الأربعاء 2024/07/31

آخر تحديث: 15:58 (بيروت)

حارة حريك بعد الغارة: سيرة الضحايا والناجين وحياة السكان

الأربعاء 2024/07/31
حارة حريك بعد الغارة: سيرة الضحايا والناجين وحياة السكان
عادت بعض العائلات إلى منازلها (مصطىفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

استعاد أهالي ضاحية بيروت الجنوبية مساء يوم أمس، الثلاثاء 30 تموز، ذكريات حرب تموز العام 2006، فالاستهداف الإسرائيلي الأخير لمبنى سكني في منطقة حارة حريك بثلاثة صواريخ أطلقت من مسيرة إسرائيلية عند الساعة السابعة والأربعين دقيقة، أحيا مشاهد القصف والتدمير والنزوح في ذاكرة أهالي المنطقة.

استهداف منطقة أمنية
استهدفت إسرائيل "عمق" حزب الله. هذه العبارة لا تحتاج إلى كثير من الشروحات، فإن منطقة حارة حريك هي منطقة أمنية وحساسة جدًا، فهي مليئة بمراكز حزبية، ويتخذ فيها الكثير من الإجراءات الأمنية خلال الأيام العادية، كما أنها منطقة تعجّ بالسكان وحركة السير كثيفة خلال ساعات النهار، نسبةً لوجود مسجد ومكاتب وعيادات طبية وأبنية ملاصقة لبعضها البعض ومحلات تجارية، ومشفى بهمن. وقد ارتفعت حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيليّة إلى أربعة قتلى، بينهم طفلان، و75 جريحًا.

4 ضحايا و75 جريحًا
وحسب معلومات "المدن" فإن الضحايا هم: الطفلان الشقيقان حسن (10 سنوات) وأميرة فضل الله (6 سنوات)، وكانا يتواجدان في الطابق الثالث من المبنى المستهدف، في زيارة عائلية، وقد حضر الطفل حسن إلى بيت العائلة عند حوالى الساعة السابعة مساءً بعد انتهاء حصة حفظ وتجويد القرآن في مدرسة المبرّات. كما أن جدتهم هي شقيقة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله.

أما الضحية الثالثة فهي السيدة وسيلة بيضون (في منتصف العقد الرابع) وهي من منطقة الشهابية، جنوب لبنان، وهي من سكان مبنى الربيع وكانت متواجدة على الشرفة وأصيبت إصابة بالغة بالرأس أدت إلى مقتلها.

أما الضحية الرابعة فهي سيدة تدعى حنان، وجدت فجر اليوم تحت أنقاض الطابق الثالث ونقلت إلى مستشفى بهمن، ولكنها فارقت الحياة ولم يعرف بعد أي معلومات شخصية عنها.

المبنى المستهدف
وحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدن" فإن المبنى مؤلف من 8 طوابق، وهو مبنى قديم، فيه عيادة الطبية في الطابق الأول، والصواريخ استهدفت الطوابق العليا من المبنى من الجانب الأيسر، وتضرر هذا الجزء من المبنى بشكل كامل، ولم تنته بعد عمليات رفع الأنقاض. ما يعني أن عدد الضحايا قد يرتفع خلال الساعات المقبلة. وأكدت مصادر مطلعة لـ"المدن" "أن عمليات التنقيب مستمرة في مكان الردم ولم يتم العثور بعد على أي أثر للقيادي فؤاد شكر". وقد تم التداول بمعلومات تفيد أن شكر لم يكن وحده داخل الشقة بل كان برفقة شخصين آخرين، ولم يعرف مصيرهما بعد.

وقد فرض عناصر حزب الله منذ لحظة الاستهداف، طوقاً أمنياً على المنطقة ومنعوا وسائل الإعلام من الاقتراب من المبنى المستهدف أو من الدخول إليه، ورفضوا تقديم أي معلومات.

وحسب أهالي المنطقة في حديثهم لـ"المدن"، ففي الدقائق الأولى من الاستهداف، سيطرت حالة من القلق على أهالي المنطقة، فخرجوا من منازلهم بحثًا عن أماكن آمنة أخرى، وعمت الفوضى في الشارع، وتجمعت العشرات من الدراجات النارية بشكل عشوائي، ما دفع بعناصر حزب الله إلى إقفال الشارع وإطلاق الرصاص في الهواء لإبعاد سكان المنطقة والسماح لسيارات فوج الإطفاء من الدخول إلى الشارع. وأقفلت جميع المحال التجارية وأخليت المباني بشكل كامل من السكان الذين قرروا الخروج من الضاحية الجنوبية خوفًا من استهداف ثانٍ.

وفي حديث خاص لـ"المدن" مع السيدة ندى (في العقد الخامس) وهي من سكان المنطقة، أوضحت أنها كانت متواجدة داخل منزلها، وسمعت صوت الانفجار واهتزت جدران منزلها بقوة وتناثر الزجاج على الأرض، ولكنها اعتقدت في الدقائق الأولى أن هذه الأصوات القوية ناتجة عن طائرة إسرائيلية اخترقت جدار الصوت، ليتبين لاحقًا وبعد أن ملأ الغبار الأجواء وتحول الشارع إلى منطقة بيضاء اللون وتصاعدت أعمدة الدخان وتدمرت المباني المجاورة أن إسرائيل استهدفت المبنى المقابل لمنزلها. لافتةً إلى أنها تركت منزلها مساء أمس وانتقلت إلى منزل شقيقتها في بيروت لكنها عادت اليوم لتتفقده.  

مشهدان مختلفان
تعجّ المنطقة حاليًا بعناصر أمنية (مخابرات الجيش اللبناني، عناصر حزب الله، وعشرات الشبان من الدفاع المدني والهيئة الصحية). جالت "المدن" في منطقة حارة حريك، ولكن بين البارحة واليوم اختلف المشهد إلى حدٍ ما.

مساء أمس، عند العاشرة مساءً، سيطرت حالة من الرعب على أهالي المنطقة، وقررت عشرات العائلات إخلاء منازلها في منطقة حارة حريك وشارع الشورى، وخصوصًا في المباني المجاورة لمشفى بهمن، وهي التي تضررت بشكل كبير، لكن اليوم وفي الشارع المقابل للمبنى المستهدف، جميع المحلات التجارية فتحت أبوابها، وعادت بعض العائلات إلى منازلها، أما المباني المتضررة من الاستهداف فهي خالية من السكان بشكل كامل.

في المقلب الآخر، فإن العديد من سكان شارع الشورى فضلوا البقاء في منازلهم مؤكدين أنهم بانتظار قرار حزب الله بإخلاء المنطقة (وهو الأمر المستبعد حاليًا برأيهم)، كما أن بعض العائلات لم يكن أمامها الكثير من الخيارات فقررت البقاء في المنطقة نسبةً لعدم وجود أي أماكن أخرى للإنتقال إليها.

جولة رسمية
وقام وفد وزاري مؤلف من وزير الصناعة جورج بوشكيان، ووزير البيئة، ناصر ياسين، ووزير التربية، عباس الحلبي، ووزير الثقاقة محمد وسام المرتضى، ووزير الأشغال، علي حمية، والنائبان علي عمار وأمين شري بزيارة منطقة حارة حريك والتجول بالقرب من المبنى المستهدف. كما تفقد الأمين العام للهئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، وأفاد أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كلفهم بالقيام بهذه الجولة الأولية لمكان الاستهداف، للاطلاع على الأضرار وتفقد أهالي المنطقة، مؤكدًا أن الأضرار كافة ستكون على عاتق الدولة اللبنانية، ويتم التنسيق مع المعنيين ومن بينهم بلدية حارة حريك بهدف تأمين المواطنين الذين تضررت منارلهم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها