف: "تستفيد البلديات التي تدخل اتحاد بلديات زغرتا من تجهيزات ومولّدات كهرباء، مشاريع بنى تحتية وطرقات، وجدران دعم، وإصلاح مداخل البلدات، ومشاريع لشبكات الري والشفة والمجاري، إضافة إلى صيانة وتركيب الإنارة العامة". في المقابل، هذه البلديات ملزمة قانوناً بقرارات محلس الاتحاد. وفي حال أرادت بلدية ما أن تنسحب من الاتحاد لسبب وجيه، تقدّم طلباً لوزارة الداخلية والبلديات ويردّ الملفّ لاتحاد البلديات لإبداء الرأي وإذا اعترض قد يؤخذ برأيه.

من واجبات الاتحاد أن يعنى بالنفايات بالتعاون مع البلديات، يشير فنيانوس، لكن اليوم إزاء هذا الواقع الاقتصادي الصعب أصبحت كل بلدية تهتم بنفاياتها الخاصة وعلى نفقتها، في ظل مكبّات غير شرعية كثيرة، كان آخرها مكب بشنين والذي أنشأ للضرورة وهو مؤقت بانتظار أن توفي الدولة بوعودها وتضع استراتيجية للتخفيف من أزمة النفايات.

المواطنون ينتظرون هيئة اتحاد بلديات زغرتا الجديدة، ويتأملون أن تكون جدّية في التعاطي مع بعض الملفات العالقة وحازمة فيما يخصّ البيئة، وأن يصار إلى العمل على مشاريع تنهض بالمنطقة سياحياً وزراعيا.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث