ما جرى يؤكد أن لبنان ساحة مفتوحة، ويراد له أن يتطابق مع الحالة الأمنية والعسكرية المعممة في البلاد، حول التخويف من عمليات إرهابية. فقبل أيام قليلة، أصدر الجيش اللبناني بياناً أفاد فيه أنه ألقى القبض على مجموعة إرهابية، كانت تستعد لتنفيذ عمليات على الأراضي اللبنانية. ومنذ فترة تتحدث التسريبات الأمنية في لبنان عن استعادة بعض المجموعات المتطرفة والمسلحة لنشاطها على الساحة اللبنانية. وهذا ما يدفع الكثيرين إلى نسج المزيد من التحليلات حول استعادة هذه الجهات لنشاطها وعملها غب الطلب ووفق المقتضى.
المثال العراقي
من بين السيناريوهات والتحليلات أيضاً، أن استهداف السفارة يأتي قبل ثلاثة أيام من إجراء قائد الجيش، جوزيف عون، زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية. تلك الزيارة ستكون على درجة من الأهمية وفق المعايير السياسية والعسكرية. إذ أن قائد الجيش ستكون له لقاءات في الكونغرس، ومع مسؤولين عسكريين. وبالتأكيد، سيُبحث معه ملف الجنوب ودور الجيش في ضبط الوضع وتطبيق القرار 1701، وكيفية تعزيز الحضور العسكري من قبل الجيش اللبناني هناك.
هنا سيذهب كثر إلى التحليل بأن ثمة أطرافاً تعارض ذلك. وهذا الاعتراض لا بد له أن يمر من خلال هشاشة الوضع الأمني والعسكري في لبنان، وفي محيط المقرات الديبلوماسية الأساسية، التي أصبحت بنفسها عرضة للاستهداف. وطالما أنه لا قدرة على ضبط هذا الوضع في الداخل، فسيكون هناك صعوبة كبيرة في ضبط الوضع في الجنوب. لذا، لا بد للاتفاق أو التفاوض أن يحصل مع طرف آخر.
على الأرجح أيضاً، أن هناك من سيتذكر الكثير من الاعتداءات على السفارات الأميركية في دول عديدة، وأبرزها العراق. فلطالما تعرضت السفارة الأميركية في بغداد ومحيطها إلى اعتداءات وهجومات، وكان كثر يضعونها في خانة محاولات استدراج التفاوض أو ممارسة الضغط لاستدعاء التفاوض أو تسريعه، أو التهديد بأن أي خلل في العلاقة المرسومة لا بد أن ينعكس اهتزازاً أمنياً يطال السفارة وغيرها من المقرات. علماً أن استهدافات السفارة الأميركية في بغداد كانت تحصل إما بصواريخ أو مسيّرات أو بغيرها من الأسلحة، على الأرجح كلها غير متاحة حالياً في لبنان.
تحليلات كثيرة ستنطلق بانتظار التحقيقات التي قد تحسم وقد لا تحسم الأهداف والدوافع، إلا أن لبنان بلد مشبع بنظرية المؤامرة، وإن كان الأمر مسألة جنائية، سيبقى الشك قائماً بالنسبة إلى كثر، يعتبرون أن "العقل أو اللعب الأمني" قادر دوماً على الابتكار.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها