اعتبر رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنّ "من مصلحة الولايات المتحدة الأميركيّة أنّ يبقى لبنان بلدًا مستقرًّا وآمنًا"، مشيرًا إلى أنّ "عليها أنّ تبادر إلى مساعدته في تحقيق هذا الهدف". جاء كلام عون خلال لقائه وفدًا من معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن، حيث أشار إلى أنّ "لبنان ماضٍ في تنفيذ الإصلاحات الاقتصاديّة والماليّة والإداريّة، وتبقى مكافحةُ الفساد من أبرز الأهداف التي أعمل على تحقيقها بالتعاون مع الحكومة ومجلس النواب".
أداء الجيش
ولدى سؤاله عن الوضع في الجنوب، أكّد أنّ "الجيش اللبنانيّ يقوم بواجباته كاملةً في منطقة جنوب الليطاني ويطبّق القرار 1701 في البلدات والقرى التي انتشر فيها، لكنّ ما يعيق استكمالَ انتشاره حتى الحدود هو استمرار الاحتلال الإسرائيليّ لخمس تِلالٍ ليست لها أهميّةٌ استراتيجيّة. وكان من المفترض أنّ ينسحب الإسرائيليّون منها منذ 18 شباط الماضي، لكنّهم لم يفعلوا ذلك على الرغم من المراجعات المتكرّرة التي قمنا بها لدى راعيَي الاتفاق، الولايات المتحدة الأميركيّة وفرنسا، العضوَين في لجنة المراقبة المُشكَّلة بموجب اتفاق 27 تشرين الثاني الماضي".
وجدّد عون دعوتَه الولايات المتحدة إلى "الضغط على إسرائيل كي تنسحب من هذه التلال وتُعيد الأسرى اللبنانيّين، ليتولّى الجيش مسؤوليّة الأمن بالكامل بالتعاون مع اليونيفيل، فيبسط بذلك سلطةَ الدولة اللبنانيّة على كامل التراب الجنوبي".
وإذ أكّد للوفد الأميركيّ أنّ "قرار حصر السّلاح لا رجوع عنه لأنّه يحظى بتأييدٍ واسعٍ من اللبنانيّين والدول الشقيقة والصديقة"، لفت إلى أنّ "سحب السلاح لن يكون سببًا لاضطرابات أمنيّة في البلاد، بل سيتمّ من خلال الحوار مع المعنيّين الحريصين أيضًا على الاستقرار والسِّلم الأهليّ ودور الدولة المركزيّة. والتطوّرات التي حصلت في المنطقة لا تزال تساعد على المُضيّ في اعتماد الحلول السلميّة وإنْ تطلّب ذلك بعض الوقت تفاديًا لأيّ عثرات".
الوضع على الحدود
وأشار عون، في حوارٍ مع أعضاء الوفد، إلى أنّ "الوضع على الحدود اللبنانيّة-السّوريّة يحظى بمتابعةٍ مستمرّةٍ منّي، والجيش موجود على هذه الحدود لمنع التهريب بأنواعه ولضبط حريّة التنقّل بين البلدين"، لافتًا إلى الاتصالات التي تمّت مع المسؤولين السوريّين والتي أسفرت عن اجتماعات عُقدت بين الجانبين اللبنانيّ والسوريّ بهدف معالجة المواضيع العالقة. وأكّد أيضًا "تمسّك لبنان بعودة النازحين إلى بلادهم، وأنّ رفع العقوبات الاقتصاديّة عن سوريا من شأنه أن يُحرّك اقتصادها من جديد ويُوفّر فرصًا تُسهّل عودتهم".
يُذكر، أنّه من المزمع أن يقوم الرئيس عون بزيارةٍ رسميّة إلى أبوظبي غدًا، وذلك بدعوة من رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان. وتستمر الزيارة لمدة يومين يجري خلالها الرئيس عون محادثات مع رئيس الإمارات وعدد من المسؤولين فيها، وفق ما أعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة.
سلام: حشد القوى لوقف الاعتداءات
من جهته، أكّد رئيسُ مجلس الوزراء نواف سلام أنّ "الاعتداء على الضاحية الجنوبيّة، والاعتداءات الإسرائيليّة الأخرى، تُشكّل خرقًا لترتيبات وقف الأعمال العدائيّة"، معتبرًا أنّ "تفعيل آليّة المراقبة أمرٌ مطلوبٌ لوقف هذه الاعتداءات".
وأشار سلام إلى أنّ "لبنان يريد وضع حدّ لكلّ هذه الانتهاكات، وإنهاء الاحتلال الإسرائيليّ للتلال الخمسة ولكلّ الأراضي اللبنانيّة". وأضاف، خلال استقباله وفدًا من نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي، أنّه "إذا لم تنسحب إسرائيل بالكامل فإنّ ذلك سيهدّد الاستقرار"، مؤكّدًا أنّ "لبنان ملتزم بالاتفاق، وعلى الجانب الإسرائيليّ أن يلتزم بدوره، ويهمّنا بقاء الموقفَين الأميركيّ والفرنسيّ إلى جانب لبنان لتحقيق ذلك".
وكشف عن "استمرار العمل لحشد كلّ القوى الدبلوماسيّة من أجل وقف الاعتداءات"، مشيرًا إلى "التواصل المستمرّ مع الأميركيّين، والفرنسيّين، وكلّ القوى المؤثّرة، ولا سيّما الدول العربيّة والأوروبيّة، مع الحفاظ على هذا الضغط وتفعيله أكثر".
وشدّد سلام على "حرص الحكومة على اقترابها من المواطنين، والعمل على مواكبة وتأمين كلّ احتياجاتهم في مجالي الأمن والأمان، وتحسين الظروف الاقتصاديّة والمعيشيّة".
ولدى سؤاله عن موقف "حزب الله" من تطبيق حصر السلاح بيد الدولة، قال سلام إنّ "الحزب يعلن دومًا أنّه يقف خلف الدولة"، مضيفًا أنّ "الدولة اتخذت قرارًا واضحًا بهذا الشأن، بناءً على البيان الوزاريّ الذي صوّت الحزب لصالحه".
ولفت إلى أنّ "الحكومة بدأت العمل على خطّةٍ لإعادة الإعمار، بدءًا بالبنية التحتيّة، إذ تمّ إجراء مسحٍ للأضرار، وبدأ العمل الآن على توفير الإمكانات، وقد باشرت الحكومة التفاوض مع البنك الدوليّ، وتمّ حتى الآن تأمين مبلغ 325 مليون دولار مع السعي إلى زيادته".
وأضاف أنّ "المساعي مستمرّة لتأمين كلّ الأموال اللازمة للبنان، كما أنّ الجيش بحاجةٍ إلى تعزيز عديده من خلال المزيد من عمليات التطويع، ولا سيّما في ظلّ المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه، وأبرزها الانتشار في الجنوب وتوسيعه، وعلى الحدود الشماليّة-الشرقيّة، بالإضافة إلى مؤازرته القوى الأمنيّة في الداخل وفي العديد من المرافق العامّة، ولا سيّما المرفأ والمطار".
الانتخابات والوضع الاقتصاديّ
وفيما يخصّ الانتخابات البلديّة، أكّد سلام "جاهزيّة وزارة الداخليّة الكاملة لإجراء الانتخابات"، قائلًا: "اطمأننت شخصيًّا إلى نزاهة سير العمليّة الانتخابيّة، وستَرَون ذلك في عمليات الفرز وإصدار النتائج". أمّا بالنسبة إلى الانتخابات البلديّة في بيروت فأكّد أنّ الحكومة تقف على الحياد، وستؤمّن نزاهة العمليّة الانتخابيّة"، مشدّدًا على أنّه "على مسافة واحدة من جميع المرشحين".
وأضاف: "من المهمّ الحفاظ على وحدة بيروت، فهي العاصمة الّتي تعكس صورة البلد بتنوّعه؛ وطوال عمرها كانت بلديّة واحدة".
وحول اقتراحات القوانين المقدَّمة، رأى سلام أنّه "من الأفضل تأجيل البتّ بها لمزيدٍ من الدراسة"، معتبرًا أنّ "الأهمّ في المرحلة المقبلة هو الاستفادة من الديناميّة القائمة لبحث مشروع اللامركزيّة الإداريّة الموسَّعة، واستكمال تطبيق اتفاق الطائف".
وعن الوضع الاقتصاديّ أكّد سلام أنّه "تمّ وضع خطّة اقتصاديّة واضحة للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدوليّ؛ حيث أُقِرّ قانون رفع السريّة المصرفيّة، وقانون إصلاح المصارف، ويُجرى العمل على قانون الفجوة الماليّة"، مشيرًا إلى أنّ "هذا التوجّه واضح تمامًا".
وقال إنّ "الإصلاحات التي تنفّذها الحكومة تشكّل المدخل الأساسيّ للإصلاح الماليّ، لا سيّما من خلال التدقيق في مصادر الأموال، والتّمييز بين المشروع منها وغير المشروع، بما يتيح للدولة العمل على إعادة أموال المودعين".
اعتراض قوة لليونيفيل
ميدانيًّا، ولليوم الثاني على التوالي، سُجِّل اعتراضٌ على دوريّات لليونيفيل من قِبل أهالي بعض البلدات في الجنوب. وأُفيد أنّ أهالي بنت جبيل اعترضوا قوّةً من اليونيفيل دخلت إلى البلدة من دون مؤازرةٍ من الجيش.
بيان قطريّ - بريطانيّ
وفي سياق متصل، أكَّدت السّلطات القطريّة والبريطانيّة، في بيانٍ مشترك، تأييدَهما للتقدّمِ المُحرَزِ في عملية الإصلاح في لبنان. وأضاف البيان: "تُقِرّ كلٌّ من السلطتين بالدّورِ الأساسيّ الذي تضطلعُ به القوّاتُ المسلّحةُ اللبنانيّةُ وقوّةُ الأممِ المتحدةِ المؤقّتةُ في لبنان (اليونيفيل) في تعزيزِ الاستقرار والتخفيفِ من خطرِ التصعيدِ في البلاد".
ويأتي هذا البيانُ المشتركُ بعد انعقادِ أعمالِ الحوارِ الاستراتيجيّ القطريّ-البريطانيّ الثاني في الدوحة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها