ذلك يتقاطع مع التركيز الإسرائيلي على العمليات العسكرية في الضفة الغربية، والاستعداد لتوسيعها، مع تسريب أخبار عن سحب قطع عسكرية إسرائيلية من الجبهة مع لبنان باتجاه الضفة. ما يضع الإسرائيليين أمام مواجهة جديدة صعبة وطويلة في الضفة الغربية، التي أصبحت تحتل الأولوية العسكرية التالية ما بعد قطاع غزة. وذلك من شأنه تأجيل أي خيار للتصعيد أو لتوسيع الحرب مع حزب الله.
وهذا ما تسعى القوى الدولية إلى العمل عليه في سبيل المضي قدماً بتخفيف حدة التوتر على الحدود الجنوبية، وسحب فتائل التصعيد الكبير، مع وجود اعتبارات دولية وديبلوماسية بأن أي هدنة يمكن الوصول إليها في قطاع غزة، يمكنها أن تفسح في المجال أمام العمل على بلورة تفاهم سياسي وديبلوماسي لترتيبات الوضع في الجنوب اللبناني.
معالم تسوية
على هذه القاعدة، بدأت بعض القوى الدولية التحرك داخل لبنان وخارجه بحثاً عن تقاطعات يمكنها أن تسهم في إرساء معالم تسوية سياسية قد تنتج رئيساً للجمهورية، لا سيما في ظل التقاطع بين الإدارة الأميركية الحالية وإيران على إيجاد نقاط تلاق حول ملفات متعددة، بينها الملف اللبناني، وذلك قبل الانتخابات الأميركية، كمحاولة لتكرار نموذج تجربة الانتخابات الرئاسية في لبنان في 31 تشرين الأول عام 2016 قبل ثمانية أيام من انتخاب دونالد ترامب.
تلك القراءة هي التي دفعت بسفراء دول اللجنة الخماسية المعنية بلبنان إلى إعادة التحرك، كل بمفرده في إطار استطلاع الأجواء، والحث على إعادة التشاور بين الأفرقاء المختلفين، بهدف خلق جو مؤات لإنتاج تسوية أو لانتخاب الرئيس، وإعادة تشكيل السلطة. ما قد يسهم في تعزيز الوضعية الديبلوماسية والتفاوضية للبنان مع المجتمع الدولي، حول آليات وقف إطلاق النار في الجنوب، ورسم ملامح الحل الديبلوماسي الذي يحتاج إلى مراحل ثلاث. الأولى، وقف العمليات العسكرية. الثانية، عودة السكان ووقف المظاهر المسلحّة والبحث في إعادة الإعمار. والثالثة، البحث في مسار تثبيت وترسيم الحدود البرية.
إنها ليست المحاولة الأولى من هذا النوع، وليس بالضرورة أن تكون المحاولة الأخيرة. لكن الهدف منها يبقى إبقاء التصعيد تحت سقف منضبط، ومنع اتساع الحرب.
حزب الله يصرّ على الإلتزام بحرب الإسناد، ويرفض أن يتزحزح عن موقفه قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. ما يعني أن كل الملفات مؤجلة بما فيها التسوية السياسية والرئاسية، خصوصاً في ظل "صراع الإرادات"، والنقاش الذي بدأ يتوسع حول "اليوم التالي" للحرب، والصورة التي يُراد رسمها للبنان. كذلك، لا يمكن إغفال أو إسقاط أي حسابات أخرى قد يفاجئ بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجميع.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها