الجمعة 2024/11/29

آخر تحديث: 12:13 (بيروت)

اتفاق جديد وأزمات قديمة: السلاح بين الجيش والشرطة البلدية

الجمعة 2024/11/29
اتفاق جديد وأزمات قديمة: السلاح بين الجيش والشرطة البلدية
تعدّد مقدمة الاتفاق الجهات الأمنية المخولة وحدها حمل السلاح (Getty)
increase حجم الخط decrease
في الشكل، لا يبدو أن شيئاً تغيّر في الخطاب السياسي اللبناني. كأن الحرب لم تمرّ من هنا. كأن الصراع السياسي يدور في 6 تشرين الأول من العام 2023! هي  الأزمة القديمة نفسها التي تتفرع منها كل الأزمات: سلاح حزب الله.
في جوهر الواقع والوقائع هناك اتفاق جديد، فاوض عليه رئيس مجلس النواب مفوضاً من حزب الله، وشاركت فيه و"تبنته" الحكومة اللبنانية ومجلس الوزراء. اتفاق تتكشف يوماً تلو آخر بعض تفاصيله التي لا تحتمل الكثير من "الشطارة" والتذاكي.

عن مقدمة الاتفاق
نصح منسق العلاقات العربية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بولس مسعد، في حديث تلفزيوني، بقراءة مقدمة الاتفاق التي هي جزء لا يتجزأ منه. مشدداً أنه 1701 بلاس (plus).

وقد ورد في تلك المقدمة: "تعهد كل منهما (لبنان وإسرائيل) باتخاذ الخطوات التي تكفل تأمين شروط التوصل إلى تفاهم على حلول دائمة، تترجم من خلال خطوات يلتزم بها الجانبان اللبناني والإسرائيلي لتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، معترفين بأن القرار 1701 يدعو إلى تطبيق كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي التي سبقته، بما في ذلك نزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان، حيث أن الجهات الوحيدة التي يسمح لها بحمل السلاح في لبنان هي: الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك والشرطة البلدية".

نص المقدمة لا يحتمل الاجتهاد. وهو في دخوله بتفصيل تسمية الجهات المخوّلة حمل السلاح في لبنان يؤكد المؤكد ويقطع الطريق على أي محاولة للالتفاف على النص، كمثل قول رئيس مجلس النواب نبيه بري، مثلا، أن القرار 1701 ألغى القرار 1559!

القرار لحزب الله
يمكن فهم محاولة السلطات اللبنانية التخفيف من "جذرية" الاتفاق في ما يتعلق بسلاح حزب الله لاعتبارات كثيرة. فإذا استُحضر حسن النوايا، أمكن القول، بحسب ما يُنقل عن مصدر حكومي، أن السلطة السياسية تحاول امتصاص كل مشاعر الغضب والقهر والتعب الذي تعرض لها حزب الله و"بيئته". وهي تعتبره اليوم "مجروحاً وفي الزاوية"، وبالتالي لا يفيد زيادة الضغط العلني عليه. وكما كانت "الكلمة للميدان" ستكون كذلك في المرحلة المقبلة، ولكن بطريقة معكوسة. وإن أي تحدٍ علني واستفزاز لا يفيد راهناً. والعبرة في تسليم السلاح وسلامة البلد".

لكن الكلمة الفصل هي عند حزب الله وخطواته التالية. فاعتماد "خطاب النصر"، يبقى مفهوماً "معنوياً" في هذه المرحلة ، وفي سياق ما نقل عن المصدر الحكومي؛ وسيكون المحك الفعلي في السلوك والعمل السياسي.

وفي حين تعتبر المعارضة أن "كلام كلّ من النائبين محمد رعد وحسن فضل الله لا يطمئن لجهة الإصرار على التمسك بالسلاح وبمعادلة الشعب والجيش والمقاومة، ترى أن ذلك يؤشر إلى مرحلة صعبة آتية لا يبدو فيها حزب الله قد حسم خيار الالتزام بالمصلحة اللبنانية أولاً وأخيراً".

ولا تجد المعارضة في العودة إلى الأسلوب القديم في التعاطي السياسي من قبل الحزب مدخلاً لاستقرار البلد، خصوصاً إذا أصر حزب الله على استخدام أدوات قديمة في ترميم البيت اللبناني المتهالك. فلم يعد ينفع البحث في استراتيجية دفاعية ولا في الحوار حول السلاح طالما أن الاتفاق كان شديد الوضوح ودخل في تفاصيل تسمية الجهات المخوّلة حمل السلاح في لبنان وصولاً إلى... الشرطة البلدية.

عودة الإبن الضال
مسؤولية حزب الله الأساسية والحاسمة في تقرير مستقبل الاستقرار في البلد لا تلغي مسؤولية معارضيه ولا تلغي خصوصاً مسؤولية الدولة، التي تكثر النظريات في أسباب تصدّعها. وإذا كان الاتفاق شرّع الباب أمام تفكيك بنية حزب الله العسكرية والأمنية، فإن حاضنة الحزب الاجتماعية وبنيته السياسية تحتاج، كما سائر اللبنانيين، إلى الإحساس بالحماية والسند في ظل الدولة حيث لا استهداف ولا استضعاف لأحد. ولا بأس بالمثل الإنجيلي عن "عودة الإبن الضال"، ولو كان طوباوياً أكثر مما تحتمل السياسة اللبنانية، والسياسة عموماً.
فالبديل استنزاف دائم واستيلاد لتوترات وحروب متنوعة الأشكال، وإن كانت نتائجها واحدة يعيش اللبنانيون اليوم بعضاً من وجوهها الكارثية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها