الإثنين 2024/09/30

آخر تحديث: 18:40 (بيروت)

اسرائيل تواصل مجازرها... والمنظمات الدولية: احتمال انهيار لبنان

الإثنين 2024/09/30
اسرائيل تواصل مجازرها... والمنظمات الدولية: احتمال انهيار لبنان
استمرار الغارات الجويّة على البقاع والجنوب وضاحية بيروت الجنوبية (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

لليوم الثامن على التوالي، يتواصل العدوان الإسرائيليّ الواسع على جبهة لبنان، وسط غاراتٍ إسرائيليّة عنيفة تخلف يوميًّا العشرات من الشهداء والجرحى في البقاع والجنوب والضاحيّة الجنوبيّة لبيروت. وفي الوقت الذي يترقب فيه العالم ردّ إيران وحزب الله على اغتيال أمين عام الحزب، ووسط سباق دبلوماسيّ دوليّ محموم، وسّع الجيش الإسرائيليّ من عدوانه المستمرّ على لبنان، وخصوصًا بعد استهدافه للمرّة الأولى منذ بدء الحرب، العاصمة بيروت، حيث شنّ غارةً فجر اليوم الإثنين، على مبنى في منقطة الكولا، أدّت إلى سقوط 4 شهداء وأربعة جرحى.

ويأتي ذلك في وقتٍ يستعد فيه جيش الاحتلال الإسرائيليّ لتنفيذ "عمليةٍ بريّة محدودة" في لبنان، "وسط ضغطٍ أميركيّ غير مسبوق لمنع هذه الخطوة"، حسب ما نقلت هيئة البث الإسرائيليّة، الّتي قالت إن "المستوى السّياسيّ (الحكومة) يفكر جديًّا في تنفيذ العملية البريّة المحدودة، رغم ممارسة واشنطن ضغطًا غير مسبوق خلال الأيام القليلة الماضية، لمنع مثل هذه الخطوة". ويدّعي مسؤولون إسرائيليون، أن العملية البريّة المحتملة ستهدف إلى إقامة "منطقة أمنية عازلة جنوبي لبنان". فيما لم تتخذ الحكومة، برئاسة بنيامين نتنياهو، حتى الآن قرارًا نهائيًّا بشأن تنفيذ عملية بريّة أو عدمه، وفق الهيئة.

الغارات المكثّفة والموصولة
واستهدفت الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة مجددًا قبيل فجر اليوم الإثنين، الضاحية الجنوبيّة لبيروت، وشنّت غارات متتالية على الجنوب والبقاع. كما وشنّ سلاح الجوّ الإسرائيليّ في وقتٍ مُبكر اليوم غارات متتالية على البقاع، واستهدفت إحدى الغارات معبر جديدة يابوس السّوريّ الحدوديّ مع لبنان. وأعلن الجيش الإسرائيليّ قبيل فجر اليوم الاثنين أنّه سيواصل مهاجمة حزب الله بقوّة حتّى تدميره وإضعاف قدراته وبنيته العسكريّة، وكان قد أعلن مساء أمس أنه هاجم 120 هدفًا للحزب في جنوب وعمق لبنان.

وأغار الجيش الإسرائيليّ على عددٍ من البلدات والقرى في البقاع، منفذًا سلسلة من الغارات استهدفت تمنين، قصرنبا، شعت، أبلح، سهل نيحا، يونين، مقنة، والسعيدة، كما استهدفت إحدى الغارات للمرّة الأولى تلة على جانب طريق عيناتا- الأرز، الّتي تصل ما بين البقاع ومحافظة الشمال. ويأتي هذا التطور بعد أن ارتكب الاحتلال الإسرائيلي مجازر أسفرت عن مقتل وإصابة المئات في الجنوب والبقاع، وقد أعلنت وزارة الصحة اللّبنانيّة مقتل 109 أشخاص وإصابة و364 آخرين جراء الغارات الإسرائيليّة على الجنوب والبقاع أمس الأحد. وأسفرت إحدى الغارات على بلدة عين الدلب شرق صيدا بجنوب لبنان عن مقتل 40 شخصًا، كما قُتل 16 شخصًا وأصيب 115 في غارات أخرى على مدينة صور بالجنوب أيضًا. وفي البقاع، تعرضت بلدات عدة في محافظة بعلبك الهرمل لقصف عنيف أمس، مما أسفر عن مقتل 33 شخصًا وإصابة نحو 100.

وكشفت وحدة مخاطر الكوارث في لبنان عن شنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ 216 غارة على مناطق مختلفة من لبنان خلال يوم أمس الأحد، مشيرةً إلى عبور 36 ألفًا و188 سوريًّا و41 ألفًا و307 لبنانيين إلى سوريا منذ 23 أيلول الجاري، في وقتٍ تُحذّر فيه منظمات أمميّة ودوليّة من خطر اندلاع أزمةٍ إنسانيّة تلوح في الأفق.

ضربات الحزب
في غضون ذلك، أعلن حزب الله في وقت مبكر اليوم أنه قصف بالمدفعية قوة مشاة إسرائيلية في موقع الصدح وحقق إصابة مباشرة. وكان الحزب أعلن قبل ذلك استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في مستوطنة شتولا، مؤكدًا تحقيق إصابة مباشرة. من جهته، قال الجيش الإسرائيليّ إنّه اعترض هدفًا جويًّا مشبوهًا اخترق المجال الجويّ الإسرائيلي من لبنان. وكان حزب الله أطلق أمس الأحد صاروخًا باليستيا على مدينة حيفا، مما دفع أكثر من مليون إسرائيليّ نحو الملاجئ. كما أطلق الحزب 4 رشقات صاروخية باتجاه مستوطنات الجليل، مؤكدًا استهداف مواقع عسكرية.

من جهته، قال الجيش الإسرائيليّ إنه يهاجم "منذ ساعات الصباح، من دون توقّف، مخربين من حزب الله، وعشرات الأهداف في لبنان". وذكر في بيان أن العدوان شمل مهاجمة "عشرات الأهداف في أنحاء لبنان، ومن بينها مقرّات، ومستودعات أسلحة، وخلايا مخربين، ومنصات إطلاق، وبنى تحتية عسكرية، ومبان عسكرية". كما تمت "مهاجمة مبنى عسكرياً كان بداخله مخربون في جنوب لبنان"، وفق البيان. وذكر الجيش أنه في ما يتعلّق بصافرات الإنذار الّتي "تم تفعيلها في الشمال، فقد تمّ رصد إطلاق نحو 35 قذيفة صاروخية من لبنان، حيث تم اعتراض بعضها، بينما سقطت أخرى في المنطقة".

المنظمات الدولية: صورة قاتمة
من جهتها، دعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصاديّة والاجتماعيّة لغربي آسيا "الإسكوا" في دراسة مفصّلة تحمل عنوان "الأثر المتعدّد الأبعاد للاعتداءات الإسرائيليّة على لبنان"، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إلى تدخّل دولي عاجل لإنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية، ولاستعادة الاستقرار في المنطقة بما يتماشى والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ورسمت الدراسة صورة قاتمة للخسائر البشريّة. ففي يومٍ واحد فقط، 23 أيلول، قتلت الغارات الجويّة الإسرائيلية 569 شخصًا، وأصابت 1850 آخرين، بمن فيهم 50 طفلًا و94 امرأة، وهو ما يمثل في القرن الحادي والعشرين واحدة من أكثر الخسائر البشرية الناجمة عن غارات جويّة في يومٍ واحد.

وقد دفع ارتفاع عدد الضحايا والمصابين بالنظام الصحي المُنهك أساسًا في لبنان إلى حافة الهاوية. وفي حين تجهد المستشفيات للتكيّف مع الوضع، أدى النزوح الجماعي لأكثر من 200 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، إلى خلق أزمة إنسانية حادة، كما إلى تقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية.

وخلّف الصراع دمارًا هائلًا في اقتصاد لبنان، حيث من المتوقّع أن ترتفع معدّلات الفقر في المناطق الجنوبية بشكل كبير، إذ ستصل نسبة الفقراء إلى 94% في محافظة النبطية و87% في محافظة جنوب لبنان، وهما المنطقتان اللتان عانتا من وطأة الدمار بعد أن تضرر أو دُمّر أكثر من 23 ألف منزل في أرجائهما.
في هذا السياق، قالت الأمينة التنفيذية للإسكوا رولا دشتي إن "هذا النزاع دمّر ليس فقط البنى التحتية، بل أيضًا نسيج المجتمع ذاته. إن تدمير المنازل والمدارس والمرافق الصحية، إلى جانب النزوح الواسع النطاق، يؤدي إلى تآكل رأس المال البشري وشرخ التماسك الاجتماعي". وتضررت قطاعات اقتصادية رئيسية في لبنان بشدة. وقد تتجاوز خسائر قطاع السياحة، شريان الحياة الحيوي، 3 مليارات دولار، في حين قُضي على القطاع الزراعي بسبب استخدام القنابل الفوسفورية الحارقة. وتحذّر الدراسة من أن مثل هذا الاستهداف المنهجي للأصول الزراعية يهدد الأمن الغذائي وسبل العيش في المجتمعات الريفية، مما يعقّد أي جهود للتعافي.
ولفتت الى إن مؤسسات الدولة الهشّة في لبنان تكافح لمواجهة التداعيات. وحذّرت الدراسة من أن الصراع المستمر، إلى جانب تضاؤل الموارد العامة والافتقار إلى الدعم الدولي، يدفع الحكومة نحو انهيار محتمل. كما أن الجهود المبذولة لإدارة الأزمات الإنسانية والتنموية باتت مستنزفة.

ودعت الإسكوا وشركاؤها إلى اتخاذ إجراءات دولية فورية لمنع المزيد من الدمار. واكد دشتي أن إنهاء النزاع ومعالجة أسبابه الجذرية أمرٌ بالغ الأهمية لرفاهية شعوب المنطقة كما لاستقرار المنطقة بأكملها. ودعت الدراسة إلى اتباع نهج منسّق للتعافي وإعادة الإعمار مخصص للمنطقة بدعم من المجتمع الدولي، وذلك لضمان مسار مستدام للمضي قدمًا في المناطق التي مزّقتها الحرب في لبنان. وتختتم الدراسة بأنه مع استمرار العنف، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تدخل دولي سريع وحاسم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها