وأضاف، "ولكن بالمقابل لم تتكوّن الدولة الخاصّة بالفلسطينيّين حتى يومنا هذا. غير أنّ المساعي الدوليّة تطالب بإنشائها في ما يُعرف "بحلّ الدولتين". والكلّ يعلم أنّه شرط أساسيّ لإنهاء الحرب الدائرة على أرض فلسطين. هنا ينتظر من لبنان أن يقوم بدور الوسيط سياسيًّا وديبلوماسيًّا وفقًا لرسالته. فلا يستطيع القيام بهذا الواجب طالما أنّه محروم من رئيس للدولة، وأنّه فقد الحياد بإقحامه في حروب ونزاعات إقليميّة لا يريدها".
وتابع: "بحرمان لبنان من رئيس انكشفت النوايا من خلال نتائج الفراغ: كتحويل لبنان في الممارسة من دولة تفصل الدين عن الدولة إلى دولة دينيّة طائفيّة مذهبيّة، كما نشهد في التعيينات عامّة والقضائيّة خاصّة، حيث أصحاب السلطة يتجاوزونها ويتدخّلون سياسيًّا، ويلغون فصل السلطات خلافًا للدستور، ويعطّلون مسيرة القضاء. فنقول لهم: إرفعوا أيديكم عن القضاء، لكي تسلم العدالة التي هي أساس الملك.
وتابع: "في أزمة الفراغ الرئاسيّ نقتبس من إفتتاحيّة النهار (11 آب 2022) للمرحوم الوزير السابق سجعان قزّي، بعنوان "رئيس الخصوصيّة اللبنانيّة". نقرأ: "إذا كان الميثاقُ الوطنيُّ عَهِدَ بالرئاسةِ إلى مارونيٍّ فليس للاعترافِ بدورِ الموارنةِ في تأسيسِ دولةِ لبنان الحديثةِ فقط، بل لكي يُعزِّزَ هذا الرئيس ـــــ الذي يُفترضُ أن يكونَ شخصيّةً استثنائيّة ــــ المميّزاتِ الحضاريّةَ والديمقراطيّةَ التي تُشكِّلُ الخصوصيّةَ اللبنانيّة. خلافُ ذلك لا قيمةَ لرئيسٍ مارونيٍّ في جُمهوريّةٍ فَقدَت حضارتَها أو أُلحِقَت بخصوصيّاتِ الأنظمةِ الاستبداديّةِ والشموليّةِ القريبة، فلا يَنجح أيُّ رئيسٍ مارونيٍّ في قيادةِ لبنان والحفاظِ على توازناتِه وخصوصيّاتِه ما لم يكن نُخبويًّا ومُعمَّدًا بـــ"مَيْرون" الثقافةِ والفكر، ورئيسًا مارونيًّا يكون في سجلّ الشرف، لا في سجلّ النفوس" ويضيف: "دورُ رئيسِ الجمهوريّةِ الجديد، أن يَسعى إلى إحياءِ القواسمِ المشترَكةِ بين اللبنانيّين إذا كان الأمرُ مُتاحًا بَعد. وأوّلُ تلك القواسم وثيقةُ "فعلِ إيمانٍ وحبّ وولاء" للبنان كوطن نهائيّ لكلّ أبنائه. حتى الآن كلُّ مكوّنٍ لبنانيٍّ رَهَنَ محبتَهُ للبنان بأن يكونَ لبنانُ على قياسِه لا في أن يكونَ هو على قياسِ لبنان. يُخطئ كلُّ مكّونٍ حين يَعتبرُ أن دورَه يَتعزّزُ حين يَحصُل على حِصّةٍ دستوريّةٍ أوسعَ، أو حينَ يُنشِئُ جيشًا مذهبيًّا خاصًّا به. الحقيقةُ أنَّ أدوارَنا الوطنيّةَ تَتعزّز فعليًّا حين يَتّسِعُ دورُ لبنان. فما قيمةُ الأدوارِ والحِصَصِ في دولةٍ ممزَّقةٍ ومُستَضعفَةٍ إلا إذا كان الهدفُ بناءَ "مُجَمَّعاتٍ" لبنانيّةٍ تَخلِفُ الوطنَ الواحد". وهذا ما نرفضه ونحذّر منه".
عودة: غبن المواطنين ونهب أموالهم
من جهته قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران الياس عودة: "إذا نظرنا في هذا البلد إلى حادثة زكا العشار، نجد أنفسنا محاطين بكثيرين ممن يشبهون زكا قبل توبته. عملهم قائم على غبن المواطنين ونهب أموالهم، الأمر الذي بدا واضحا في الموازنة الأخيرة، والضرائب والرسوم التي فرضت على المواطنين دون أن يقابلها تقدمات إجتماعية وصحية، وتحسين في مستوى حياة المواطنين. لقد أمعن المسؤولون في قهر المواطن بالسكوت عن تفجيره والتغاضي عن مفجريه، وتبذير مدخراته، وإيصال البلد إلى الهاوية، وتكريس الفراغ في معظم المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية، واليوم يحاولون شفاء جروح الإقتصاد الوطني، الناتجة عن فشلهم في الإدارة، من جيوب المواطنين، عبر استنزاف ما تبقى فيها من مال قليل يدخرونه لحاجاتهم اليومية، عوض الإنصراف إلى ضبط المرافئ ومنع التهريب ومكافحة الهدر والفساد والتهرب الضريبي وجباية المستحقات".
أضاف: "الدعوة اليوم هي للمسؤولين أولا، أن يتوبوا مثل زكا، ويسعوا إلى رؤية وجه الرب في كل إنسان وضعه الرب تحت رعايتهم، وأن يعملوا جاهدين لإعادة كل فلس إلى صاحبه الحقيقي. بهذا ربما يقدمون حسابا أخف أمام الديان العادل يوم الدينونة. كذلك هم مدعوون إلى التوبة عن أية إساءة قاموا بها تجاه أترابهم وتجاه شعبهم، إن بالفعل أو بالفكر أو بالقول، أو بتشجيع أزلامهم على الأذية أو الإهانة، غير ملتفتين إلى إنسانية الإنسان الذي يذمونه، وإلى الحرية الممنوحة له من الله والتي تكفلها كل الدساتير والأعراف والشرائع. من أولى واجبات الإنسان احترام أخيه الإنسان، وقبوله ولو كان ذا رأي مختلف. بإمكانك محاورته ومحاولة إقناعه أو الإقتناع برأيه. أما أن تشهر بأخ لك، كبيرا كان أو صغيرا، فهذا عمل غير إنساني وغير أخلاقي ومدان. محزن المستوى المتدني الذي بلغه أسلوب التخاطب بين اللبنانيين، خصوصا عبر وسائل التواصل، ومحزن أكثر التعبير بلا ضوابط أخلاقية ووطنية عن حقد دفين في لاوعي من يعبرون، رافضين الآخر وأفكاره ومواقفه فقط لأنها لا تناسبهم، وفارضين أفكارهم ومواقفهم. أين الديمقراطية التي نتغنى بها؟ وأين حرية الرأي والتعبير التي يكفلها الدستور؟".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها