newsأسرار المدن

مجلس بلدي سنّي طرابلسي: لا مسيحيين ولا نساء!

جنى الدهيبيالخميس 2025/05/15
بلدية-طرابلس.jpeg
سقط العرف بتمثيل المسيحيين بمقعدين وجرى إقصاء النساء لأول مرة مند العام 2004 (جنى الدبيبي)
حجم الخط
مشاركة عبر
لم تكن انتخابات بلدية طرابلس عادية على الإطلاق منذ مرحلة تشكيل ست لوائح مرواً بانخفاض نسبة الاقتراع وصولاً إلى إعلان لجنة القيد العليا النتائج بعد ثلاثة أيام من الانتظار والفوضى في الفرز، وبهدر الأصوات وإضاعة أخرى، فضلاً عن شبهات التلاعب والتزوير.

مجلس بلدي سنّي
كانت الانتخابات في طرابلس استثنائية بكل معنى الكلمة. استفاقت بعدها طرابلس على إقصاء المكون المسيحي عن البلدية. ولم يفز أي مرشح مسيحي من أصل 5 فقط في مجلس بلدية طرابلس. سقط العرف بتمثيل المسيحيين بمقعدين، علمًا أن المرشح رشيد شبطيني (ماروني) على لائحة "رؤية طرابلس" نال 8069 صوتاً، أي بفارق 193 صوتا عن آخر الفائزين. أما تمثيل الطائفة العلوية فقد انحصر بعضو واحد فقط هو المحامي عادل عثمان. وعليه تنكّبت المدينة بمجلس بلدي من لون واحد، وسط انقسام سياسي بين الفائزين، يحول دون التوافق على الرئاسة.

عدم تمثيل النساء
ولعل أكثر ما يثير الانتباه في نتائج الانتخابات، هو خلو المجلس البلدي في طرابلس، لأول مرة منذ عام 2004، من فوز أي امرأة بعضوية البلدية، رغم وجود عدد من المرشحات. وعليه عكست النتيجة خللًا كبيرًا على مستوى تمثيل النساء إلى حد إقصائهن من المجلس. وبدا أن الرأي العام في طرابلس، الذي انكفأ معظمه عن المشاركة في الاقتراع، غير معني بتحقيق التوازن والتنوع عبر انتخاب نساء مرشحات.

إشكالية انتخاب رئيس البلدية
في التفاصيل، فازت لائحة "رؤية طرابلس" بـ2 مقعدا من أصل 24، وهي مدعومة من التحالف السياسي بين النواب فيصل كرامي وأشرف ريفي وكريم كبارة وطه ناجي (الأحباش). والفائزون في هذه اللائحة هم: عبد الحميد كريمة، عبد الله نابلسي، محمد البكري، كريم مبيض، ماهر باكير، أحمد البقار، بلال حسين، عادل عثمان (علوي)، أمين مقدم، سالم الحلبي، خالد كبارة وعمار كبارة.
أما لائحة "نسيج طرابلس" التي تمثل مجموعات مدنية في طرابلس، ودعمها النائب إيهاب مطر، ففازت بـ11 مقعداً. الفائزون هم: وائل زمرلي، مصطفى فخرالدين، ربيع حروق، أنس القاري، هيثم سلطان، باسم زودة، طه ميقاتي، عبد الله زيادة، سامر خلف، باسم عساف وجلال الست.
وفيما خسرت اللوائح الأربعة الأخرى، تمكنت لائحة "حراس المدينة"، رغم كل حملتها، من خرق المجلس بمقعد واحد فقط، ذهب للمرشح إبراهيم العبيد.

إلى الطعون درّ!
بات المجلس البلدي محكوم بتوازنات دقيقة لا يمكن تكهن عواقبها. بمعنى آخر، ينتقل مجلس بلدية طرابلس إلى مرحلة جديدة، لانتخاب رئيسه، وسط تساؤلات وخشية من حالة الخلل التي تشوبه. وبما أن انتخاب الرئيس ونائبه يحتاج إلى النصف زائدًا واحدًا، أي 13، فإن أي من اللائحتين، رؤية طرابلس ونسيج طرابلس، لا تستطيع الإتيان برئيس من دون التوافق.
وتشير معلومات "المدن" إلى أن العديد من المرشحين يتجهون لتقديم طعون لدى المجلس الدستوري، وفي أيديهم شكاوى ودلائل بشأن الخروقات التي رافقت الاقتراع والفرز.
ويبقى السؤال الأبرز: هل سيحقق المجلس الجديد تحولًا في أداء العمل البلدي، أم أنه سيمسي نسخة من سلفه، غارقًا في الخلافات والصراعات الشخصية؟
في نهاية الأمر، نجح المجلس بنسبة اقتراع لم تتجاوز 27 بالمئة، أي أن أكثر من 70 بالمئة من سكان المدينة، لم يجدوا أنفسهم معنيين بهذا الاستحقاق.

فساد المحافظ نهرا المزمن
ربما من حظ المدينة، أن هذه الانتخابات جرت في عهد حكومة الرئيس نواف سلام، وليس في عهد ابنها نجيب ميقاتي مثلًا، الذي لم يتحرك يومًا مع وزير الداخلية الأسبق بسام مولوي، وهو أيضًا ابن طرابلس للمصادفة، من أجل إقالة محافظ الشمال رمزي نهرا.
طوال الأيام الخمسة الماضية، أثارت "المدن" كثيرًا من الشكوك حول تورط نهرا في التلاعب بالانتخابات وعرقلة إصدار نتائجها والإمعان في الخروقات القانونية التي رافقت عمليتي الاقتراع والفرز.
لكن "المدن"، تنشر منذ نحو 7 سنوات تقارير وتحقيقات عن فساد هذا المحافظ، الذي بلغ درجة الفضيحة المعلنة من دون أي تحرك رسمي أو حكومي. ليس لأنه يحظى بغطاء سياسي معلن من رئيس تيار الوطني الحر جبران باسيل فحسب، بل لأن كل سياسيي طرابلس والشمال، من دون استثناء، ومعظم رؤساء البلدية المتعاقبين شمالًا، وحتى بعض الأجهزة الأمنية، استفادوا من فساد نهرا وتورطوا معه وشاركوه الفساد وتقاسم العطايا والرشاوى.
رمزي نهرا، عُيّن في منصبه عام 2014 آتيًا من السلك القضائي، بعدما كان قاضيًا في ديوان المحاسبة. وطوال 11 عامًا، تحول إلى نجم المحافظين الفاسدين والمختلسين في لبنان، من دون أي تحرك حكومي. وكان لا يتأثر، وربما يتباهى، عند وصفه بـ"زلمة باسيل"، الذي يشارك في معظم مناسباته الحزبية. كان يضع المسدس على خصره وكأنه زعيم عصابة يتحلق حوله موظفوه، وليس كمحافظ مؤتمن على كل شمال لبنان.
وللتذكير، بلغت "البلطجة" التي يمارسها نهرا إلى مستوى تهديد مدير الوكالة الوطنية للإعلام في طرابلس عبد الكريم فياض، عام 2017، بالقتل والضرب بهراوة حديدية مجهزة بمسامير، بسبب خلاف على ركن سيارة. ناهيك عن تورطه بعمليات اختلاس في معظم بلديات الشمال، لا سيما في بلديتي طرابلس والميناء.

طوال سنوات، ظن أبناء الشمال وطرابلس تحديدًا، أن التخلص من نهرا عبر إقالته من منصبه، مسألة شبه مستحيلة. إلى أن تبين مع حكومة سلام، أنه قرار يمكن أن يُتخذ بشطبة قلم.
وعلمت "المدن" أن شكاوى كثيرة وصلت إلى الحكومة من أداء نهرا الذي أفشل عمليتي الاقتراع والفرز، وتعاطيه بكيدية في منع حصول المندوبين على تصاريح وشبهات بشأن محاولته التلاعب بالنتائج. وكانت النتيجة أن أصدرت حكومة سلام قرارًا بوضع نهرا "بالتصرف للمصلحة العامة والقيام بأعمال مرتبطة بالوزارة"، مما يعني إقالته من منصبه، مع التوجه إلى تسليم قائم مقام زغرتا وأمينة سر المحافظة إيمان الرافعي، تسيير الأعمال إلى حين تعيين بديل عن نهرا.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث