newsأسرار المدن

صراع أجنحة "أمل" في عربصاليم وكفرمان: من يصرخ أولاً؟

وليد حسينالجمعة 2025/05/16
GettyImages-955248932.jpg
صراع شرس بين مرشحين في حركة أمل على رئاسة البلدية منع التوصل إلى التزكية (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
يبذل "حزب الله" جهوده لتجنيب القرى الجنوبية معارك انتخابية، بهدف تشكيل مجالس بلدية بالتزكية، إلا أن مساعيه تصطدم بالفشل في بعض الأحيان، ما يضطره إلى التنازل عن جزء من حصته لإنجاح التزكية.

أما حركة "أمل"، وعلى الرغم من سعيها للتزكية، فإنها ترفض في القرى التي تحظى فيها بحصة وازنة من المجالس البلدية (وفقًا للتقسيم المتعمد منذ عام 2010 استنادًا إلى نتائج انتخابات عام 2004 التي حدّدت أحجام كل طرف)، التنازل من حصتها لصالح التزكية، حتى عندما تقتضي الحاجة. وهذا ما حصل في بلدة قعقعية الجسر، حيث تنازل "حزب الله" وسحب أحد مرشحيه، ما أتاح فوز البلدية بالتزكية، كما ورد في بيان صادر عن البلدية، زفّت فيه خبر فوز "لائحة التنمية والوفاء" وأعضاء المجلس الاختياري.

في المقابل، لم تتمكن "حركة أمل" من تجاوز صراع النفوذ داخل البيت الواحد، وهو ما تمظهر في عدد من البلدات الجنوبية، حيث برزت ترشيحات لشخصيات من "أمل" ضمن لوائح متنافسة.

صراع على رئاسة البلدية
مرّ تشبّث "حركة أمل" بعدد مقاعدها في قعقعية الجسر بسلاسة، بعد تدخّل "الأخ الأكبر". لكن في بلدات مثل عربصاليم وكفرمان، لا يستطيع "حزب الله" ممارسة هذا الدور، إذ إن الصراع في هاتين البلدتين الجنوبيتين (قضاء النبطية) يجري داخل البيت الواحد لحركة "أمل". وبالتالي، لا يملك "حزب الله" سوى الانتظار متفرّجًا، التزامًا منه بعدم التدخّل في شؤون الحلفاء الداخلية.

في التفاصيل، تشير مصادر مطّلعة على الصراع القائم في بلدة عربصاليم إلى أن "الثنائي الشيعي" شكّل لائحة وفق معادلة التقاسم السابقة. وقد اتفق الجانبان على تقاسم مقاعد المجلس البلدي الـ15، بحيث تنال "حركة أمل" 8 مقاعد من ضمنها الرئاسة، بينما يُمثَّل "حزب الله" بـ7 أعضاء، إضافة إلى نيابة الرئاسة. لكن ما نغّص هذا التوافق لم يكن مرشحين مستقلين من خارج "الثنائي"، بل صراع عائلي أدخل أجنحة "أمل" في تنافس داخلي على رئاسة البلدية.

وتوضح المصادر أن الصراع قائم حاليًا بين المرشّح عمران حسن وعلي حسن على رئاسة البلدية. فعلي حسن هو صهر النائب هاني قبيسي، وناشط فاعل في مكتب الشباب والرياضة، ويتمتع بحضور واضح في البلدة.أما عمران حسن، فقد استعان بمرجعية عليا داخل "حركة أمل" في محاولة لتثبيت ترشّحه للرئاسة.

وتلفت المصادر إلى أن آل الحسن تُعد من أكبر عائلات البلدة، إلى جانب آل فرحات، وتستند إلى نحو 400 صوت انتخابي. وتشهد العائلة صراعات بين أجبابها (فروعها)، خصوصًا على موقع رئاسة البلدية، ما ألقى بثقله على "حركة أمل". وما يزيد الأمور تعقيدًا أن كلا المرشحين يحظى بمرجعية عليا داخل "أمل"، إذ استنجد كلٌّ منهما بمرجعيته، وبات الصراع أشبه بـ"من يصرخ أولًا، فيتراجع الآخر".

أما في ما يتعلق بالترشيحات، فقد تقدم في البلدة 21 مرشّحًا فقط، جميعهم منتمون إلى "الثنائي الشيعي". وفي حال توصّل "أمل" إلى حلّ داخلي ينهي الخلاف، من المرجّح أن يُصار إلى سحب بعض المرشحين، ما يمهّد لفوز البلدية بالتزكية.

كفرمان وفرض المعادلات الصعبة
وتضيف المصادر أن "حزب الله" لا يتدخّل في هذا الصراع إطلاقًا، بل ينتظر أن يتوصّل حليفه إلى اتفاق حول المرشّح الذي سيتولى رئاسة البلدية. لكن ضمنيًا، يفضّل أبناء البلدة الموالون لـ"حزب الله" المرشّح علي حسن، نظرًا لحضوره الحيوي في القرية. غير أن استمرار الخلاف قد يدفع الجميع إلى خوض الانتخابات، بهدف وحيد: تحديد الأحجام من خلال معركة تشطيب متبادل. وسيكون التشطيب على مستويين: داخل "حركة أمل" نفسها، لتحديد الجناح الأقوى داخل العائلة الواحدة أو التنظيم. وبين "الحزب" و"أمل"، لتظهير حجم كل طرف داخل القاعدة الشيعية العامة في البلدة

ليس بعيداً عن عربصاليم، تعيش كفرمان صراعاً مشابهاً للأول رغم أن رئيس البلدية السابق كمال غبريس مبعد عن أمل منذ سنوات عدّة.
 ترشّح في البلدة 45 شخصًا للتنافس على مجلس بلدي مؤلف من 15 عضوًا. وبحسب الأجواء التنافسية، يُتوقّع أن تتشكّل ثلاث لوائح انتخابية. فـ"الثنائي الشيعي" شكّل لائحة مكتملة يُفترض أن تكون برئاسة عبدالله فرحات، وتقوم على تقاسم المقاعد المتّفق عليه سابقًا: 9 أعضاء لـ"حركة أمل" و6 أعضاء لـ"حزب الله".

في المقابل، يعمل الشيوعيون والمستقلون وقوى اليسار على تشكيل لائحة ثانية قد تكون مكتملة، ما يعني أن البلدة تتّجه نحو معركة انتخابية حتمية وشرسة، خصوصًا أن قوى اليسار كانت قد خرقت لائحة الثنائي في انتخابات عام 2016.

إشكالية لائحة "الثنائي الشيعي" في كفرمان حاليًا مزدوجة. فقد أقدم رئيس البلدية السابق، كمال غبريس، المقرّب من النائب هاني قبيسي، على تشكيل لائحة من تسعة مرشّحين، بعضهم ينتمي إلى "حركة أمل"، بينهم مرشّح من آل فرحات يُعدّ قياديًا في الحركة.
ولم يكتفِ غبريس بإحراج "الثنائي" عبر منافسة لائحة اليسار، بل زجّ به أيضًا في صراع أجنحة داخل "أمل"، إذ إن المرشّح الأساسي في لائحة "الثنائي"، والذي يميل إلى "حزب الله"، يُعدّ من حصّة الجناح الآخر في الحركة.

هذا المشهد يزداد تعقيدًا مع إدراك غبريس أن معادلة كفرمان اليسارية تُشكّل تحديًا فعليًا للائحة "الثنائي"، كما أظهرت نتائج انتخابات 2016. وفي حال استمرار ترشّحه، فإن تشتيت الأصوات سيكون حتميًا، ما يفتح الباب أمام لائحة اليسار لاكتساح كل المقاعد، وهو ما يجعل الكلفة السياسية التي قد يدفعها جناح "أمل" – و"الثنائي" ضمنًا – لصالح غبريس، باهظة جدًا.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث