كلمة رئيس الحكومة
وفي كلمته ممثّلًا لبنان في القمة العربية بدورتها الرابعة والثلاثين المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد، تناول سلام أبرز القضايا المتعلقة بلبنان والمنطقة العربية، لا سيما في سوريا وفلسطين، مؤكدًا "التزام لبنان بنصرة القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير"، ورافضًا "أي محاولات لنقل الفلسطينيين أو تهجيرهم أو توطينهم".
في الشأن السوري
وأكد سلام "استعداد الدولة اللبنانية للتعاون مع الجمهورية العربية السورية لإعادة النازحين السوريين، الذين استضافهم لبنان منذ عام 2011، إلى بلداتهم وقراهم التي أصبحت آمنة".
ورأى سلام أن "لبنان يفتتح صفحة جديدة في تاريخه بانتهاج سياسة واضحة وحازمة تلتزم الإصلاح في مختلف المجالات، وتقوم على فرض سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيدها، وتأكيد أنها وحدها تملك قرار السلم والحرب".
وأضاف: "بقدر ما أن ثنائية الإصلاح والسيادة هي مسؤولية لبنانية أولًا وأخيرًا، فإن مواكبة الأشقاء العرب ودعمهم لنا في هذه المسيرة هو عامل أساسي في إنجاحها، ونقدره أعلى تقدير".
الشرعية الدولية والقرار 1701
وفي معرض حديثه عن التزام لبنان بالشرعية الدولية، شدد سلام على أن "الدولة اللبنانية تعمل على تنفيذ القرار 1701 تنفيذًا كاملًا، انطلاقًا من التزامها بالشرعية الدولية، وتمسكها باستعادة سيادتها وتعزيز أمنها، وحرصها على إعادة الإعمار".
وأضاف: "لقد شهد العالم على التزام لبنان ببنود وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيّز التنفيذ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لكننا لا نزال نعاني من استمرار الاحتلال الإسرائيلي لمواقع في أراضينا، ومن الخروقات اليومية لسيادتنا، وإعاقة عودة المواطنين إلى بلداتهم، ورفض إطلاق الأسرى اللبنانيين".
السياسة الخارجية
وأكد سلام أن "لبنان يعتمد سياسة خارجية تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ومنع أي تدخل خارجي في شؤونه الداخلية. وهو يحرص على بناء شراكات استراتيجية مع جميع الدول العربية، والتصدي لكل ما يهدد أمنها وسيادتها واستقرارها، أيًّا كان مصدره".
وأضاف: "ونحن نُقدّر عاليًا تضامن جميع الأشقاء العرب مع لبنان في هذه الظروف، وتقديم المساعدات للتخفيف من وطأة الأزمات المتتالية عليه، بما فيها متطلبات إعادة الإعمار".
وقال رئيس الحكومة: "نؤكد استعداد الدولة اللبنانية للتعاون مع الجمهورية العربية السورية لإعادة النازحين السوريين، وندعو الدول الشقيقة والصديقة إلى المساعدة في تأمين مقومات الحياة الأساسية لهم داخل سوريا، بما يجعل ظروف عودتهم الكريمة أكثر ملاءمة". وتابع: "كما نسعى إلى ضبط الحدود ومنع التهريب بكافة أشكاله، لما في ذلك من مصلحة مشتركة لبلدينا".
وأضاف: "نكرر ترحيب لبنان بقرار الإدارة الأميركية برفع العقوبات عن سوريا، وبجهود المملكة العربية السعودية التي ساهمت في الوصول إلى هذا القرار، ونهنئ سوريا، دولة وشعبًا، بهذه الخطوة التي تشكّل فرصة للنهوض، وسيكون لها انعكاسات إيجابية أيضًا على لبنان والمنطقة بأسرها".
في الشأن الفلسطيني
رئيس حكومة لبنان قال إنه "رغم التحديات الداخلية الكبيرة، يبقى لبنان، كما كان دومًا، ملتزمًا بنصرة القضية الفلسطينية". وأضاف: "ندين بشدة السياسة الإسرائيلية القائمة على القتل الممنهج، والتدمير الشامل، والتجويع المتعمّد، لا سيما في قطاع غزة".
وأشار إلى أن "ما يشجّع المعتدي الإسرائيلي على التمادي هو غياب المحاسبة، رغم صدور قرارات تاريخية عن أعلى المحافل القانونية الدولية لوقف الجرائم الإسرائيلية".
وأكد "الدعم الثابت للشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه، ولا سيما حقه في تقرير المصير وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، التزامًا بقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تبنّاها الجميع في قمة بيروت عام 2002".
وتابع: "نؤكد رفضنا القاطع لأي محاولات لنقل أو تهجير الفلسطينيين أو توطينهم في بلد آخر. وبالموازاة، نُشدد على ضرورة الاستمرار في دعم الأونروا، لتمكينها من أداء دورها الإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين، وتعزيز الاستقرار في الدول المضيفة".
العمل العربي المشترك
وختم سلام كلمته موجهًا الشكر باسم لبنان إلى العراق، شعبًا وقيادة، على وقوفه إلى جانب لبنان في أصعب الظروف، ودعمه المستمر له، كما شكر مملكة البحرين الشقيقة على جهودها المقدرّة خلال الدورة السابقة، وعبّر عن امتنانه للأمانة العامة لجامعة الدول العربية على عملها الدؤوب في إنجاح هذه الاجتماعات.
وقال: "يؤمن لبنان إيمانًا راسخًا بأهمية العمل العربي المشترك. فالظروف الإقليمية والدولية معقدة ومقلقة، وتتطلب منا أعلى درجات التنسيق والتعاون والتضامن، انطلاقًا من مسؤوليتنا تجاه شعوبنا، وصونًا للأمن العربي المشترك".
وأضاف: "وبعد مرور ثمانين عامًا على تأسيس جامعتنا العربية، يتطلع شبابنا وشاباتنا إلى مستقبل عربي يحفظ كرامة الإنسان العربي، ويحاكي متطلبات العصر، مستقبل قائم على السلام العادل والشامل كخيار استراتيجي، وعلى التعاون والتكامل، والاستفادة من الميزات التفاضلية لكلٍّ منّا".
مواقف عربية داعمة للبنان
وشهدت أعمال القمة مواقف سياسية داعمة للبنان. فمن جهته، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن "السبيل الوحيد للاستقرار في لبنان يبقى عبر تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 وانسحاب الجيش الإسرائيلي".
أكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في كلمته خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في العاصمة بغداد، مساهمة العراق في الصندوق العربي لدعم جهود التعافي وإعادة الإعمار بعد الأزمات والصراعات والحروب، بمبلغ عشرين مليون دولار لإعمار لبنان.
كما شدد السوداني على دعم العراق لجهود وقف إطلاق النار في جنوب لبنان، مدينًا "الاعتداءات المتكررة على سيادة هذا البلد الشقيق"، ومؤكدًا حرص بلاده على "أن يستعيد لبنان استقراره ودوره الطبيعي في المنطقة".
وانطلقت في العاصمة العراقية بغداد أعمال القمة الرابعة والثلاثين لجامعة الدول العربية، بحضور قادة ومسؤولين عرب في المبنى الحكومي في المنطقة الخضراء.
أبو الغيط: دوامة من المواجهة
من جهته، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، أن لبنان يواجه تحديًا كبيرًا في مسار التعافي في ظل استمرار "العدوان الصهيوني المتواصل"، كما يواجه "تحديًا تاريخيًا يتمثل بحصر السلاح بيد الدولة". وقال إن "سياسات إسرائيل المتهورة في المنطقة تبقينا في دوامة مفتوحة من المواجهة".
الجبير: لحصر السلاح بيد الدولة
بدوره، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير: "ندعم جهود لبنان لحصر السلاح بيدّ الدولة".
غوتيرش: لاحترام سيادة لبنان
بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش على ضرورة احترام سلامة الأراضي اللبنانية وسيادتها.
لقاءات سلام على هامش القمة
وعلى هامش القمة العربية، عقد الرئيس سلام، اجتماعًا مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تمّ خلاله البحث في تطورات الوضع في لبنان والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي اللبنانية.
وشدد سلام على رفض لبنان القاطع لهذه الاعتداءات وعلى ضرورة الوقف الفوري لها، مؤكدًا أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي اللبنانية يشكل انتهاكًا فاضحًا لقرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها القرار 1701.
كما جدّد سلام تأكيد لبنان على أهمية الدور الذي تضطلع به قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، وعلى التزام الحكومة اللبنانية بالتعاون الكامل معها، بما يسهم في حفظ الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق.
كذلك التقى سلام، برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، على هامش القمة العربية المنعقدة في بغداد. وقد تناول اللقاء تداعيات الحرب على غزة، وأهمية التحرك الدولي العاجل لوقفها، واحتواء آثارها الإنسانية والسياسية.
وأكد سلام أن لبنان، انطلاقًا من ثوابته الوطنية والإنسانية، يدعو إلى الوقف الفوري للعدوان على غزة، ويثمّن كل جهد صادق يُبذل في هذا الاتجاه. كما أعرب عن تقديره للمواقف الإسبانية المتقدمة في دعم لبنان، فضلًا عن اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين وتبنّيها حل الدولتين كمدخل لتحقيق سلام عادل وشامل.
وشكر سلام رئيس وزراء اسبانيا على مشاركة بلاده في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان.
العلاقات اللبنانية- الأردنية
ولاحقاً التقى سلام، برئيس وزراء المملكة الأردنية الهاشمية جعفر حسان، وتم التباحث في المستجدات الإقليمية والعلاقات الثنائية بين البلدين.
وبارك الرئيسان الجهود الدبلوماسية التي قادتها المملكة العربية السعودية، والتي أفضت إلى رفع العقوبات عن سوريا وفتحت أفقًا جديدًا للتعامل العربي معها. كما جددا مناشدتهما للمجتمع الدولي للعمل في سبيل وقف الحرب على غزة ومنع تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، مع التشديد على التمسك بالمبادرة العربية للسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأكد سلام حرص لبنان على الأردن في مواجهة التحديات التي يتعرض لها، مشدداً على ضرورة حماية الأمن والاستقرار ورفض أي تدخل بالشؤون الأردنية الداخلية.
من جهته أعرب الرئيس حسان عن حرص الأردن على سلامة لبنان ووحدة أراضيه، وتقديره لصموده في وجه التحديات. كما تم التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات اللبنانية–الأردنية في مختلف المجالات، لا سيما في مجال الطاقة، والعمل المشترك لمعالجة أزمة النزوح السوري بما يحفظ كرامة اللاجئين ويصون المصلحة الوطنية للبلدين.

التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها