وأكّد عون خلال اللقاء أنّ "ما يطلبه لبنان هو انسحابٌ إسرائيليٌّ كاملٌ ليتسنّى للجيش اللبنانيّ الانتشار على كامل الحدود الجنوبيّة وحمايتها"، مشدّدًا على أنّ هذا المطلب لا يقتصر على الدولة اللبنانيّة فحسب، بل هو مطلب الشعب اللبنانيّ عمومًا وأبناء الجنوب خصوصًا، الذين يثقون في قدرة الجيش على حمايتهم وتأمين سلامتهم.
وشدّد عون على التزام لبنان الكامل بتطبيق القرار الدوليّ رقم 1701، مشيرًا إلى أنّ الجيش اللبنانيّ يقوم بدوره كاملًا في منطقة جنوب الليطاني، في حين تستمرّ إسرائيل في أعمالها العدائيّة، وتحتلّ "التلال الخمس"، وتماطل في إعادة الأسرى اللبنانيين، رغم المراجعات المتكرّرة من لبنان، ولا سيّما مع الولايات المتحدة وفرنسا، الدولتيْن الراعيتيْن للاتفاق الذي مدّد حتى 18 شباط 2025.
وأوضح الرئيس عون، ردًّا على أسئلة أعضاء الوفد، أنّ الجيش اللبنانيّ يتعاون تعاونًا كاملًا مع قوّات "اليونيفيل" من خلال دورياتٍ مشتركة، وأنّ "اليونيفيل" تقدّم كذلك خدماتٍ اجتماعيّةً وإنسانيّةً أساسيّةً لسكّان الجنوب. وأضاف أنّ لبنان طلب تمديد مهمّة هذه القوّات سنةً إضافيّةً تقديرًا لدورها الحيويّ.
وأكّد عون أنّ الجيش سيواصل انتشاره في الجنوب، لافتًا إلى أنّ الهدف هو الوصول إلى نحو عشرة آلاف عسكريّ، نظرًا إلى اتّساع المساحة والتحديات الجغرافيّة والطبيعيّة في المنطقة.
وفي الشأن الداخليّ، شدّد الرئيس عون على أنّ معركته الأساسيّة تتمثّل في "محاربة الفساد"، معربًا عن ثقته الكبيرة في وعي اللبنانيين وفي القضاء الذي يجب أن تكون له الكلمة الفصل في محاسبة المخالفين والمرتكبين.
وعن الحوار مع الفلسطينيين في لبنان، أبلغ الرئيس عون الوفد أنّ المحادثات الأخيرة مع رئيس دولة فلسطين محمود عباس كانت إيجابيّة، وتمّ خلالها الاتفاق على تطبيق مبدأ "حصريّة السلاح" داخل المخيّمات الفلسطينيّة أيضًا. وأشار إلى أنّ لجانًا مشتركةً شكّلت لتنفيذ الاتفاق، وأنّ تسليم السلاح سيبدأ منتصف الشهر المقبل في ثلاثة مخيّماتٍ فلسطينيّةٍ في بيروت، مؤكّدًا أنّ القرار "نهائيّ ولا رجعة عنه"، وأنّه جرى بالفعل تفكيك ثلاثة معسكراتٍ فلسطينيّةٍ في الشمال والجبل والجنوب.
وحول العلاقات اللبنانيّة-السوريّة، أوضح الرئيس عون أنّ التواصل بين الحكومتين مستمرٌّ لمعالجة الملفات العالقة، ولا سيّما الأمنيّة على الحدود، معتبرًا أنّ القرار الأميركيّ برفع العقوبات عن سوريا خطوةٌ جيّدةٌ ستسهم في تحسّن الاقتصاد السوريّ وتحفّز النازحين السوريين في لبنان على العودة إلى بلادهم والمشاركة في إعادة إعمارها. وأكّد ضرورة عودة النازحين السوريين بعد زوال أسباب النزوح، مطالبًا الأمم المتّحدة بتقديم المساعدات لهم في سوريا لتشجيع عودتهم.
من جهته، أعرب السيناتور أنغوس كينغ عن سعادته بلقاء الرئيس عون، مثنيًا على الجهود التي يبذلها للنهوض بلبنان، منوّهًا بإنجازات الجيش اللبنانيّ، خصوصًا في الجنوب. وأكّد أنّ الدعم الأميركيّ للجيش اللبنانيّ سيستمرّ، ولا سيّما فيما يتعلّق بالتجهيزات والآليّات الحديثة.
وضمّ الوفد الأميركيّ، إلى جانب السيناتور كينغ، كلًّا من السيناتور جيمس لانكفورد، وستيف سميث، وجيف بينيت، وغريس هيغينز، وكورتني فيلوز، وجوليا غروبلاتشر.
عون يشدد على أهمية دور "اليونيفيل"
كما واستقبل عون في قصر بعبدا وزيرة خارجيّة فنلندا إلينا فالتونن، حيث أكّد أمامها تمسّك لبنان ببقاء قوّات "اليونيفيل" في الجنوب، مشيرًا إلى الدور الأساسيّ الذي تلعبه هذه القوّات بالتعاون مع الجيش اللبنانيّ في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة وتنفيذ القرار 1701. بدورها، أعربت الوزيرة الفنلندية فالتونن عن استعداد بلادها لتعزيز العلاقات الثنائية مع لبنان، موجّهة دعوة رسمية للرئيس عون ووزير الخارجية يوسف رجي، الذي حضر اللقاء، لزيارة فنلندا.
رعد وما تبقى من ود
وفي سياق متّصل، استقبل الرئيس عون في قصر بعبدا بعد الظهر وفدًا من كتلة "الوفاء للمقاومة" برئاسة النائب محمد رعد. وأوضح رعد عقب اللقاء أنه جرى تبادل وجهات النظر حول التحديات والأولويات الوطنية، وفي مقدمتها "حفظ السيادة وإنهاء الاحتلال ووقف العدوان".
وأكّد رعد أن مساحة التفاهم مع رئيس الجمهورية "واسعة ويُعوّل عليها كثيرًا"، مضيفًا: "لا نجد أننا ملزمون بتوقيت أو مكان أو أسلوب محدد طالما أن الأمور تسير بعناية من الرئيس". كما شدّد على أن "أبواب الحوار مع الرئيس مفتوحة وستبقى كذلك على كافة المستويات".
وأشار رعد إلى أن "اللبنانيين تنعّموا بالتحرير بفضل المقاومة وتضحيات أهالي الجنوب الذين تحملوا معاناة الاحتلال".
ورفض رعد التعليق على تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام، التي أدلى بها لقناة "سكاي نيوز عربية"، والتي قال فيها إن "عصر تصدير الثورة الإيرانية انتهى وإننا لن نسكت عن بقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة". وقال رعد في هذا الصدّد: "اسمحوا لي بألا أعلّق حفاظًا على ما تبقّى من ودّ".
دعوةٌ رسميّةٌ من السيسي
تسلّم الرئيس عون رسالةً خطيّةً من الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي، حملها سفير مصر في لبنان علاء موسى، تتضمّن دعوةً للرئيس عون والسيدة الأولى نعمت عون لحضور الافتتاح الرسميّ للمتحف المصريّ الكبير في الثالث من تموز 2025.
وأشار الرئيس السيسي في رسالته إلى أنّ المتحف، الذي يعدّ أكبر متحفٍ في العالم للحضارة المصريّة، يضمّ للمرة الأولى المجموعة الكاملة لكنوز الملك الفرعونيّ الذهبيّ توت عنخ آمون، وعدّ افتتاحه محطةً ثقافيّةً مهمّةً في تاريخ مصر الحديث.
سلام: لزيادة الضغط على إسرائيل للانسحاب
كذلك التقى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام الوفد الأميركي أنغوس كينغ وجايمس لانكفورد، في حضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، حيث أكد سلام "إصرار الحكومة اللبنانية على بسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية، بما فيها معالجة مسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات، وفق خطة زمنية تم وضعها وسيبدأ العمل على تنفيذها". وإذ شدد سلام على أهمية دعم الجيش اللبناني كي يعزز سلطته على الحدود وفي الداخل، دعا إلى زيادة الضغط الأميركي على إسرائيل كي تنسحب من الأراضي اللبنانية التي ما زالت تحتلها، ولوقف خروقاتها للسيادة اللبنانية.
وقد تناول اللقاء أيضا المسار الإصلاحي الذي تنتهجه الحكومة، بالإضافة إلى المستجدات في سوريا ورفع العقوبات عنها مما سيسهل عودة النازحين السوريين إلى ديارهم.
كذلك استقبل سلام السفير المصري في لبنان علاء موسى، الذي أشار إلى أن الهدف من الزيارة الحديث عن ترتيبات زيارته إلى القاهرة في خلال الأسبوع الأول من شهر تموز لعقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة بين الجانبين وهو في طور الإعداد. موسى تابع "نحن لدينا رغبة وهي أيضا موجودة لدى الجانب اللبناني، بأن تكون هذه اللجنة مختلفة عن سابقاتها من لجان لأننا نريد أن نوقع على اتفاقات ومذكرات يمكن ترجمتها على أرض الواقع وتلبي احتياجات الجانب اللبناني في هذه الفترة، وأيضا تلبي احتياجات الجانب المصري ".
وأضاف: "نحن سنستغل الفترة المقبلة لدراسة الوثائق والمشاريع والاتفاقات التي يمكن أن يتم التوقيع عليها، ودولة الرئيس مهتم جدا بهذه الزيارة وهو كلف عددا من المسؤولين في متابعة التحضير لها خلال الفترة المقبلة".
كما قدم السفير المصري دعوة إلى سلام لزيارة مصر لحضور افتتاح المتحف الكبير خلال شهر تموز.
بيان السفارة الفرنسية
وفيما يتعلق بانتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية، علّقت السفارة الفرنسية على مسار العملية الانتخابية. وفي منشور عبر حسابها على "إكس" اعتبرت أن "إرادة الحكومة تنظيم هذه الانتخابات المنتظرة منذ العام 2022، ومشاركة الناخبين تعبيراً عن التزامهم كمواطنين، تُعيدان لبنان إلى مسار الحياة الديموقراطية. إنّ حُسن سير عمليّة الاقتراع يكرّس مبدأ احترام الاستحقاقات الدستورية".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها