أمام الزحف القوّاتي البلديّ في بشري وقضائها برزت لائحة منافِسة في بشري تحت اسم "بشري سوا أقوى". عمل على تشكيلها جيل جديد مختلف عن السائد في عادات وتقاليد المنطقة. قد تكون معركة هذا الجيل غير متكافئة لأنّ لائحته في بشري خارج الاصطفافات السّياسيّة المعتادة، وإنّما قد يكون في جعبتها كلّ الإمكانات "لتهزّ منازل" القوّاتيين في عقر دارهم.
وكانت القوّات اللّبنانية قد أعلنت لائحتها في قضاء بشري في احتفال كبير أوحى إلى البعض كأنّه مهرجان لإعلان النّصر قبل أوانه وانتهاء المعركة قبل انطلاقها، كما يقول العاملون على تشكيل اللائحة المنافسة. لكن المعركة التي حاولت القوّات تفاديها عادت لتدقّ بابها بقوّة. فتشكيل هذه اللّائحة باغتت القوّات، التّي وجدت نفسها أمام معركة لا تريدها. وهذا ما أعاد خلط الأوراق في الشارع البشراني.
أثارت حفيظة العائلات المستبعدة
يضمّ قضاء بشري 12 بلدية، أكبرها بلدية بشري التي ينتخب سكّانها 18 عضواً في المجلس البلديّ. المعارك البلدية في القضاء شبه محسومة مع بعض الخروقات الضئيلة ربما في قريتي بان وطورزا، في وقت تتّجه بقاعكفرا وحصرون نحو التزكية. فيما انتخابات المخاتير تدخل في زواريب العائلية المتشعّبة. غير أنّ معركة بشري تحديداً تبشّر بنزال محتدم لم تشهده المنطقة منذ فترة طويلة بعد أن كانت المعطيات كلّها تشير الى اتّجاه نحو التّزكية.
وفي التفاصيل، جاءت ولادة لائحة "بشري سوا أقوى" على مراحل عدة. فـ"طريقة تشكيل القوّات اللّبنانية لائحتها أثارت حفيظة فئة كبيرة غير ممثّلة في بشري. فاعتبروها إلغائية لبعض مكوّنات المجتمع البشرّاني، وأنّها شُكّلت من دون الرّجوع اليها"، تقول مصادر واكبت كل عملية تشكيل اللائحة.
الامتعاض في أوساط الفئات غير الممثًّلة في بشري دفع بالمستقلّين إلى الترشّح كمبادرات فردية ما لبثت أن نضجت فتحوّلت إلى جماعية. فرض المستقلون نفسهم وجرت لقاءات مع قوى سياسية تقليدية فاعلة في المنطقة. الأمر الذي أسفر عن تشكيل لائحة كاملة تضمّ مجموعة من المستقلّين وقواتيين سابقين وممثلين عن تحالف "شمالنا" (الذي خاض الانتخابات النيابية السابقة) وتحالف النائب وليام طوق. ويؤكد المصدر نفسه "أنّ القواتيين السابقين المرشّحين شغلوا مناصب رفيعة داخل حزب القوات. وخروجهم كان يمثل امتعاضاً قوّاتياً على القوات نفسها. ويدعم اللائحة فعاليات أخرى في بشري مثل روي عيسى الخوري ورولان طوق الذي كان مسؤول منطقة بشري في القوات".
مصدر آخر من المستقلّين يؤكّد أنّ الاختلاف لا يلغي الآخر "فنحن موجودون على الأرض نكافح ونناضل من أجل كسر احتكار قوى تعتبر نفسها فوق الجميع. تظن القوات أنّه بانهيار محور معيّن في لبنان يعني أن الزمن بات زمنها".
ويضيف "أنّ الانطباع الأوّلي من خلال مراجعة بعض الحسابات داخل العائلات يشير بشكل غير رسمي الى أن خرق لائحة القوات ممكن وبأكثر من مقعد. وأي خرق ستعتبره القوّات حتماً فشلاً لها، لأنها تعمل على لائحة كاملة يصل جميع أعضائها".
"حكيم" آخر في بشري
على اللائحة المنافسة للائحة القوات اللبنانية "حكيم" آخر من بشري هو الدكتور يوسف طوق. شكّل ترشّحه صدمة إيجابية ولاقى استحساناً واسعاً في بلدته. فهو معروف برسالته الإنسانية والبيئية والمشهود له بإنجازاته في نهضة مستشفى بشري الحكومي وفي تشجير غابة الأرز وفرز النفايات من المصدر، وغيرها من الإنجازات البيئيّة والاجتماعية. وسيكون طوق رافعة اللّائحة التي تضمّ أيضاً مرشّحين ومرشّحات "لا يحتاجون إلى برهنة أنفسهم أمام المجتمع أو أنّ يلمّعوا صورتهم. فقصص نجاحهم تخبر عنهم"، كما يقول أحد داعمي اللائحة.
في المقابل رشحت القوّات لرئاسة البلدية جو كيروز الذي يعمل في المملكة العربية السعودية. ما دفع اللائحة المنافسة إلى التركيز على هذه النقطة، أي "ترشيح شخص لهذا المنصب الرفيع لن يكون متواجداً في بشري". واستفادت من "عتب العائلات الأخرى على تسمية رئيس جديد من العائلة نفسها للرئيس السابق. ما يشكّل خرقاً للعرف في بشري بتبديل الرئاسة بين العائلات".
المستقلّون يعتبرون أنّ "الحلول البلدية ليست ضرباً من ضروب الخيال. العمل البلدي نوايا وإرادة للعمل لتحسين المنطقة واستثمار مواردها للوصول الى التنمية المستدامة". بالنسبة لهم لن تغير القوّات من طريقة تعاملها مع الملف البلديّ والعائلات. و"جل ما ستقدم عليه عشية الانتخابات تنظيم زيارة جماهرية للحكيم سمير جعجع لشدّ العصب القوّاتي".
مماطلة في الرد
"المدن" تواصلت مع مكتب النائبة ستريدا جعجع للتعليق على مزاعم اللائحة المنافسة. وطلب مصدر مسؤول ارسال الأسئلة. وهذا ما حصل بالفعل. بعدها جرى استمهالنا ليومين للرد. ثم جرى تأجيل الموعد مرة ثانية. وفي المرة الثالثة قيل لنا إن النائبة جعجع سترد على الأسئلة بنفسها يوم الخميس 1 أيار. ثم عاد وطلب يوم الخميس التأجيل للأسبوع المقبل. الأمر الذي يفهم منه مماطلة لاستنفاذ الوقت، لأن الانتخابات ستجري نهاية الأسبوع المقبل يوم الأحد في 11 أيار.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها