شهدت بلدة سجد في الجنوب اللبناني حدثًا سياسيًا لافتًا خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، حيث ترشّح حزب الله بلائحة منفصلة عن لائحة التنمية والوفاء المدعومة من حزب الله وحركة أمل، مما كسر قاعدة التزكية التي سادت في العديد من البلدات الجنوبية وقاعدة التحالف بين التنظيمين. واللافت في المشهد كان انتصار حزب الله على الثنائي في معركة البلدية.
الحزب ضد الحزب في سجد
هذه التطورات في سجد قد تكون مؤشرًا على تحولات أعمق في المشهد السياسي لحزب الله، فما كانت تعاني منه حركة أمل سابقاً في بعض القرى لناحية تمسك بعض الحركيين بترشحهم رغماً عن إرادة قيادة الحركة، عانى منه حزب الله هذه المرة، وبلدة سجد نموذج واضح.
في سجد كان حزب الله يسيطر على المجلس البلدي طيلة الأعوام الماضية عبر أشخاص يمثلونه في البلدة، وهم من كوادره القدامى، وكانوا يتمسكون بهذه السلطة ويرفضون التنازل عنها، وهو ما أثبتته التجربة الحالية في الإنتخابات البلدية، حيث تمكن هؤلاء من فرض المعركة على تحالف حزب الله وحركة أمل، والعودة إلى السلطة من باب "الإدعاء" بأنهم يمثلون الحزب رسمياً، تقول مصادر مطلعة داخل البلدة.
بحسب المصادر كانت البلدية في سجد تسير باتجاه التزكية من خلال اللائحة التي تضم الحزب والحركة بواقع 6 أعضاء للفريق الأول 3 للفريق الثاني، وكان توجه الحزب عبر مسؤول القطاع وسام سعادة نحو ترشيح شخصيات جديدة وهو ما لم يُعجب الفريق القديم الذي لم يكن بيده خوض المعركة قبل دخول المغترب سمير مرتضى حسن على الساحة في سجد.
عندما أعلن حسن رغبته بأن يكون له دور في المجلس البلدي الجديد حصلت لقاءات معه للإستفسار عما يُريده، فكان طرحه بأن يحصل شقيقه علي على منصب نائب الرئيس في البلدية، وهو ما رفضه حزب الله بشكل رسمي وأبلغه لقيادة الحزب داخل سجد، فقرر عندها الرجل خوض المعركة. بنى تحالفاً مع الفريق القديم في الحزب، وسموا اللائحة "عائلات الثنائي"، وتبنوا اللونين الأصفر والأخضر، وسوقوا خلال حملتهم الإنتخابية "أنهم الممثلين الرسميين لحزب الله في سجد".
قبل أيام قليلة من موعد الإنتخابات تعرضت لائحة الثنائي إلى ضربات قاسية، أبرزها إنسحاب أحد المرشحين لموقع المختار من اللائحة وإعلان دعمه للائحة المنافسة، كما انسحاب أحد الأعضاء المؤثرين من اللائحة أيضاً، وبالنتيجة كان الفوز للائحة المنافسة للتنمية والوفاء، بفارق حوالي 45 صوتاً بين أول الفائزين وآخر الخاسرين، بعد أن فشلت قيادة حزب الله بتجنيب سجد هذه المعركة التي خلقت شرخاً داخل البلدة الصغيرة.
كفرحتى والمشهد المشابه
في كفرحتى كان المشهد مشابهاً ولكن في ضفة حركة أمل، حيث تمكنت لائحة العائلات التي تضم وجوهاً بارزة من الحركة في البلدة من تحقيق الفوز بغالبية أعضاء البلدية بوجه لائحة التنمية والوفاء، فيما لم يتمكن "المنشقون" من إحداث أي خرق في بلدة كفررمان التي شهدت أيضاً صراعاً داخل الفريق الواحد.
كذلك هناك بعض البلدات التي شهدت صراعاً بين الحزب والحركة، وتشطيب على نطاق واسع، وهو ما تؤكد مصادر قيادية في الثنائي أنه ناجم عن قرارات فردية داخل هذه القرى، وسيتم معالجتها بسرعة لكي لا تؤثر على الإستحقاق الإنتخابي الأهم العام المقبل.
وتضيف المصادر عبر "المدن": "رغم بعض التجاوزات التنظيمية يمكن القول أن الثنائي أنهى الإستحقاق البلدي بأفضل طريقة والرسالة الأبرز كانت من خلال عدد البلديات التي فازت بالتزكية، وانتصار التحالف في بلدات شهدت معارك انتخابية". وأشارت إلى أن ضعف الإلتزام التنظيمي في بعض القرى، والتي لا تتجاوز نسبتها الخمسة بالمئة من مجموع القرى والبلدات التي يتواجد فيها الثنائي، مردّه لطبيعة المعركة العائلية والحساسيات التي يمكن أن تُولد في استحقاقات مشابهة".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها